من 12 نقطة… أوكرانيا وأوروبا تعدّ خطة سلام لإنهاء الحرب مع روسيا
"رسائل إسرائيليّة" مُشفرة... خط أصفر بعد الخط الأزرق؟
تعيش منطقة الحدود الجنوبية مجدداً على وقع قرع طبول الحرب، بعد إعلان "تل أبيب" عن بدء مناورات عسكرية واسعة لفرقة "الجليل"، في خطوة وصفت بأنها الأضخم منذ سنوات، في لحظة إقليمية متوترة تشهد تصاعداً في لغة التهديد، بين "إسرائيل" وكل جيرانها القريبين والبعيدين.
هذه المناورات، التي تحمل طابعاً ميدانياً متقدّماً، تشمل سيناريوهات توغل بري داخل الأراضي اللبنانية لمسافات محدودة، تختلف جذرياً عن المناورات الروتينية التي يجريها جيش العدو عادة، ان كان لجهة الموقع الجغرافي للتمارين، طبيعة الوحدات المشاركة، وحجم النيران المستخدمة، التي كلها مؤشرات على أنّ "إسرائيل" لا تكتفي بالاستعداد الدفاعي، بل تختبر عملياً قدراتها الهجومية، استعداداً لأي مواجهة محتملة على الجبهة الشمالية.
من جهته، يراقب لبنان هذه التحركات بكثير من القلق، إذ يعيد "التصعيد الإسرائيلي" تبرير وجود السلاح تحت عنوان "المقاومة والدفاع عن الأرض"، ما يضع السلطة أمام معادلات معقدة، ما تقرأ فيه أوساط سياسية وعسكرية رسالة مركّبة، تتجاوز اختبار الجهوزية العسكرية، ليلامس جوهر التوازنات الإقليمية والداخلية على السواء. فظاهر التدريب العسكري يخفي خلفه استعراضا للقوة، ورسالة سياسية موجّهة إلى الداخل اللبناني والمجتمع الدولي، مفادها أن "إسرائيل" مستعدة لفرض معادلات جديدة بالقوة، مع تعثر الخطوط الديبلوماسية.
من هنا، تتخذ هذه المناورات بعداً يتجاوز الجغرافيا الحدودية، لتتحوّل إلى اختبار مزدوج لسيادة الدولة اللبنانية، ولقدرة الأطراف الإقليمية والدولية على احتواء التصعيد، بين بيروت التي تحاول رسم خريطة طريق نحو استقرار أمني داخلي، وتحركات "إسرائيل" المذكرة بأن أي قرار لبناني حول الأمن والسلاح، لا يمكن فصله عن توازن القوى على الحدود الجنوبية، حيث تبقى المعادلة رهن التهديدات والرسائل النارية المتبادلة.
مصادر ميدانية اشارت الى ان الريبة التي خلفتها تلك المناورة، ترتكز على مخاوف جدية، تعززها الوقائع على الارض من جهة، والهمس والغمز الديبلوماسي عن شيء ما يجري الاعداد له من جهة ثانية، رغم الانكار الرسمي اللبناني، مستندة الى النقاط الاتية:
- في "العقيدة الإسرائيلية" الحديثة، باتت فرقة الجليل أكثر من وحدة ميدانية، إنها منصّة اختبار لتكتيكات المستقبل. فالمناورات التي تجريها لا تهدف فقط إلى رفع الجهوزية، بل إلى محاكاة سيناريوهات حرب قصيرة وعالية الكثافة، تُدار بالتوازي بين الأرض والجوّ والفضاء السيبراني، وهو ما تراه "تل أبيب" الخيار الأفضل لتجنب حرب استنزاف طويلة، كتلك التي واجهتها في لبنان عام 2006.
- التقارير الاعلامية الاسرائيلية التي تتحدث عن رصد حركة لعناصر من حزب الله عند اكثر من نقطة حدودية، شاهدها ووثقها سكان المستوطنات، رغم نفي اليونيفيل لتلك الادعاءات.
- المعلومات والطلبات التي تقدمها "تل ابيب" للجنة "الميكانيزم"، والتي ترتكز على معلومات استخباراتية، والتي غالبيتها حول مواقع ومنشآت وبنى تحتية لحزب الله سبق ان تم استهدافها وقصفها، الا انها لم تدمر بالكامل، ويحاول حزب الله اما اعادة ترميمها او سحب موجوداتها من السلاح، وتحديدا "الاسلحة النوعية"، في ظل كثرة التقارير التي تتحدث عن نجاح الحزب في اعادة بناء قدراته، تزامنا مع التشكيك بما تقوم به الدولة اللبنانية، في تناقض كامل مع ما يصدر عن اليونيفيل، وحتى القيادة الوسطى الاميركية، اقله علنا.
- تسريب مصادر اميركية معلومات عن اطلاع القيادة الوسطى على خطط عسكرية اسرائيلية، لاقامة "خط اصفر" داخل الاراضي اللبنانية بعمق 5 كيلومترات، قابل للتمدد للوصول في مرحلة ثانية الى نهر الليطاني، بعدما احكم السيطرة على تلك المساحة بالنار، في استنساخ لتجربة قطاع غزة.
- نشره معلومات شبه دورية عن اعتقال شبكات في الجنوب السوري، تعمل لمصلحة حزب الله والحرس الثوري الايراني، مهمتها تهريب السلاح والعتاد، عبر اكثر من مسلك ليس آخرها جبل الشيخ.
- ارتفاع وتيرة عمليات الاستطلاع وجمع المعلومات فوق كامل الاراضي اللبنانية، بمشاركة ناشطة من طائرات اميركية مأهولة ومن دون طيار، مخصصة للمسح الارضي و"السيسمي" والحرب الالكترونية.
- تغيير "اسرائيل" لطبيعة الاهداف التي باشرت باستهدافها، والتي لم تعد توفر منشآت تابعة للدولة اللبنانية، في اطار الاستراتيجية الجديدة التي بدأت بتطبيقها.
- ارتفاع نسبة التوغلات "للوحدات الخاصة الاسرائيلية" خارج نقاط وجوده التسع، (والتي تنطلق من تلك المواقع)، حيث تنفذ عمليات اغارة ليلية ضد منشآت وبنى في قرى بعيدة نسبيا عن الخط الازرق، تبقى في غالبيتها بعيدة عن الرصد او الكشف، بلغت حدود الخمس كيلومترات عمقا.
- الوضع السياسي المأزوم الذي يعيشه نتانياهو، بعدما اضطر الى الرضوخ للضغوط الاميركية في غزة، ما نقل المعركة الى داخل معسكره، وحاجته امام هذا الواقع الى الهجوم اما عبر اسقاط هدنة غزة، او فتح جبهة لبنان.
من هنا، ترى المصادر ان "اسرائيل" تخوض حربا ضد لبنان وانما باسلوب مركب، زادت وتيرتها خلال الايام الاخيرة، متوقعة ارتفاعها مع انتهاء التدريبات التي تجريها "فرقة الجليل"، والتي سيعهد اليها بتنفيذ رسم الخط الاصفر على الارض، خصوصا ان "المنطق الاسرائيلي" يستند على عدم رغبة الجيش اللبناني بخوض اي مواجهة، وبالتالي تحييده عن اللعبة، وهو ما يجري من خلال "الميكانيزم"، حيث يتم ابلاغها بالمواقع التي تعتزم ضربها، والتي تشك بوجود وحدات للجيش فيها او بالقرب منها.
واضح ان "تل أبيب" تسعى إلى تكثيف الضغط النفسي والسياسي على الدولة اللبنانية، عبر خلق مشهد أمني مقلق في الجنوب، وإظهار أن أي محاولة لحصر السلاح قد تفتح الباب أمام اختلال في موازين القوى، في حال لم تترافق مع ضمانات خارجية. من هنا رهانها على أن المناورات ستعيد تحريك النقاش داخل مجلس الأمن حول تنفيذ القرارين 1559 و1701، ما يعني توجيه ضغط إضافي على الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي، للالتزام بـ"حصر السلاح" بحجة منع التصعيد.
ميشال نصر -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|