الصحافة

الأزمة المتفجّرة بين لبنان وإيران "وجهًا لوجه"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

"وجهاً لوجه". هكذا بدا لبنان الرسمي وإيران أمس، في ضوء انكشاف الأزمة الدبلوماسية التي انفجرت على تخوم ملف سلاح «حزب الله» واتخاذ حكومة الرئيس نواف سلام قراراً تاريخياً بسحْبه بحلول نهاية السنة، انسجاماً مع أهداف مقترح الموفد الأميركي توماس براك الذي يَحظى بدعم دولي وعربي.

ومنذ وصول علي لاريجاني إلى بيروت آتياً من بغداد، ارتسمت ملامح «متاريس» دبلوماسية – سياسية، في الشكل والمضمون، بدءاً من طريق مطار رفيق الحريري الدولي، مروراً بالرسائل الحازمة وعلى طريقة «البرقية العسكرية» التي أسمعها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لضيفه الإيراني وبلغةٍ غير مألوفة من مَسؤولٍ لبناني وبدت بمثابة «ترسيم حدود» لطهران بعد إعلائها «جدار رفْض» لـ «حلم نزع السلاح الذي لن يتحقق»، وصولاً إلى مواقف «ناصحة وتحذيرية» أَسقطتْ القناعَ حتى عن «السمعة» المرنة لممثل المرشد الأعلى في الجمهورية الإسلامية الذي تعمّد – وفي ردّ ضمني على عون -«توثيق» ما أعلنه على منبر مقرّ رئيس البرلمان نبيه بري عبر منصة «اكس» وبـِ «اللبناني الدارج» وبلغة «أنا مسؤول الأمن القومي بإيران».

وفي وقت عكست الزيارة استعادة الدولة اللبنانية هيْبتها وسيادتها وتَصَدّيها عبر عون وسلام (ووزير الخارجية يوسف رجي) لتَقَدُّم إيران صفوف «القيادة» في ملف «حزب الله»، في مقابل إصرار طهران ومن بيروت على إقامة «خط تماس» مع واشنطن و«أوامرها للبنان وتدخلها فيه عبر الخطة (براك) والجدول الزمني (لسحب السلاح) من على بُعد آلاف الكيلومترات»، في ما بدا التماساً لـ «خط تَفاوُضٍ» معها، لم يكن ينقص هذا المَشهد من «الشدّ الدبلوماسي» سوى أن تدخل السفارة الإيرانية «لعبةَ الإشارات»، المشفّرة والمباشرة:

– سواء عبر منشور (فيديو) يُظْهِر «مشهداً يجسّد عمق المحبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية»، عبر «الاستقبال الشعبي الحافل في محيط مطار رفيق الحريري الدولي للدكتور لاريجاني، والذي تخلله نثر الأرز والورود. وقد رافقت جموع المحبّين موكب الدكتور لاريجاني حتى مقرّ سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت».

– أو من خلال اختيار صفحة السفارة على «إكس» صورة عن خبر زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي للرئيس اللبناني، وفيها يَظْهَر لاريجاني وهو بجانب عون ويشير بإصبعه إلى اتجاهٍ أو نقطة (على اليمين)، وكأن في الأمر إشارة بأن المسؤول الإيراني هو في موقع «التوجيه» أو «رسالة نفوذ» وقيادة مَسار اللحظة وصاحب كلمة في الشأن اللبناني.

وبدأ «التخندق» بين لبنان، الذي يصرّ على المضيّ بقرار سحب السلاح الذي كُلّف الجيش بوضع خطة تطبيقية له، وبين إيران التي لن تسلّم بتجريدها من أقوى أوراقها و«جوهرة التاج» في مشروع تمدُّدها الإقليمي وسط اشتداد العواصف عليها ومن حولها، مع مواقف لعون بوجه طهران و«لغتها غير المُساعِدة»، رافضاً أي تدخل منها في الشؤون الداخلية أو توريط لبنان في حروب جديدة، وبرسْمِ حزب الله وبلغةِ «من غير المسموح لأي جهة ومن دون أي استثناء حمْل السلاح والاستقواء بالخارج».

«حدود السيادة والصداقة»

فقد أبلغ رئيس الجمهورية إلى لاريجاني «أن لبنان راغب في التعاون مع إيران ضمن حدود السيادة والصداقة القائمين على الاحترام المتبادل»، لافتاً إلى «أن اللغة التي سمعها لبنان في الفترة الأخيرة من بعض المسؤولين الإيرانيين، غير مُساعِدة».

وأكد «أن الصداقة التي نريد أن تجمع بين لبنان وإيران لا يجب أن تكون من خلال طائفة واحدة أو مكوّن لبناني واحد، بل مع جميع اللبنانيين»، مشدداً على «أن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، مسيحيين كانوا أم مسلمين، والدولة اللبنانية مسؤولة من خلال مؤسساتها الدستورية والأمنية عن حماية كل المكونات».

ولفت إلى أن «من يمثل الشعب اللبناني هي المؤسسات الدستورية التي ترعى مصالحه العليا ومصالح الدولة، وإذا كانت إيران تسعى إلى تحقيق مصالحها الكبرى فهذا شيء طبيعي، لكننا نحن في لبنان نسعى إلى تحقيق مصالحنا».

وأضاف: «نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية من أي جهة اتى، ونريد أن تبقى الساحة اللبنانية آمنة ومستقرة لما فيه مصلحة جميع اللبنانيين من دون تمييز. ولبنان الذي لا يتدخل مطلقاً بشؤون أي دولة أخرى ويحترم خصوصياتها ومنها إيران، لا يرضى أن يتدخل أحد في شؤونه الداخلية. وإذا كان عبر التاريخ اللبناني ثمة مَن استقوى بالخارج على الآخر في الداخل، فالجميع دفع الثمن غالياً، والعبرة التي يستخلصها اللبنانيون هي أنه من غير المسموح لأي جهة كانت ومن دون أي استثناء أن يحمل أحد السلاح ويستقوي بالخارج ضد اللبناني الآخَر».

واعتبر «أن أي تحديات تأتي من العدو الإسرائيلي أو من غيره، هي تحديات لجميع اللبنانيين وليس لفريق منهم فقط، ولعل أهمّ سلاح لمواجهتها هو وحدة اللبنانيين. وهذا ما نعمل له ونأمل أن نلقى التعاون اللازم، ولا سيما أننا لن نتردّد في قبول أي مساعدة في هذا الصدد».

وكان لاريجاني شرح موقف بلاده من الاعتداءات الإسرائيلية التي تعرضت لها في يونيو، مشيراً إلى أن طهران ترغب في تعزيز علاقاتها مع الدولة اللبنانية والشعب اللبناني على كل الأصعدة، منوّهاً «بالدور الذي يلعبه الرئيس عون في تمتين الوحدة الوطنية وتوحيد الصفوف داخل الطوائف كافة ومع جميع مكونات الشعب».

وجدد موقف بلاده لجهة «دعم الحكومة والقرارات التي تصدر عن المؤسسات الدستورية»، لافتاً إلى «أن طهران لا تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية». واقترح استحداث صندوق لإعادة إعمار المناطق التي تضررت نتيجة العدوان الإسرائيلي، مبدياً استعداد بلاده للمشاركة فيه.

«الحيوان الإسرائيلي المفترس»

وفي مقابل الكلام الهادئ و«المنمّق» للاريجاني أمام عون، خرج بعد لقائه بري، ليطلق مواقف اعتُبرت في الاتجاه نفسه الذي حدّده مسؤولون إيرانيون تحت عنوان رفض التخلي عن سلاح الحزب، معتمداً لغة «عليكم» في توجّهه إلى اللبنانيين، تارة تحت عنوان «وجوب أن تدركوا المقاومة رأس مال عظيم وطني لكم وللعالم الإسلامي» وأن لولا الحزب لكان «الحيوان الإسرائيلي المفترس» احتلّ بيروت كما في 1982، وطوراً بصيغة «ننصحكم بالحفاظ على المقاومة وتقديرها عالياً»، وصولاً لتأكيد «رفض الأوامر التي يتم من خلالها تحديد جدول زمني» ومسمياً «الورقة الأميركية التي قُدمت إلى لبنان».

وقال لاريجاني بعد لقاء الساعة وربع الساعة مع بري، إن سياسة طهران «مبنية على أن تكون دول المنطقة مستقلة قوية متمكنة ومقتدرة. وما نحن مؤمنون به أنه ومن خلال الحوار الودي الشامل والجاد في لبنان يمكن لهذا البلد الخروج بقرارات صائبة».

وأضاف «أن الدول الخارجية يجب أن لا توجه أوامرها إلى لبنان، والشعب اللبناني أبيّ وشجاع ويستطيع اتخاذ القرار بنفسه. وأي قرار ستتخذه الحكومة بالتعاون والتنسيق مع فصائل لبنان نحن نحترمه. وعندما طرحتُ موضوع تحديد الجدول الزمني كنت أقصد به الورقة الأميركية المقدمة إلى لبنان أخيراً. ومن هنا فإن لبنان ومن خلال المشورة مع المقاومة من شأنه أن يتخذ القرار المناسب».

وتابع «لم نحمل معنا أي خطة للبنان. إلا أن الأميركيين هم الذين اتوا لكم بورقة من عندهم. نحن دائماً نقول ونوجه هذا الخطاب لكم، بأنكم أنتم اسياد قراركم. فلا تدخل لنا في شؤونكم الداخلية وفي اتخاذ قراراتكم. سؤالي موجّه إليكم أيها الاصدقاء الاعزاء: أليست إسرائيل هي التي اعتدت عليكم؟ فعليكم الانتباه وأخذ الحيطة والحذر حتى لا تعيد إسرائيل الكرة مرة ثانية. وما لم تتمكن إسرائيل من تحقيقه من فوهة البنادق عليكم الانتباه ألّا تسمحوا لها بتحقيقه بطرق أخرى. وعليكم أن تمیّزوا بين الصديق والعدو، وصديقكم هو الذي تصدى لإسرائيل وواجهها وعليكم أن تعرفوا الفرق بينهما».

وعن لقائه عون، قال «فخامة الرئيس أعلن بصريح العبارة أن إيران هي صديقة للبنان. ثم علقتُ على كلامه وقلت اننا كإيران لا ننوي التدخل في شؤون لبنان الداخلية على الاطلاق إلا أننا جاهزون لتقديم اي نوع من المساعدة لكم كحكومة. وكذلك كنا ومازلنا ننصحكم بالحفاظ على المقاومة وتقديرها عالياً (…)».

وأعلن أن «حزب الله والحكومة يتمتعان بفهم وإدراك عميق ودقيق في الظروف الحالية… ونحن نستبشر خيراً ومتفائلون لمستقبل لبنان».

كما أسمع سلام، المسؤول الإيراني، موقفاً عالي السقف يرفض التدخل في الشأن الداخلي، وأكد أن «قرارات الحكومة لا يُسمح بأن تكون موضع نقاش في أي دولة أخرى. فمركز القرار اللبناني هو مجلس الوزراء، وقرار لبنان يصنعه اللبنانيون وحدهم، الذين لا يقبلون وصاية أو إملاء من أحد».

في موازاة ذلك، وبعد جلسة لمجلس الوزراء شارك فيها وزراء الثنائي الشيعي، برز موقف للحزب بلسان الوزير السابق مصطفى بيرم اعتُبر انعكاساً للعلاقة الشديدة التوتر مع عون وإن مع كواتم للصوت.

وقال «‏فلتعرفوا أنه لولا المقاومة ‏لكانت إسرائيل الآن في بعبدا وبيروت، ولتنظروا إلى التجربة في ‏جارتنا سوريا (…). ‏ولا مكان للمستسلمين في هذا الزمن، ‏وخيارنا هو التمسك بالمقاومة ونهجها».لاريجاني: اللي بيتدخّل هو اللي بيعطيكن خطّة وجدول زمني

نشر لاريجاني على صفحته على «اكس» فيديو له بعد لقائه الرئيس نبيه بري، بعنوان «تدخل بشؤون لبنان»؟والبارز كان أن المسؤول الإيراني تعمّد نشر ترجمة كلامه رداً على سؤال باللغة العامية اللبنانية، وكتب «أنا مسؤول الأمن القومي بإيران، وبقولها بصراحة: إيران ما إلها أي نيّة تتدخّل بشؤون أي دولة، ومنها لبنان. الدولة اللبنانيّة بتتحاور مع كلّ الطوايف، وبتوصل لنتيجة، وأي نتيجة بتوصل إلها نحنا منقبل فيها. اللي بيتدخّل بشؤون لبنان هو اللي بيعطيكن خطّة وجدول زمني من على بُعد آلاف الكيلومترات. نحنا ما عطيناكن ولا خطّة!».«الوقت ضيّق»

ردّ وزير الخارجية يوسف رجي على كلام لاريجاني عن أن وقته ضيّق ولم يُتح اللقاء بينهما، قائلاً «أنا حتى لو عندي وقت ما كنت التقيت فيه».

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا