تعديل قانون الانتخاب.. الثنائي الشيعي يحمي "هندسة النفوذ الإيراني" في لبنان
منذ أن تبلورت معالم المواجهة البرلمانية الأخيرة حول قانون الانتخاب، بدا أن الخلاف الدائر يمسّ مباشرةً بنية النفوذ السياسي في لبنان، ولا سيما ذلك الممسوك من قبل الثنائي الشيعي. فالاعتراض المتكرّر لـ"حزب الله" و"حركة أمل" على أي نقاشٍ جدي حول إدخال تعديلات على القانون المعمول به منذ العام 2017، يبدو أنه ينبع من خشيةٍ كامنة من اختلال توازنٍ سياسي دقيق، أُحكم بناؤه خلال سنوات ما بعد الانسحاب السوري وحضور النفوذ الإيراني بشكل مباشر، وتحديدًا عبر هندسة انتخابية ضامنة لاستمرار تمثيلٍ مغلق في الدوائر الشيعية، واستقرار ميزان القوى داخل البرلمان بما لا يُربك تموضع حلفاء طهران.
وليس هذا الرفض حدثًا معزولًا عن السياق الإقليمي المشحون، بل هو امتدادٌ عضوي لمعادلةٍ تتكرّر في أكثر من ساحةٍ تدور في فلك إيران، حيث تتحوّل قوانين الانتخابات، في بغداد كما في بيروت، إلى أدوات لإحكام السيطرة الناعمة على المؤسسات.
هذا ما حدث تحديدًا مع قانون العام 2017، الذي جرى تفصيله على نحوٍ يتيح للثنائي الشيعي تثبيت سيطرته على المقاعد الشيعية جميعها تقريبًا، من خلال توزيع الدوائر وتحديد الصوت التفضيلي، في ما يشبه آلية "احتواء انتخابي" تُحكم القبضة فيها من دون الحاجة إلى خوض معارك مباشرة أو مكلفة. وقد بدا أن هذا القانون كُتب لضمان استمرار ميزان قوى لا يتبدّل، حتى ولو تغيّرت المزاجات أو تبدّلت الأولويات، أو ظهرت كتل إصلاحية مستقلة تسعى لتغيير المعادلة من داخلها.
ومع ارتفاع مطالب الكتل الإصلاحية بتوسيع تصويت المغتربين ليشمل كامل مقاعد البرلمان، وليس المقاعد الستة المخصَّصة لهم كما ينص القانون الحالي، جاء الرفض السريع من جانب حزب الله وحركة أمل، بحججٍ أمنية وتنظيمية لا تصمد أمام الاختبار العملي، خاصةً أن الانتخابات الأخيرة أثبتت أن العملية ممكنة وفاعلة وذات أثر مباشر على توازنات الداخل. لكن القراءة الأعمق تشير إلى أن الثنائي الشيعي، على ما يبدو، يخشى تصاعد صوتٍ معارض من بيئته، يصعد من خارج دائرة الضبط الاجتماعي، ويفلت من يد منظومة الزبائنية التي تُحكم سيطرتها داخل الجنوب والبقاع والضاحية، عبر شبكات المصالح والخدمات والولاء.
التعديل الممنوع
وكشف مصدر سياسي لبناني رفيع لـ"إرم نيوز" أن "حزب الله يعتمد منذ أسابيع سياسة مدروسة لتعطيل أي نقاش جدي داخل اللجان النيابية حول تعديل قانون الانتخاب، سواء ما يتعلّق بتوسيع تمثيل المغتربين أو بإعادة النظر في توزيع الدوائر"، معتبرًا أن "الهدف غير المعلن هو الحفاظ على صيغة القانون الحالي الذي يؤمّن سيطرة شبه كاملة للثنائي الشيعي داخل الدوائر التي يخضع لها نفوذهما السياسي والأمني".
وبيّن المصدر أن "الحزب ينظر بعين الريبة إلى أي محاولة لتعديل البنية الانتخابية القائمة، خصوصًا في ظل صعود بعض الأصوات المستقلة من داخل البيئة الشيعية، وتزايد المشاركة المتوقعة للمغتربين الذين لا يخضعون عمليًا لخطابه التعبوي"، مضيفًا أن "الخشية الحقيقية داخل الحزب تتعلّق بفتح فجوات في جدار التمثيل الشيعي الحصري، وهو ما تعتبره قيادة الحزب تهديدًا استراتيجيًا وليس مجرد خطر انتخابي عابر".
وأكد أن الدور الإيراني في لبنان اتسع خلال السنوات الأخيرة ليشمل مفاصل مرتبطة بالبنية التشريعية والإدارية، من خلال تكريس منظومة نفوذ تُؤثّر على مسار المؤسسات العامة، سواء بشكل مباشر أو عبر حلفاء سياسيين دائمين.
وأوضح أن موقف "حزب الله" من أي محاولة لتعديل قانون الانتخاب يعكس مقاربةً تتجاوز الشأن الداخلي، حيث يبدو أن الحفاظ على القانون بشكله الحالي يخدم مصلحة شبكة سياسية مرتبطة بتحالفات إقليمية أكثر مما يخدم الحاجة الوطنية لإصلاح تمثيلي حقيقي.
وأضاف أن إيران لا تتدخل بالمعنى الكلاسيكي المباشر، لكنها راكمت خلال العقدين الأخيرين علاقاتٍ منتظمة مع قوى سياسية لبنانية تُسهم في التأثير على التوازنات داخل البرلمان، وهو ما يجعل بعض الاستحقاقات الكبرى، كقانون الانتخاب أو التعيينات أو النقاشات الاقتصادية، تمر أحيانًا عبر حسابات خارجية قبل أن تُقرَّر محليًا.
تعطيل محسوب وتوازنات خارجية
وأشار المصدر لـ"إرم نيوز" إلى أن "من الملاحظ في الفترة الأخيرة، خصوصًا مع اقتراب الاستحقاق النيابي، أن هناك سعيًا لشراء الوقت وتجميد النقاش حول أي إصلاح انتخابي جدي، بانتظار أن تتضح التوازنات الإقليمية وتُحسم الملفات العالقة في المنطقة"، معتبرًا أن "هذا السلوك يعبّر عن قناعة داخل بعض القوى بأن المعركة داخل لبنان لا تُحسم محليًا، وإنما تُدار من موقع مرتبط بتحالفات أوسع".
ولفت إلى أن "حركة أمل تتماهى حاليًا مع مقاربة حزب الله من باب الحفاظ على التوازن الداخلي داخل الطائفة"، لكن مصادر برلمانية تؤكد أن هناك تباينًا في المقاربة، إذ تميل "أمل" إلى تأجيل النقاش، بينما يتجه "حزب الله" إلى إفشاله تمامًا عبر الضغط على حلفائه داخل اللجان لتعطيل النصاب أو تسويف الملفات.
وكشف المصدر السياسي أن النقاشات الداخلية التي شهدتها بعض اللقاءات السياسية المغلقة في الأسابيع الأخيرة "أظهرت انزعاجًا متزايدًا من سلوك حزب الله داخل البرلمان"، مشيرًا إلى أن "الانطباع السائد لدى هذه الأطراف هو أن الثنائي الشيعي لم يعد يتعامل مع مجلس النواب كمؤسسة تشريعية، بل كجهاز ضبط إيقاع يَحول دون أي تعديل يهدّد هندسة النفوذ التي أرستها إيران داخل لبنان منذ ما بعد 2005".
وشدّد على أن "استقرار لبنان لا يمكن أن يُبنى على ديمومة معادلات قائمة على تفوّق سياسي لطرف واحد يستند إلى دعم إقليمي ثابت، مهما كانت حججه التعبوية أو مشروعية تمثيله داخل طائفته"، مضيفًا أن "الضمانة الحقيقية لأي طائفة أو مكوّن سياسي في لبنان اليوم تتمثل من خلال بناء منظومة تمثيل تعددي، تسمح بالتنافس السلمي وتحدّ من توظيف الخارج في الداخل".
وختم المصدر بالقول إن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيدًا سياسيًا ناعمًا من قِبل القوى الإصلاحية داخل البرلمان لمحاصرة الثنائي من بوابة قانون الانتخاب، في موازاة تزايد الرهان على دور خارجي يربط أي دعم اقتصادي للبنان بإجراء إصلاحات حقيقية في المنظومة الانتخابية، بما يشمل إعادة توزيع الدوائر، وتعزيز الاستقلالية الإدارية لهيئة الإشراف، وتأمين مشاركة أوسع للمغتربين، وهو ما يرفضه "حزب الله" بشكل قاطع تحت عنوان الحفاظ على التوازن الطائفي، لكنه في الجوهر تمسّك بمنظومة تمثيلية مفصّلة على قياس سطوته السياسية والأمنية.
ماذا يخشى محور طهران؟
ومنذ إقرار قانون 2017، تعامل "حزب الله" و"حركة أمل" مع النص الانتخابي كجدار يحول دون تشكّل معارضة داخلية حقيقية في مناطقهما، حيث تم تفصيل القانون ليخدم فكرة التمثيل المحسوب سلفًا، مع مراعاة دقة توزيع الصوت التفضيلي وتمييع الدوائر المختلطة بما لا يسمح بولادة منافسين جديين.
هذا التوجّه ينسجم ضمنيًا مع استراتيجية إقليمية أوسع تقضي بتحويل البرلمانات إلى فضاء محكوم بولاءٍ مؤسساتي للنفوذ الإيراني، من بيروت إلى بغداد. بمعنى آخر، فالأمر ينطلق من مطامع إيران في كيفية سيطرتها وحفاظها على البنية التي تضمن لطهران وكلاء محليين يتحكّمون بنبض القرار السياسي، ولو من داخل قوالب قانونية تبدو شرعية.
ولا يمكن فصل هذه المعركة البرلمانية عن المشهد الإقليمي المحتدم، فبعد تصعيد المواجهة في غزة واحتدام الضغط على إيران من بوابة "الحرس الثوري" والعقوبات، تتجه طهران إلى تحصين نفوذها السياسي في "الساحات الآمنة"، حيث يشكّل لبنان الحلقة الأكثر اختبارًا لتماسك مشروعها.
البرلمان اللبناني، بهذه المعادلة، بات جزءًا من هندسة إقليمية واسعة للنفوذ الإيراني، وليكون أي تغيير في بنيته التشريعية كاختراق محتمل قد ينسحب على توازنات أكبر. لذلك يتم التمسك بالقانون كما هو، وتعطيل الجلسات إذا لزم الأمر، واختلاق السجالات حول النصاب.
ولأن لبنان لا يزال ساحةً متحركة في ميزان هذا الصراع، تبدو معركة قانون الانتخاب اختبارًا مزدوجًا؛ فعلى الصعيد الداخلي، يتم اختبار قدرة البرلمان على تحرير قراره من منطق الوصاية المقنّعة بقوالب تشريعية، وخارجيًا، يكون الاختبار حول مدى استعداد القوى السياسية للقبول بأن تتحول المؤسسة التشريعية إلى متراس إقليمي لحماية مصالح تتجاوز حدود الدولة. ولهذا بالذات، لا يدور الصراع اليوم فقط على مضمون القانون، وإنما على حق اللبنانيين في أن تُكتب نصوصهم الانتخابية استجابةً لمصالحهم، وليس لحسابات محور لم يعد يكتفي بالتموضع العسكري، بقدر ما يسعى إلى تثبيت وجوده داخل القوانين والمجالس المنتخبة.
النفوذ الصامت
المحلل السياسي كريم بركات، المتخصص في الشؤون اللبنانية، يرى خلال حديثه لـ"إرم نيوز" أن لحظة الانسداد النيابي الراهن تُعيد تظهير طبيعة النفوذ الإيراني في لبنان بوصفه نفوذًا لا يعتمد فقط على القوة المسلحة، وإنما بات يستثمر البنية التشريعية نفسها كأداة لإدامة التوازنات المفيدة له.
ويؤكد بركات أن قانون الانتخاب الصادر العام 2017 شكّل نقطة تحوّل مركزية في هذا المسار، إذ لم يكن مجرد استجابة لمطالب التمثيل النسبي، بقدر ما جاء كثمرة مقايضة سياسية دقيقة رعتها قوى داخلية بالتنسيق مع طهران، مكّنت الثنائي الشيعي من إحكام سيطرته على الدوائر ذات الغالبية الشيعية، مع الاحتفاظ بقدرة على المناورة في الدوائر المختلطة.
ويوضح أن المعادلة التي أُنتجت يومها كانت هندسة مدروسة تضمن أن أي تغيير في المزاج الشعبي داخل هذه البيئات لا يمكن ترجمته إلى خرق انتخابي فعلي. وهنا – بحسب بركات – تُصبح المسألة مرتبطة ببنية النفوذ، وليس بآلية التصويت فقط. فالمشكلة لا تكمن في أن "حزب الله" يمتلك شعبية ضمن بيئته، بل في أن القانون وُضع بطريقة تُحاصر أي بديل محتمل، وتُعيد تدوير التمثيل نفسه ضمن آليات شبه مغلقة.
وبرأيه، فإن السلوك الرافض لأي تعديل للقانون من قبل الثنائي، لا سيما "حزب الله"، ليس ناتجًا عن قراءة تقنية أو خشية من الفوضى، ولكن عن قناعة بأن أي ثغرة في بنية القانون قد تتحوّل إلى مدخل لتفكيك تماسك الكتلة النيابية التي تمثّل ذراعًا سياسية للنظام الإقليمي الذي تنتمي إليه طهران.
إدارة محلية لوكالة إقليمية
ويشير بركات إلى أن هذا النوع من النفوذ الإيراني يتغلغل داخل تفاصيل اللعبة السياسية المحلية، حيث يجري تعطيل الجلسات، وتجميد اللجان، وتأجيل الإصلاحات، وفق حسابات تتقاطع مع التوقيت الإيراني الإقليمي، سواء في الملف النووي أو ساحات التفاوض المفتوحة.
ويلفت إلى أن "حزب الله"، في مقاربته للملف الانتخابي، لا يتصرف كقوة سياسية لبنانية تتصارع داخل الإطار الدستوري، بل فعليًا يتصارع كوكيل إقليمي يُدير موازين قوى على مستوى يتجاوز البلد، ويرى في أي تعديل انتخابي قد يؤدي إلى اختلال تمثيله النيابي تهديدًا يجب احتواؤه قبل أن يتحوّل إلى أزمة فعلية.
ويخلص بركات إلى أن النفوذ الإيراني في لبنان تحوّل إلى استثمار طويل الأمد في بنية التمثيل النيابي، وهذا ما يجعل المعركة على قانون الانتخاب في هذه المرحلة مواجهة غير مباشرة حول من يملك مفاتيح الدخول إلى الدولة، ومن يستطيع التحكم بإيقاعها من داخل مؤسساتها الدستورية نفسها.
بين الدولة والمشروع الإقليمي
من جهتها، ترى الباحثة رنا العلي، المتخصصة في السياسات الانتخابية والنظم التمثيلية، أن النقاش الراهن في لبنان حول قانون الانتخاب لا يمكن فصله عن السياق الإقليمي الحاكم للمشهد، خصوصًا فيما يتعلق بعلاقة "حزب الله" العضوية بالاستراتيجية الإيرانية الأوسع، والتي تضع "المخرجات الانتخابية" ضمن أدوات التوازن السياسي الإقليمي.
وتشير العلي خلال حديثها لـ"إرم نيوز" إلى أن النقطة المركزية في هذا التوتر تتعلق بالسؤال الأعمق حول ما إذا كان لبنان، في ظل سطوة السلاح والمحاصصة المقنّعة، لا يزال يملك فعليًا قرارًا داخليًا يسمح له بإعادة صياغة قانونه الانتخابي بما يعكس التحولات المجتمعية ويضمن تمثيلًا فعليًا خارج هيمنة الكتل المسيطرة.
وتلفت إلى أن موقف "حزب الله" من رفض تعديل القانون لا يبدو معزولًا عن إدراكه لحجم التآكل التدريجي الذي يصيب قدرته على فرض التمثيل المغلق داخل بيئته، خصوصًا بعد سلسلة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي أثّرت بعمق في المزاج الشعبي.
وتضيف العلي أن مشاركة المغتربين في العملية الانتخابية تمثّل اختبارًا حقيقيًا لهذا النفوذ. "فهؤلاء خرجوا من إطار الضغط اليومي والزبائنية الحزبية، ويتمتعون بحرية نسبية في التعبير عن مواقفهم السياسية، وهو ما يجعل من أصواتهم تهديدًا محتملاً للهيمنة التقليدية. من هنا، يصبح تعطيل تصويتهم الكامل قرارًا سياسيًا بامتياز، يحظى بموافقة ضمنية من حلفاء إيران في الداخل اللبناني".
وتحذّر العلي من أن إبقاء القانون على حاله، في ظل الانهيار المؤسسي الراهن، يُكرّس حالة من "الديمقراطية الشكلية"، ويحوّل العملية الانتخابية إلى استفتاء مقنّع على شرعية قوى الأمر الواقع، وليس على خيارات المجتمع اللبناني المتعدد. كما ترى أن هذا التوجّه يعمّق الشرخ بين المواطنين والدولة، ويُعيد إنتاج أزمة الثقة في المؤسسات، خصوصًا إذا أُجريت الانتخابات المقبلة دون أي إصلاحات تُذكر.
وترى العلي أن النفوذ الإيراني لا يتجلّى فقط في استخدام السلاح أو فرض الوقائع الأمنية، إذ يتجلّى أيضًا في تطبيع منطق التعطيل الممنهج لأي مسار إصلاحي قد يفتح المجال أمام إعادة توزيع السلطة. وهو ما يُترجم عمليًا عبر خطاب يروّج للاستقرار الشكلي مقابل تأجيل الإصلاح، ويقدّم الأمن السياسي المحكوم بتوازنات خارجية على حساب السيادة التشريعية الداخلية.
وتختم العلي بالقول إن المواجهة الفعلية مع هذا النوع من النفوذ تكون من خلال إرادة سياسية قادرة على فرض مسار انتخابي عادل وشفاف، يستعيد ثقة الناس، ويضع سقفًا واضحًا لتدخّل الخارج في آليات إنتاج السلطة؛ لأن أي انتخابات تُدار في ظل قانون غير عادل وبيئة سياسية مختلّة، ليست إلا إعادة تدوير لمعادلة الانهيار نفسها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|