الشرع يلتقي قائد "قسد": تثبيت التهدئة بدل التوصل إلى حلول
شهدت دمشق يوم الإثنين، أول من أمس، حراكا دبلوماسيا لافتا كان قد تمثل بزيارة وفد من الكونغرس الأميركي برئاسة المبعوث توم باراك، وبعيد لقاء الأخير بالرئيس السوري عبر جو ويلسون، أحد أعضاء الوفد، في تغريدة له على منصة «X» عن سروره بذلك اللقاء وأضاف «ناقشنا معا مستقبل سوريا المشرق والمزدهر والمستقر»، وأضاف «حان الوقت لإلغاء كامل لقانون قيصر، وكأولوية لإدارة الرئيس ترامب أؤكد التزامي الثابت بتحقيق هذا الهدف الذي يحظى بإجماع الحزبين»، وقد قال بيان لوزارة الخارجية السورية صدر في أعقاب اللقاء إن «وفد الكونغرس الأميركي أكد للرئيس الشرع دعمه لرفع العقوبات»، وأضاف إن «الوفد شدد على إلغاء قانون قيصر بنهاية عام 2025»، وقد جاء ذلك بالتزامن مع إعلان وزارة الخزانة الأميركية عن «إزالة لوائح العقوبات المفروضة على سوريا من مدونة القوانين الفيدرالية»، الأمر الذي وصفه فاروق بلال، رئيس «المجلس السوري الأميركي» بإنه «ليس مجرد رفع للعقوبات، بل إلغاء شامل لها من القانون الأميركي»، وقد التقى الوفد الأميركي بعدها بمظلوم عبدي، قائد «قوات سوريا الديمقراطية - قسد»، في دمشق التي وصلها الأخير مساء، أما جين شاهين، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية التابعة للكونغرس الأميركي، فقد عقدت سلسلة لقاءات مع قيادات دينية من مختلف الأعراق والأديان، وكذا مع ممثلين عن «المجتمع المدني»، كما حضرت مؤتمرا للحوار والسلام كان قد عقد في أحد الأديرة المسيحية، والمؤكد هو إن هذه اللقاءات تندرج في سياق «تجميلي» لا أكثر، أما المرامي كلها فتصب باتجاه تحقيق اختراق على طريق دمشق - القامشلي، الذي إن حصل، أمكن وقف تساقط «أحجار الدومينو« الذي شهد قبل يومين «فصلا» مقلقا في السويداء كان قد تمثل بدعوة الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية، «الدول والشعوب الحرة بالوقوف إلى جانب الطائفة ودعمها لإعلان إقليم منفصل».
لقاء الشرع مع عبدي، المفترض انعقاده في وقت متأخر من هذا اليوم الثلاثاء، هو الرابع بين الرجلين، والمؤكد هو إن اللقاءات الأربعة كلها كانت قد حصلت بـ«دفع» أميركي بدا على نحو صارخ في الثالث، الذي نتج عنه اتفاق «10 آذار»، فقبله بيومين فقط كان الجنرال مايكل كوريللا، قائد القيادة المركزية الإميركية، قد زار مناطق شرق الفرات والتقى عبدي، وقد كان من الواضح حجم الضغط الذي تعرض له، هذا الأخير، حين رد على سؤال وجهته له مجلة «المجلة» حول إذا ما كان «قلقا من خيانة أميركية؟»، رد عبدي بالقول «أنا متفائل، وأتمنى ألا يحصل ذلك»، لكن «الإدارة الذاتية» التي أبدت «شكوكها» حيال جدوى ذلك الإتفاق، وانعكاساته المباشرة والبعيدة على تجربتها القائمة منذ عشر سنوات، أقله منذ لقاء الشرع - ترامب الذي جرى في الرياض 14 أيار الفائت، وما تلاه من تصريحات لهذا الأخير، لكنها بدت «مضطرة» لمغادرة الحالة السابقة بعيد أحداث آذار في الساحل، وتموز في السويداء، والقول بإن ما جرى فيهما يوجب على قيادتها «التريث أكثر ريثما ينجلي الضباب»، وفقا لما صرح به مسؤول رفيع فيها بعيد أحداث السويداء، ولربما شعرت هذي الأخيرة، أي «الإدارة الذاتية»، بشعور مفاده أن تلك الأحداث قد عززت مطالبها الرامية إلى قيام نظام «لا مركزي»، يبدو كفيلا بالوصول إلى حالة الإستقرار المنشودة، أقله وفق منظورها الذي شاركها الرؤية فيه غالبية ساحقة من الدروز، وشرائح من العلويين يصعب تحديدها حجمها الآن.
من الصعب في ظل المعطيات الراهنة القول بإن اجتماع 26 آب سيكون أفضل من سابقه الذي جرى يوم 9 تموز الفائت، وضم الثلاثي نفسه، الشرع وعبدي وباراك، فالعوائق التي حالت، في الإجتماع الأخير، أمام الوصول إلى صيغة تقضي بدمج «قسد» ضمن وزارة الدفاع السورية، وكذا مؤسسات «الإدارة الذاتية» داخل بنيان الدولة، وفقا لما قضى به «اتفاق 10 آذار»، لا تزال قائمة اليوم، ولا فارق إلا شيئ واحد هو تزايد الصغوط الإميركية عن تلك التي سبقتها، ولربما تحسب الإثنان، «قسد» و «الإدارة الذاتية»، لـ«يوم» من هذا النوع، الأمر الذي يفسر مد جسورهما بقوة نحو موسكو، وعلى الرغم من إن تلك الجسور كانت قائمة في السابق إلا إنها توسعها، ما بعد أيار الفائت، بدا بدرجة لا تقاس بتلك التي سبقتها، بل والفعل إياه جرى صوب أنقرة، التي أوصدت أبوابها سريعا، في مؤشر يؤكد على إن نظرتها إلى تجربة الأكراد في الشرق السوري تختلف جذريا عن تجربتهم في شمال العراق، وإنها لن ترضى باستنساخ تجربة هذا الأخير في سوريا لاعتبارات أبرزها إن الأولى، العراقية، قادها حزبان لا يتبنيان ايدلوجيا عابرة للحدود، في حين يتبني حزب «الإتحاد الديمقراطي» في سوريا، والذي تقول أنقرة بإنه امتداد لحزب «العمال الكردستاني»، تلك الإديولوجيا بشكل صارخ حتى ولو اضطر إلى التواري وراء «التقية»، كما يفعل الآن وفقا للمنظور التركي.
الراجح إن اللقاء «تهدوي»، وللقول بإن الطرفين ملتزمان بالحوار سبيلا إلى حل «سوء الفهم» الحاصل حول كيفية تطبيق «اتفاق آذار»، الذي سيؤكد الطرفان على مرجعيته من دون شك، لكن من المستبعد الوصول إلى صيغة» قابلة للتطبيق» في ظل الظروف الراهنة، فـ«قسد» لا تزال ترقب باهتمام تطورات السويداء، بمحطتيها البارزتين يوم 5 آب، الذي شهد تظاهرة «حق تقرير المصير» في ساحة «الكرامة»، و23 آب، الذي شهد الإعلان عن تأسيس «الحرس الوطني» فيها، فالمواقف الإقليمية والدولية من حولهما لم تتبلور بعد، بل المشهد ماض في ضبابية تتعذر معها «الرؤيا» لأبعد من طول اليد التي تستخدم عادة لتحسس «الطريق» في ظل هكذا ظروف، فإذا ما كان وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد قال «سنبقى في جبل الشيخ من أجل حماية أمننا، وحماية الدروز»، فإن «هيئة البث الإسرائيلية» قالت، نقلا عن مصادر اسرائيلية، إن «مسؤولين أميركان أبلغوا السوريين أن اسرائيل لا تدعم حكما ذاتيا للدروز في سوريا».
غبد المنعم علي عيسى-الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|