الحملات على سلام: اختبار قوّة قد يُعيد رسم توازنات الساحة السنية
نعيم قاسم يتعلّم الإنكليزية
يتذكر كثيرون حماسة الأمين العام لـ"حزب الله" الراحل السيد حسن نصرالله لمشروع الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل. وأطل نصرالله في إحدى المناسبات عندما كان وصل المشروع إلى خواتيمه الإيجابية ليعلن أن لبنان سيخرج من أزمته المالية التي انحدر إليها عام 2019 وحوّلته إلى بلد مفلس. وبدا نصرالله مقتنعًا في ذلك الوقت أن العداء التاريخي لإسرائيل شيء، وتحقيق مصالح لبنان، ولو جاء عن طريق اتفاقات غير مباشرة مع هذا العدو، شيء آخر.
غادر نصرالله الدنيا قبل نحو 11 شهرًا ولم يتحقق حلم الوصول إلى ازدهار في الجنوب في ظل نفوذ "الحزب" وترسانته العسكرية. وخلفه في المنصب الشيخ نعيم قاسم الذي يخوض الآن صراعًا مريرًا من أجل إبطال قرار الحكومة حصر السلاح. لكن تجربة الترسيم البحري التي خسرها نصرالله قد تعوّض بتجربة جديدة يطرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. فقد ذكرت الأنباء أمس حول فكرة إنشاء ما يُسمّى بـ"منطقة ترامب الاقتصادية" في جنوب لبنان وهي جزء من الخطة الأميركية الأوسع لفرض معادلة جديدة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، تقوم على تفكيك السلاح غير الشرعي مقابل ضخّ استثمارات كبرى في البنية التحتية والتنمية.
ووفق هذه الأنباء، تمّ التوافق على خطوطها العريضة في اجتماعات باريس بين السفير توم برّاك، مورغان أورتاغوس، والوزير الإسرائيلي رون ديرمر.
يعود إلى الأذهان ما صرّح به قبل أسابيع المبعوث الرئاسي الأميركي برّاك من أن سياسة "العصا والجزرة" هي المعوّل عليها من أجل إقناع سكان جنوب لبنان بالتعاون مع الوقائع الجديدة. وكان برّاك يقصد بشكل غير مباشر "حزب الله" الذي يعوّل عليه من أجل أن يتعاون مع الأفكار الأميركية الجديدة.
تزامنت هذه الأنباء مع موقف أعلنه أمس رئيس الجمهورية جوزاف عون خلال استقباله، عضو الكونغرس الأميركي دارين لحود بحضور السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون والوفد المرافق. وخلال الإشارة إلى الورقة الأميركية المطروحة لإنهاء النزاع بين لبنان وإسرائيل قال الرئيس عون: "لبنان بانتظار ما سيحمله السفير برّاك والسيدة مورغان أورتاغوس من ردّ إسرائيلي على ورقة المقترحات ولم يتبلغ رسمياً أي شيء ممّا تمّ تداوله في الإعلام حول نية إسرائيل إقامة منطقة عازلة في الجنوب".
يصل إلى بيروت غدًا الموفدان برّاك واورتاغوس. وسيطلّ في اليوم نفسه الشيخ نعيم قاسم ليتكلّم في إحدى المناسبات. سيكون جديرًا بالاهتمام ملاحظة أي تغيير في الكلام على ضفتيّ الولايات المتحدة الأميركية و"حزب الله" . وينطلق الاهتمام من أن الاستمرار في إعلان الموقف نفسه هو من قبيل إضاعة الوقت من غير طائل. ويعتبر مراقبون أن الكلام الأميركي عن استثمارات في الجنوب المدمّر يختلف عن مبادرة سبق للرئيس ترامب أن طرحها سابقًا في غزة بإنشاء مثيل للريفييرا الفرنسية لكن على أساس إخلائها من سكانها، الأمر الذي أطاح بالمبادرة ولم يعد أحد يتحدث عنها حتى الآن. أما في الجنوب، فكل ما يطرح هو على أساس بقاء السكان في أرضهم كما كان الحال مع الترسيم البحري.
يبدأ الامر بفكرة التي قد يقيض لها أن تصبح حقيقة. لا يعني ذلك تجاهل ما تتضمنه "منطقة ترامب الاقتصادية" من تفكيك السلاح غير الشرعي الذي يعني سلاح "حزب الله". فقد اعتبر "الحزب" بلسان قاسم وسائر قادته أن سلاح هذا التنظيم يصل إلى مرتبة سلاح "الله". فكيف يمكن التعامل مع هذه المعضلة التي تواجه الحكومة عندما تقرّر الذهاب إلى ما قرّرته في 5 و7 آب في جلستين لمجلس الوزراء؟
يعلم "حزب الله" ومن ورائه ايران أن احتفاظ "الحزب" بما تبقى من سلاح بعد الحرب الأخيرة هي مسألة وقت. وسيكون مصير السلاح شبيهًا بمصير القسم الأكبر منه الذي دمرته إسرائيل واغتالت معه نصرالله وأهم قيادات "الحزب" العام الماضي. ويطرح قرار الحكومة بديلًا ألا وهو تسليم ما بقي من سلاح إلى الجيش اللبناني.
ماذا لو وجدت فرصة لبقاء هذا السلاح ليس على أساس قتال إسرائيل وإنما من أجل مواكبة مشروع ترامب الاستثماري؟
يبدو هذا السؤال الافتراضي حتى الآن قريب المنال، مثلما كان الحال في انخراط نصرالله في مشروع الترسيم البحري إلى حدّ أنّه خاطب المبعوث الرئاسي الأميركي السابق آموس هوكستين بلقب "السيد".
يقول أحد الخبراء أن نزع سلاح "الحزب" يمكن تحقيقه "من خلال التزام الولايات المتحدة أو فتح قنوات اتصال أخرى". وقصد الخبير بـ"قنوات اتصال أخرى" ايران. وينطوي تاريخ المنطقة على أمثلة عدة حول وجود وسائل غير الحروب من أجل إنهاء النزاعات.
ماذا لو تحقق احتمال التسوية الاقتصادية في الجنوب؟ عندئذ سيكون الشيخ نعيم قاسم مهتمًا بتعلّم الإنكليزية كي يواكب مباشرة مسار التسوية.
أحمد عياش-نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|