من 12 نقطة… أوكرانيا وأوروبا تعدّ خطة سلام لإنهاء الحرب مع روسيا
ورشة أمنية أميركية في كلّ مرافق لبنان لمنع وصول الأموال
حزب الله يعيد بناء نفسه!
عنوان برّاق لكثيرين، حتى لأنصار الحزب نفسه. لكن عندما يطرحه الأعداء، يجب النظر إليه من زاوية مختلفة، إذ فجأة، ومن دون سابق إنذار، عاد الحديث الإعلامي في كيان الاحتلال وعواصم عربية وغربية ليتمحور حول واقع حزب الله. ورغم أن الحديث لا يزال عاماً، إلا أن المشترك في كل ما يُطرح أو يُروّج، هو عبارة «عملية إعادة بناء» الحزب لقدراته.
وفي الجوهر، من يقول هذا الكلام أو يروّج له، ليس شخصاً أو جهة تهدف إلى طمأنة جمهور المقاومة بأن حزبها يعيد تنظيم أموره، بل جهات تعمل على التحريض. وللمصادفة، ترافق نشر سلسلة من التقارير والمعلومات في مقالات، وتحفّز مراسلين أجانب في بيروت لإجراء مقابلات مع إعلاميين وسياسيين وسؤالهم عن حزب الله، مع زيادة النشاط الدبلوماسي المرتبط بخطة الحكومة لحصر السلاح، إذ أشار أكثر من وزير في الحكومة الحالية إلى أنهم التقوا دبلوماسيين عرباً وغربيين، وكانت أسئلتهم تركّز على أمرين: الأول، قدرة الجيش على مواجهة - ولو بشكل محدود - حزب الله في حال رفض تسليم مخزن أو مركز عسكري. والثاني، مدى معرفة هذا الوزير أو ذاك المسؤول بما يفعله الحزب في مرحلة إعادة بناء نفسه.
وإلى جانب هذا الجهد الذي يبدو عادياً في منطقة أزمات كمنطقتنا، هناك جهد أكبر وأكثر حساسية، تتداخل فيه أطراف كثيرة، يتعلق بالجانب المالي. فالأميركيون، على وجه التحديد، يعتقدون بضرورة القيام بعملية ضخمة تهدف إلى منع وصول الأموال إلى حزب الله، سواء من خلال ضرب شبكات التحويل والتهريب، أو الحد من التحويلات التي تصل من المغتربين إلى أهاليهم في لبنان.
وبالتوازي مع التدقيق المتزايد في المصارف العربية والغربية، يستمر النشاط الأمني في لبنان بقوة، حيث يتابع فريق أميركي المهمة مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، ويطلب إعداد قوائم مفصّلة بكل من يعمل في سوق الصرافة والتحويل المالي في البلاد.
وإلى جانب الجهد الذي يقوم به مصرف لبنان، تحت إشراف حاكمه كريم سعيد، لضبط كل المخالفين للقوانين في قطاع الصرافة، تشمل البيانات المالية المطلوبة من شركات التحويل معلومات دقيقة عن مصدر الأموال، أسماء الأشخاص الذين طلبوا التحويل، بيانات المستفيدين، سبب تحويل الأموال، ووجهة صرفها.
يحدث كل ذلك في وقت أصبح فيه مطار بيروت والمرفأ والمعابر الحدودية مراكز لنشاط أمني تديره جهات استخباراتية غربية. ويقول أحد الدبلوماسيين الأجانب في بيروت: «كنا نقول سابقاً إن حزب الله يسيطر على كل ما يدخل ويخرج من لبنان، اليوم، لدى الأميركيين نفوذ كبير داخل هذه المرافق، وهم ينشطون ليس فقط للوصول إلى الضباط الكبار والمسؤولين في هذه المعابر، بل أيضاً لتجنيد أشخاص يعملون في مؤسسات مرتبطة بالمرافق البحرية والجوية والحدودية.
وفي وقت تقدّم دولة الإمارات العربية المتحدة دعماً كاملاً في ما يخصّ ضبط حركة الأموال الخارجة من أراضيها، سبق أن طلبت أبو ظبي من بعض الجمعيات غير الحكومية البحث عن طرق بديلة لتحويل الأموال إلى لبنان.
وقد حدث ذلك بعد أيام قليلة من اندلاع انتفاضة 17 تشرين قبل ست سنوات، حين فوجئ فريق يدير إحدى المنظمات التي كانت تجمع التبرعات لإرسالها إلى العاملين معها في لبنان، بطلب رسمي يقضي بنقل الأموال نقداً وليس عبر تحويلات مصرفية. كذلك، ترفع سلطات أبو ظبي تقارير دورية تتعلق بأملاك اللبنانيين المقيمين فيها، ولا سيما أولئك الذين يُعتقد، وفق التصنيف الأميركي، أنهم يدعمون حزب الله أو يتعاملون معه بصورة غير مباشرة.
وبالعودة إلى الشق العسكري والأمني، فقد كشفت الاجتماعات الأخيرة للجنة «الميكانيزم» الخاصة بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب، عن تصاعد واضح في نبرة الخطاب الصادر عن الجانبين الأميركي والإسرائيلي تجاه ممثّل الجيش اللبناني، ومحاولة تقريعه واتهامه بأن الجيش لا يقوم بعمله بصورة جيدة. وفي كل مرة يثير فيها مندوب الجيش مسألة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، واستمرار الخروق يومياً، تسارع إسرائيل، بدعم مباشر من الأميركيين، إلى تبرير تلك الأعمال باعتبارها «ضرورات أمنية وعسكرية»، وتدّعي أن العمليات تستهدف منشآت أو أشخاصاً يتعاونون مع حزب الله في إخفاء السلاح أو إعادة بناء البنية العسكرية
وتترافق هذه المواقف مع حملة سياسية وإعلامية ضد الجيش اللبناني، بحجة تقصيره في تنفيذ التزاماته. والأخطر أن النقاش لم يعد محصوراً بمنطقة جنوب نهر الليطاني المشمولة بالاتفاق، بل بات يمتد من شمال النهر وصولاً إلى منطقة البقاع.
ما سرّ عودة القلق الإسرائيلي من الشمال: المناورة لا تكفي... علينا الدخول إلى رأس حزب الله
في مقالة نشرها في صحيفة «معاريف» يوم الأحد الماضي، كتب الصحافي الإسرائيلي آفي أشكينازي عن «أكبر مناورة يجريها الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر». والمناورة التي تنفّذها الفرقة 91 المتمركزة على الحدود مع لبنان، تهدف، بحسب تقارير إسرائيلية، إلى اختبار قدرات جيش الاحتلال في مجالَي الدفاع والهجوم، مع تركيز خاص على القتال الدفاعي وعمليات الصدّ.
وشدّد أشكينازي على أن «من المهم ألّا نخطئ الفهم، فمن الواضح سلفاً، كما هي الحال في كل المناورات خلال الأعوام الـ77 الماضية، أن المناورة ستكون ناجحة جداً، والجيش الإسرائيلي يفوز دائماً في المناورات. غير أن الواقع والتاريخ العسكري يرويان قصة مختلفة، إذ كثيراً ما تكشف المعارك الحقيقية - ولا سيما معارك الدفاع - عن تعقيدات لا تظهر في التدريبات. واستشهد بحروب ومعارك عدّة، من حرب يوم الغفران عام 1973، إلى هجمات 7 تشرين الأول 2023، مروراً بـ صيف 2006 حين اختُطف جلعاد شاليط قرب معبر كرم أبو سالم، وصولاً إلى الهجوم على الدورية الإسرائيلية في القطاع الغربي من الحدود اللبنانية والذي أشعل حرب لبنان الثانية، «والقائمة تطول».
ووفق ما تروّجه إسرائيل، تأتي المناورة في توقيت «حساس جداً على الجبهة الشمالية، إذ إن حزب الله، رغم تلقّيه ضربة قاسية، لا يزال موجوداً، ويواصل العمل على إعادة بناء قوته العسكرية وتعزيز قدراته الدفاعية والهجومية ومحاولة استخراج أسلحة وصواريخ من مخازن تضرّرت خلال الهجمات الإسرائيلية، وبعضها أسلحة يمكن أن تغيّر موازين القوى» في أي مواجهة مقبلة.
وبحسب صحافة العدو، فإن حزب الله «يحاول استعادة مكانته في الساحة اللبنانية الداخلية، في الوقت الذي يواصل فيه إعادة بناء قدراته العملياتية تمهيداً لمفاجأة إسرائيل والانتقام منها». ويروّج إعلام العدو أيضاً لمزاعم تفيد بأن الحزب «يحاول تنفيذ عمليات إرهابية في الخارج»، مشيراً إلى تقارير عن اعتقالات لمشتبه فيهم في ألمانيا وشرق آسيا وغيرهما.
ويواصل إعلام العدو تكرار الرواية نفسها حول «مساعي حزب الله لإقامة بنية تحتية إرهابية في جنوب سوريا». ووفقاً لتقارير إسرائيلية، تحدّثت مصادر عسكرية عن أنه «خلال نشاط نفّذه لواء الجبال (810) بالتعاون مع الوحدة 504 التابعة لشعبة الاستخبارات، تمّ اعتقال عدد من المشتبه فيهم أثناء محاولتهم تهريب أسلحة من سوريا إلى لبنان في منطقة سفح جبل الشيخ». وتشير تلك التقارير إلى أن الأسلحة المُصادَرة شملت قنابل يدوية ومسدسات وصواريخ مضادة للدروع وذخائر متنوعة.
وبالعودة إلى المناورة، فإن الأسئلة المطروحة في أوساط المراقبين الإسرائيليين لا تَتعلَّق فقط بنوعية التمارين العسكرية، بل بأهمية «أن نتدرّب اليوم على طريقة تفكير حماس وحزب الله، ودخول رأسَيهما. ولا ينبغي المبالغة في تأثير عمليات الاغتيال هنا أو قصف مستودع هناك، بل على الجيش أن يغيّر الأسطوانة. فالمناورة بحد ذاتها مهمة وواعدة، والجيش سيحقّق فيها نجاحاً باهراً، لكنّ السؤال المحوري يبقى: كيف ومتى يُعدّ لنا حزب الله التحدّي المقبل؟».
ويُشار أيضاً إلى أن منظّمة للمستوطنين في شمال فلسطين المحتلة ظهرت أخيراً، تُدعى «نحارب من أجل الشمال»، تنشر بيانات عن الوضع على الحدود مع لبنان، وقد أصدرت أخيراً تحذيراً من أن «الشهرين الأخيرين شهدا ارتفاعاً حاداً في الخروقات على الحدود اللبنانية، حيث يستغل حزب الله بنى تحتية مدنية للاقتراب من السياج والتحضير لأعمال عدائية. وندعو الحكومة والمؤسسة الأمنية إلى وقف هذا التدهور قبل فوات الأوان».
ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن أحد مؤسّسي المنظّمة قوله: «نرى حزب الله يقترب خطوة خطوة تحت غطاء أعمال مدنية. هذا ليس واقعاً يمكن القبول به. يجب أن نقف بحزم على مطلب نزع سلاح حزب الله. لن نوافق على أن نكون المخطوفين القادمين».
«فيغارو» أداة تشويه
صحيح أن الصحافي الفرنسي جورج مالبرونو يحب أن يقدّم نفسه كصحافي مشاغب أو مثير للانتباه، لكنّ الأصحّ أن الرجل لم يعمل يوماً خارج إطار توجّه محدّد وواضح. هذا ما تؤكده التجارب معه على مدى العقدين الماضيين، سواء في تعاطيه مع ملفات تتعلق بدول عربية عدة أو في تغطيته للشأن اللبناني.
فمالبرونو لم يُخفِ يوماً، ولا يزال، حقده الواضح على تيار المقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. والمفارقة أن في لبنان من لا يزال يتعاون معه، في وقت يقوم هو بعمليات تشويه متعمّدة للحقائق، وتزوير شهادات من يلتقي بهم، وإن كان يفعل ذلك بقدرٍ عالٍ من الاحتراف الإعلامي.
في أحدث «إبداعاته»، كتب مالبرونو مقالاً تناول فيه ما سمّاه «عملية إعادة بناء حزب الله لنفسه». وادّعى أنه التقى عدداً من الشخصيات، من بينها مواطنون، مشيراً أيضاً إلى لقاء جمعه بالنائب علي فياض. وتحدّث مالبرونو في مقاله مطوّلاً عن ما وصفه بالطابع السري الذي يميّز تحركات البنية العسكرية لحزب الله في مرحلة ما بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان التي وقعت في العام الماضي.
والمفارقة التي تطبع عمل هذا الصحافي أن مقالاته كثيراً ما تنتهي بإظهار عكس ما يدّعي التفكير به، وما يمثّله من سياسة عامة للإعلام الغربي (الفرنسي خصوصاً) الذي لا يشهد أي حملة جديّة ضد جرائم إسرائيل أو الإبادة المستمرة بحقّ أهل غزة، لكنه يجد دائماً متّسعاً لنشر مقالات من نوع ما كتبه مالبرونو، الذي ختم نصّه بوصف المقاومة في لبنان بأنها «الوحش الجريح، لكنه لم يمت بعد».
واللافت أن مالبرونو يقدّم خدمة إضافية في مسلسل بدأ في إسرائيل، وانتقل إلى وسائل إعلام تموّلها السعودية والإمارات، وصولاً إلى الصحافة الأجنبية. يقوم هذا المسلسل على فكرة واحدة: «ابحثوا عمّا يفعله حزب الله، وأخبروا جمهوره بأن إعادة بناء جسمه العسكري ستكلّف لبنان حرباً مدمّرة». وفي الجوهر، يتكرر هنا نفس الخطاب الذي يردّده المبعوثون الأجانب، وعلى رأسهم الموفد الأميركي توم برّاك، الذي أعاد أمس تكرار المعزوفة ذاتها: إذا لم يُنزع سلاح المقاومة فستكون هناك مشكلة للبنان مع إسرائيل.
ابراهيم الأمين -الاخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|