الصحافة

هل يحصل سلام على مظلّة أمان فرنسيّة؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ما بين عدم التزام الموفد الأميركي توم براك بتقديم أي ضمانات لوقف العدوان الإسرائيلي، طالما أن لبنان لم يتعهد بأي موعد لتسليم سلاح «حزب الله»، وما بين إصرار الأخير على عدم تسليم سلاحه حتى ولو انسحبت إسرائيل من لبنان، فإن الأمور تبدو ذاهبة إلى مزيد من التعقيد، توازياً مع إطلاق براك تحذيرات من مغبة أن يضيّع لبنان الفرصة المتاحة أمامه، باتخاذ القرار الذي يَصبُّ في مصلحته، من خلال إيجاد الحل المناسب للسلاح غير الشرعي. وفي لغة دبلوماسية هادئة، لم يُخفِ الموفد الأميركي قلقه من المستقبل في حال بقي الوضع اللبناني على ما هو عليه. في إشارته إلى أنه لا يعلم ماذا ستكون النهاية. وهذا مؤشر برأي مصادر دبلوماسية، إلى أن الرجل لم يستطع إحداث أي خرق في جدار ملف السلاح، طالما أنه لم يحصل على موعد بشأنه، باستثناء ما بات معلوماً بأن الحكومة أخذت قراراً نهائياً بحسم ملف السلاح، وببسط سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية. وإذ شدَّد براك على أن الخيارات أمام لبنان تضيق في موضوع السلاح، فإنه اعتبر أن هذا الملف بات عبئاً ثقيلاً على لبنان، وآن الأوان لوضعه على سكة الحل. وهذا ما يجب على المسؤولين اللبنانيين أن يجدوا الطريقة المناسبة لمعالجته، في إطار زمني محدد، سيما وأن هناك اهتماماً دولياً بهذا الأمر، ولن يكون لبنان بمنأى عن تداعيات لن تكون في مصلحته في حال بقي الوضع على ما هو عليه. 

وفي حين بقي الموقف الأميركي ثابتاً لناحية الاستعداد لمساعدة الجيش اللبناني على القيام بالمهام المطلوبة منه، في إطار تسلم زمام الأمن على طول مساحة لبنان، بعد حل أزمة السلاح غير الشرعي، فإن تصلُّب «حزب الله» بخصوص هذا الملف، ورفضه الالتزام بأي موعد لتسليم سلاحه، يؤكدان بما لا يقبل الجدل، أن العامل الخارجي يُرخي بثقله على هذا الملف. ما يعني بوضوح أن سلاح «الحزب» ما زال مرتبطاً بالخارج، وتحديداً بالقرار الإيراني. ولا يبدو أن إيران التي تعرضت لضربات أميركية وإسرائيلية مدمرة، في وارد الاستعداد لرفع الغطاء عن سلاح «حزب الله».وبالتالي لا يمكن لـ«الحزب» أن يفرِّط بسلاحه، في حال لم يكن الجو الإيراني مؤاتياً. أي أن من يتخذ القرار بشأن سلاح «حزب الله»، هم الإيرانيون وحدهم. وهذا سيعيد وضع الأمور على طاولة المفاوضات بين الإيرانيين والأميركيين، بصرف النظر عن القرار الذي اتخذه لبنان الرسمي بهذا الخصوص، لناحية تأكيده أن الدولة ستصادر كل السلاح غير الشرعي. وهنا تكبر الخشية من تصعيد قد لا يبدو بعيداً، في حال نفض الأميركيون يدهم من الملف اللبناني، ما يُعطي إسرائيل مبرراً للانقضاض مجدداً على لبنان، لاستكمال حربها على «حزب الله» والدولة اللبنانية.

وفيما تتجه الأنظار إلى ما سيجري من مفاوضات بين إسرائيل وسوريا برعاية أميركية، يتوقع أن يستقطب لبنان مزيداً من الحراك العربي والدولي في لحظة إقليمية بالغة الدقة، ينتظر أن تفرض انعكاساتها على الأوضاع الداخلية بشكل أو بآخر. وفيما ينصب الاهتمام الخارجي على تجنيب لبنان، أي ردات فعل في ما يتصل بأي تلكؤ في موضوع السلاح، فإن الحراك الدبلوماسي ما زال يركز على تأمين مظلة أمان للبنان، من خلال توطيد دعائم علاقاته السياسية والاقتصادية مع الأشقاء العرب والمجتمع الدولي. وهذا ما أكد عليه رئيس الجمهورية جوزاف عون من البحرين، بأن لبنان بأمسّ الحاجة إلى استثمارات خارجية تقوم على أسس من الثقة المتبادلة، مؤكداً في الوقت نفسه، أن «الاستقرار السياسي والتفاهمات الإقليمية والدولية هي ركيزة أساسية لأي خطة نهوض اقتصادي في لبنان»، ومشدداً على أن الإرادة الوطنية لا تزال حاضرة لحماية ما تبقَّى من المؤسسات وإطلاق مسار إصلاحي حقيقي بالتعاون مع الأشقاء العرب. وهذا يعكس حقيقة الموقف الرسمي اللبناني في تعزيز التواصل مع الدول العربية، بالنظر إلى دورها الأساسي في توفير الدعم اللازم لمسيرة العهد.

وتشهد باريس، اليوم، محطة لافتة تتمثل باستقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لرئيس الحكومة نواف سلام في قصر الاليزيه، في وقت أنهى الموفد الأميركي براك زيارة للبنان دامت ثلاثة أيام، حيث تسلَّم خلالها الرد اللبناني على الملاحظات الأميركية، عقب الرد الأول على الورقة التي ترسم خارطة طريق لحل أميركي افتراضي للصراع بين لبنان وإسرائيل، إضافة إلى مطالب أميركية حاسمة بشأن تسليم السلاح والقيام بالإصلاحات الاقتصادية. وفيما يرتقب أن يرعى براك في العاصمة الفرنسية اجتماعاً إسرائيلياً سورياً، أشارت المعلومات إلى أن لقاء ماكرون وسلام، سيتطرق إلى جملة من الملفات، في مقدمها الحصول على دعم فرنسي لمنع أي عدوان إسرائيلي جديد. كذلك البحث في الإصلاحات الاقتصادية والمصرفية، والمساعدات، والمؤتمر الذي تحاول فرنسا عقده لإعادة الإعمار في الخريف المقبل، في ظل حديث عن تراجع الحماسة الفرنسية لعقده، باعتبار أن لبنان لم يفِ بعد بجميع التزاماته الإصلاحية. كما عُلم أن موضوع التمديد لليونيفيل سيأخذ حيِّزاً من النقاش، في ظل حديث متزايد عن رغبة أميركية بدفع إسرائيلي، لعدم التجديد لـ«يونيفيل».

وإزاء كل ما يجري من حول لبنان، فإن المسؤولين يقابلون الضغوطات الخارجية، بضرورة التعامل معها بكثير من الحرص على وحدة الموقف الداخلي في مواجهة الاستحقاقات الداهمة، بما يعزز وحدة القرار الداخلي في مواجهة هذه الضغوطات على مختلف المستويات. ومع رفع مستوى التنسيق والتواصل بين أركان القيادة السياسية، فإن لبنان يرى في إصرار العهد والحكومة على استكمال الخطوات الآيلة إلى تثبيت دعائم المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية، والالتزام بالبرنامج الإصلاحي التي تم وضعه، الرد العملي والمنطقي على ما يتعرض إليه لبنان من ضغوطات خارجية، سيما ما يتعلق بموضوع السلاح، بانتظار اتضاح الصورة الإقليمية القاتمة. رغم الدعوات الداخلية والخارجية، لوضع اليد على السلاح غير الشرعي، بصرف النظر عما يجري في الإقليم، سيما وأن المرحلة المقبلة مليئة بالتحديات التي بدأت تُرخي بثقلها على الوضع الداخلي، وهذا ما يتطلب جهوداً استثنائية من جانب الحكومة لمعالجة الكثير من الملفات الضاغطة.

عمر البردان
اللواء

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا