حسم 6% من راتب كلّ معلم لتطبيق التعديلات الجديدة الخاصة بصندوق التعويضات
الخارجون من فلك “الباسيلية” والدور الجديد… من “التيار” وإلى “التيار” يعودون؟
انشقّوا. لا، خرجوا. لا، لا، طُردوا… تعدّدت الأوصاف لحالة واحدة: تياريون خارج التيار العوني. بدأت “الحكاية” منذ اشتدّت عظام جبران باسيل، وأصبح المدلّل لدى الجنرال، حتى بات يظن أن الأرض تدور من حوله ومن حوله وحده، مصاباً بداء “الميغالومانيا” (عبادة الذات): أنا أو لا أحد. انسحب من انسحب، وخرج من خرج، وطُرد من شاء جبران طرده حتى ولو كان ابن شقيق الجنرال (نعيم) أو ابن شقيقته (آلان). وها هو جبران جرجي باسيل يلعب “وان مان شو”. فهل نجح في تنقية تيار عمه من العناصر التي يراها “مسوسة”؟ وهل خرج “المطرودون والمبعدون” وانتهى أمرهم، أم لديهم في الاستحقاقات الآتية مهمّات غير مستحيلة؟
منذ عاد الجنرال ميشال عون إلى البلد من منفاه الباريسي، بانت الصورة “فاقعة”: هو يريد أن يعزف “سولو”. ومنذ حطّ في مطار رفيق الحريري الدولي، بدأ يمارس ما هو على نقيض مضمون “الكتاب البرتقالي” وميثاقه التأسيسي تحت شعاره التقليدي: سيادة، حرية، استقلال. انحرف التيار وانصرف عملياً إلى ثلاثية أخرى هي: شعب، جيش، مقاومة. كل ذلك وهو يعتبر نفسه “أمّ الصبي” عند المسيحيين ومنقذهم والناطق باسمهم، مطوّباً نفسه “بطريرك السياسة” في لبنان.
كثيرون اعترضوا، قلّة في العلن والبقية في الخفاء. ومن جاهروا بذلك بدأوا يتساقطون من على الشجرة العونية. وفي أوائل الأسماء: الياس الزغبي، نعيم عون، زياد عبس، بول أبي حيدر، أنطوان نصرالله، ولحقهم ميشال دو شادرفيان، وحكمت ديب، وماريو عون، وزياد أسود، وشامل روكز، ونديم لطيف، وعصام أبو جمرا، والياس بو صعب، وآلان عون، وسيمون أبي رميا، وإبراهيم كنعان، واللائحة تطول وتطول… حصل هذا تحت ثلاثة مسمّيات: طرد، استقالة، ابتعاد.
حصل ما حصل، وتحقّق للجنرال ما أراد، فحاز لقب رئيس الجمهورية اللبنانية الثالث عشر. عدد 13 يحمل في ذاته الكثير من التشاؤم. بعيداً عن ذلك، اشتدّ “عود” زوج ابنته الأصغر المدلّلة شانتال، وأصبح مع العجز الظاهر على العم ميشال “الآمر الناهي”، ممسكاً منذ العام 2000 بمقبضي السلطة والمال في التيار الوطني الحرّ. شيئاً فشيئاً بدأ يتقدّم إلى الأمام، ومع كل خطوة استبعاد لإسمٍ وتاريخ. ولم ينسَ كثيرون يوم سمّاه نبيه بري، رئيس البرلمان اللبناني، “البرغوت”.
هو يحبّ التفرّد: أنا العارف، أنا القادر، أنا القوي. فلنتركه بحاله. ماذا عمّن خرجوا أو أُبعدوا أو طُردوا؟
“ليس كل طير يؤكل لحمه”. الناشط السياسي – العوني سابقاً – الياس الزغبي خرج من التيار عام 2005 حين استشعر بالملموس أن التيار بدّل جلده وتنكر لمبادئه، وتحول إلى تيار اقتناص الفرص وتحقيق المكاسب مالياً هنا أو سياسياً هناك، ودائماً تحت الشعارات العليا التي يمارس نقيضها. فماذا عن حال من خرجوا أو أُخرجوا من التيار؟
يجيب: “بحسب التقليد السياسي اللبناني وحالات الأحزاب السياسية في لبنان، لم يستطع أي فريق خرج من كنف حزب معيّن تشكيل حالة سياسية قوية أو دائمة أو معتبرة. المنشقّون، سواء طوعاً أو طرداً، لا يستطيعون بحسب التقليد تشكيل حالات قادرة على التنافس الحيوي. وهذا ينطبق على التيار العوني. بعض هذه الحالات ربما تكون ذات حضور مناطقي – كما ابن حارة حريك آلان عون في بعبدا – لكن، في الجوهر، كل من تركوا في الآونة الأخيرة فعلوا ذلك لأسباب إدارية وخلافات تصادمية ومصالح وصراعات وحصص داخل التيار، وليس على أساس خلافات وطنية عميقة. لذلك، قد يصعب عليهم الالتقاء في جسم سياسي جديد خارج رحم التيار العوني.
هذا لا يعني طبعاً عدم وجود تنسيق بين الخارجين من التيار، لكنه لا يرقى إلى مستوى تأسيس حالة سياسية متراصة. لا شكّ أن خروجهم شكّل حالة ضعف داخل التيار ستظهر في الانتخابات في المتن الشمالي وربما في بعبدا، من خلال اقتناص بعض القاعدة التابعة للتيار. وجودهم خارج التيار العوني يضعفه حكماً وحتماً، لكن لا أحد، لا أحد أبداً، حتى مراكز الدراسات، يمكنها منذ الآن تقييم الحالة السياسية التي سيحققها هؤلاء، خصوصاً أنه صعب جداً أن يتحوّلوا معاً إلى جسم سياسي قادر على التنسيق وتحقيق قوة معينة. لا جسم سياسي واضح يجمعهم. ما جمعهم يوم كانوا في التيار هو المصالح، واليوم سيعانون من “اللوزة” (العلة) ذاتها”.
هناك من خرجوا (أو أُخرجوا) من التيار على أساس سياسي وطني عقائدي، وهؤلاء قادرون على تشكيل حالة سياسية جديدة. لكن يبدو أنهم ارتأوا النضال من مواقع أخرى فردية. وهناك من خرجوا (أو أُخرجوا) لخلافات على النفوذ والقرارات التعسفية داخل التيار، وهؤلاء لن يكون سهلاً عليهم الالتقاء في جسم جديد، أقلّه: من سيكون الرأس؟ من سيكون في الصدارة؟ طالما لا أساس عقائدي يجمع، أقله آخر الخارجين من التيار، فما الشيء القادر على جمعهم؟
حكمت ديب – الخارج مبدئياً من التيار – يقاطعنا عند سماعه كلمة “الخارج” بالقول: “أنا لم أخرج منه بل ما زلت أؤيده سياسياً وأنتمي إلى هذا الخط. استقالتي كانت من الكادر التنظيمي، وليس لديّ الآن أي مهمة حزبية تنظيمية، لكني مع التيار وما يقرره، وسأكون إلى جانبه عند أي خطوة مقبلة”.
لم نفهم كثيراً عليه. استقال لكنه لم يستقل. نتجاوز ما قاله ونسأل: هل سنراك في الانتخابات المقبلة مع التيار العوني؟ يجيب: “لم يُؤخذ أي قرار في هذا الشأن بعد، وكل الاحتمالات واردة. القانون يفرض أن لا يكون المرشّح منفرداً، وإذا قررت الترشح فالأقرب إليّ هو التيار الوطني الحرّ”.
لكن، أليس وجودك الممكن في كتلة نيابية واحدة مع التيار يناقض خيار الاستقالة كونه يخضعك إلى موجبات “الكادر التنظيمي”؟ يجيب: “الكادر النيابي يلزمنا طبعاً بخط معيّن في ما يخصّ التشريع والسياسة”. أليس هذا معناه عودتك إلى المربع الأول قبل الاستقالة؟ “إذا بدك هيك… هيك صحيح”.
ماذا عن من كانوا إلى جانبه في التيار واستقالوا أخيراً؟ أليس ممكناً الالتقاء في لائحة موحدة معهم؟ يجيب: “هؤلاء أخطأوا بما فعلوه. غلطتهم استراتيجية. وما كان ضرورياً لهم الوصول إلى هذه الدرجة. إنهم يساهمون في إضعاف حزب موجود قائم ولديه تمثيل شعبي ويُعوَّل عليه في القضايا المصيرية. لم يخرجوا من التيار لسبب سياسي أو وطني. أعتقد أن ما فعلوه كان قصر نظر منهم”.
لكن، ألا يرى أن لديهم حظوظاً في الانتخابات المقبلة بعيداً عن التيار العوني؟ “الناخب هو من سيقرّر في النهاية. لكني أجزم أن القاعدة التي كانوا يمثلونها ستأخذ خيارات أخرى، وسيشهدون انتقاصاً من تأييدهم وشعبيتهم”.
حكمت ديب يغرّد خارج السرب. ماذا عن حراك آخر الخارجين من التيار؟ هل سيلعبون الانتخابات المقبلة “صحّ” ويحققون ما يراه الآخرون شبه مستحيل؟
زياد أسود يكثر من مناجاة الشعر والنثر على مواقع “السوشيال ميديا”، وفي آخر استعاراته من المتنبي نوستالجيا يشعر بها: “ليس حياة الفتى إلا كرامته، ساء الذليل مقاماً أينما نزلا”. فلنتركه بحاله. ماذا عن الرباعي: إبراهيم كنعان، والياس بو صعب، وآلان عون، وسيمون أبي رميا؟
يتحدث الياس الزغبي عن “محاولات من داخل التيار لاستيعاب الخارجين منه واحتوائهم قبيل الانتخابات المقبلة كي لا يقيموا تحالفات مع الخصوم. فآخر الخارجين لأسباب غير عقائدية من التيار صعب عليهم أن يشكلوا معاً قوة سياسية جديدة، مهما كانوا قد أنجزوا من خدمات. فالخدمات وحدها في لبنان لا تشكل حالة خرق. هؤلاء يحتاجون إلى تشكيل سياسي موجود ينخرطون فيه. فهل يكون التيار العوني مجدداً الخيار الانتخابي؟”.
هل تتصورون أن يحاول التيار العوني استرضاء من خرجوا (أو أُخرجوا) منه في الانتخابات النيابية المقبلة؟ نحن في لبنان، حيث لا مستحيل.
في كل حال، على وقع طنين طائرات “أم ك” في سماء لبنان، ينغلق الجميع استعداداً للاستحقاقات المقبلة وأبرزها الانتخابات النيابية. والأمر الثابت الوحيد هو أن الطريق تبقى طويلة جداً أمام آخر الخارجين من التيار العوني إلى تكوين قوة وطنية مؤثرة قادرة على الخرق. وكل البقية ستشكّل التفاصيل المقبلة.
ليبانون ديبايت” - نوال نصر
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|