ما هي العلاقة بين الملفين اللبناني والسوري في مهمّة برّاك؟

جاء الموفد الاميركي توم براك هذه المرة الى لبنان بصحبة شريكته مورغان اورتاغوس مدججا بوفد ثلاثي من الكونغرس بينهم ليندسي غراهام المعروف بانحيازه الشديد لـ"اسرائيل".

الشكل يخدم المضمون. وفد اميركي منوع يشكل " قيمة مضافة" لباراك في زيارته الجديدة هدفه الاول التحريض على حزب الله، وابتزاز لبنان عشية جلسة 2 ايلول لدفع الحكومة الى اقرار خطة مفصلة ومحددة وفق الروزنامة الزمنية الاميركية لنزع سلاح حزب الله .

وبرز هذا التوجه الفج في تصريح السناتور غراهام الذي كشف اهداف زيارة باراك وتبنى الموقف الاسرائيلي بشكل مباشر، محرضا باسلوب صدامي الشعب اللبناني لنزع سلاح حزب الله، ومضيفا "ان حزب الله يعمل لاجندة خارجية وليس للشعب اللبناني، وهو ليس وفيا مع الشعب اللبناني... وانه بدون نزع سلاحه ستكون مناقشة الانسحاب مع اسرائيل بلا جدوى".

ولم يكن باراك بعيدا عن هذا التوجه، فعبر باسلوب ديبلوماسي اقل شدة عن تبنيه للموقف الذي اعلنه نتنياهو قبل ساعات من وصوله الى لبنان، واعدا برد اسرائيلي بعد اقرار الحكومة اللبنانية في 2 ايلول تفاصيل خطة نزع سلاح حزب الله وفق روزنامة الورقة الاميركية. ودعا اللبنانيين ايضا الى "اقناع حزب الله بالا يكون خصما للدولة".

وظهر جليا من تصريحاته ورفيقته اورتاغوس ان كلامهما عن الخطوة بخطوة ليس سوى شماعة اميركية لمواصلة ابتزاز لبنان، وتكرار مسلسل الوعود باجوبة اسرائيل بعد كل تنازل لبنان. وعد برد اسرائيلي بعد اقرار الحكومة اللبنانية الورقة الاميركية فعاد خال الوفاض الا من شروط اسرائيلية جديدة، واليوم يعد بجواب اسرائيلي بعد اقرارخطة نزع السلاح لمواصلة هذا المسار نحو مزيد من المطالب الاميركية والاسرائيلية لتحقيق الاهداف الحقيقية للمهمة التي اوكل بها .

ما هي الاهداف الحقيقية لمهمة باراك؟

يقول مصدر سياسي ان توم باراك، الذي كان يشغل منصب سفيرا للولايات المتحدة الاميركية في تركيا، كلف من قبل ادارة الرئيس ترامب بالملف السوري بعد الاطاحة بنظام الاسد .

وبينما كان باراك يتولى الملف السوري، كانت اورتاغوس تتولى الملف اللبناني خلفا لآموس هوكشتاين. وقيل في حينه انها اختيرت لهذه المهمة على عجل نظرا لانتمائها الى فريق ترامب.

وحسب المصدر فان اعفائها بعد فترة قصيرة وتواي باراك الملف اللبناني الى جانب احتفاظه بالملف السوري لم يكن بسبب اسلوبها المتشدد كما قيل في حينه بدليل انها عادت لمشاركة باراك في المهمة. ويعود السبب الحقيقي لدمج ملفي لبنان وسوريا بيد واحدة الى نظرة الادارة الاميركية واعتبارها ان هناك عناصر مشتركة عديدة في الملفين، وهناك ايضا اهداف مشتركة في التعاطي مع الملفين .

كيف يتعاطى باراك مع الملفين، وما هي العلاقة بينهما من وجهة النظر الاميركية؟

منذ اللحظة الاولى عمل باراك على مقاربة الملفين برؤية واحدة تتلخص بالعمل على ترتيب اتفاق امني بين كل من سوريا ولبنان مع "اسرائيل" تحت عنوان انهاء حالة الحرب في المنطقة كما يرغب الرئيس ترامب، والتمهيد للتطبيع والسلام بين "اسرائيل" وجيرانها .

ويقول المصدر انه في متابعة مراحل مهمة باراك في كل من لبنان وسوريا يبرز وجه الشبه في تعاطيه مع الملفين. وقد حرص ايضا على وضع بند خاص في الورقة الاميركية التي اقرتها الحكومة اللبنانية يتعلق بالعلاقة اللبنانية- السورية ومسألة الحدود والمعابر وغيرها .

ويرى المصدر ان باراك يتعامل مع الملف اللبناني على وقع مستجدات ومسار الملف السوري - الاسرائيلي، خصوص بعد ان نجح بدء التفاوض المباشر بين السلطة السورية الجديدة برئاسة احمد الشرع وحكومة نتنياهو .

ويضيف ان التركيز على حسم ونزع سلاح حزب الله اليوم ما هو الا مقدمة لتعبيد الطريق امام التوصل الى اتفاقية امنية بين لبنان و"اسرائيل " على غرار الاتفاقية التي يعمل عليها بين دمشق وتل ابيب .

ويشير الى ان الحديث الذي سربته وسائل اعلام اسرائيلية عن نية لاقامة منطقة عازلة في الجنوب يتماهى مع احد بنود الاتفاقية الامنية السورية الاسرائيلية التي قال الرئيس السوري ان المفوضات بشأنها احرزت تقدما ملموسا .

ووفقا لوسائل اعلام اميركية وإسرائيلية فان هذه الاتفاقية تتضمن البنود الاتية :

- احتفاظ الجيش الاسرائيلي بجبل الشيخ الذي احتله مؤخرا، واقامة منطقة عازلة داخل الحدود السورية من جنوبي دمشق الى السويداء .

- منع تركيا من بناء الجيش السوري .

- حظر نشر اسلحة استراتيجية في الاراضي السورية منها الصواريخ وانظمة الدفاع الجوي .

- انشاء "ممر انساني" الى جبل العرب في منطقة السويداء .

واكد وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس امس "ان الجيش الاسرائيلي سيبقى في جبل الشيخ والمنطقة العازلة للدفاع عن الجولان والجليل".

ووفقا لتابعة تقارير اسرائيلية يقول المصدر السياسي ان باراك يعمل على التحضير لاتفاق امني لبناني اسرائيلي بعد التخلص من سلاح حزب الله يتجاوز اتفاق وقف النار والقرار 1701 ويشبه الى حد كبير الاتفاق الامني السوري الاسرائيلي الذي هو قيد الدرس.

محمد بلوط -الديار