الصحافة

لماذا تتجه العائلات اللبنانيّة للإقامة في مُخيّم البداوي؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ليس سهلا ان يعيش المرء في نطاق جغرافي محدود جدا، في ظل اكتظاظ سكاني يفوق حجم المساحة المحددة للسكن... هل تتخيل كيف يتحرك المرء في ازقة وشوارع البداوي الضيقة؟

وهل يتخيل المرء كيف يعيش سكان المخيم في منازل متلاصقة، تختلط فيها انفاس البشر بين هذه المنازل، التي تكاد لا تحظى بخصوصياتها؟

كيف يعيش سكان المخيم وسط هذا الاكتظاظ السكاني غير المسبوق؟ قد لا تشهده اكثر دول العالم اكتظاظا سواء في الهند او الصين، ولا حتى ازقة مصر الضيقة... وهل يتخيل المرء كم من الوقت يمضي ليعبر زقاقا داخل المخيم من 50 مترا فقط؟ خاصة اذا كان صهريج الماء قد نصب خراطيمه ليملأ خزان بناء سكاني، فيقضي المرء قرابة الساعة لا يستطيع التراجع ولا التقدم خطوة...

واقع مرير جدا، وحياة لا يستطيع مطلق انسان ان يتحملها، في مخيم يفتقد لادنى مقومات الحياة من مياه صحية وكهرباء وبنى تحتية ومرافق صحية...

انشىء المخيم العام 1955، على تلة تشرف على مدينة طرابلس، بمساحة لا تتجاوز الكيلومتر المربع الواحد، وضم قرابة الـ 17 ألف نسمة من لاجئي مختلف المدن والقرى الفلسطينية المحتلة، أبرزها حيفا، عكا، يافا، سهل الحولة، نحف، الضاهرية، شفا عمر، سحماتا، وغيرها من المناطق التي هجرها الاحتلال الصهيوني قسرا العام 1948.


لكن مع مرور الزمن وخلال احداث شتى بدءا من نكبة مخيم البارد العام 2007 الذي دمر بالكامل، شهد البداوي موجات نزوح كبيرة مستقبلا العائلات الفلسطينية التي تهجر للمرة الثانية بعد نكبة فلسطين، ثم تلتها موجة نزوح جديدة بدأت مع بدء الازمة السورية العام 2011، فكان مخيم البداوي قبلة آلاف العائلات الفلسطينية السورية، من مخيمات اللاجئين القادمين من المخيمات السورية كـ "اليرموك، درعا، سبينة، الحسينية، خان دنون"، واستقروا في البداوي نظرا لارتباطات عائلية ومجتمعية سابقة.

وفي المرحلة الثالثة، استقبل المخيم موجة نازحين فلسطينيين وسوريين اثر سقوط النظام في نهاية العام 2024.

عائلات لبنانية

الا ان اللافت هو ان مئات من العائلات اللبنانية من اهالي طرابلس وضواحيها، اتجهوا للسكن في المخيم لاسباب متعددة ابرزها:

- ان متطلبات الحياة في المخيم أقل كلفة نسبيا من خارجه على مستويات أجور السكن، ومبيع السلع الغذائية والاستهلاكية والطبابة والاستشفاء، رغم كل المعاناة على أصعدة الماء والكهرباء.


- الايجارات السكنية منخفضة، فرغم خفض الاونروا معدل خدماتها، لا تزال المؤسسات الصحية والاستشفائية تعمل بما تتوافر لها من معدات وادوية وتقديمات صحية اخرى.

حتى السلع الغذائية والاستهلاكية تباع باقل من مدينة طرابلس.

جغرافية المخيم

حدود المخيم: من الجنوب محلة القبة، ومن الجنوب الغربي جبل محسن وتلة المنكوبين، ومن الشمال جبل البداوي، ومن الشرق بلدة العيرونية، ومن الغرب وادي النحلة. ما يجعله محاطا بمناطق لبنانية ذات طبيعة سكانية ومذهبية متعددة .

47 الف نسمة من فلسطينيين وسوريين ولبنانيين يقيمون في كيلومتر مربع واحد، شوارع وازقة ضيقة، وسيارات تعبر بصعوبة بالغة، ودراجات نارية يقارب عددها عدد السكان، لانها وسيلة النقل الفضلى للتنقل بين الازقة والحارات والمنازل المتلاصقة، حيث يستطيع المرء ان يعبر المخيم من اول سطح الى آخر سطح فيه.


أزمات بنيوية

يوضح القيادي في "الجبهة الديموقراطية" عاطف خليل، والذي أنهى يوم امس اعتصامه عن الطعام، استنكارا لتجويع غزة ومنع المساعدات عنها، ان" الاكتظاظ السكاني الكبير في المخيم لم يقابله تطوير في البنى التحتية، ففاقم من عمق المأساة فيه، حيث يعاني من أزمات متواصلة في الكهرباء، مياه الشرب، الصرف الصحي، إدارة النفايات، والازدحام داخل الأزقة الضيقة. وتشكو العائلات من غياب الحد الأدنى من الخدمات الصحية والتعليمية، وسط تقليص مستمر في دعم وكالة "الأونروا" التي تعتبر المزود الأساسي للخدمات داخل المخيمات الفلسطينية."

ويضيف: "يفتقر سكان مخيم البداوي إلى فرص العمل المستقرة، بسبب القوانين اللبنانية التي تحرم اللاجئ الفلسطيني من ممارسة أكثر من 70 مهنة. ومع تدهور الاقتصاد اللبناني وانهيار العملة، باتت البطالة مستفحلة، خاصة بين فئة الشباب، ما أدى إلى انتشار مظاهر الفقر، والتسرب المدرسي، وأحيانا الهجرة غير النظامية عبر البحر.".

الأمل معقود على العودة


ويقول: "رغم هذا الواقع القاسي، لا يزال مخيم البداوي يحتفظ بنبضه الوطني وهويته الفلسطينية، فترى في أزقته شعارات العودة، ورايات الفصائل، وصور الشهداء، ومفاتيح البيوت التي هُجّر منها الأجداد. وهو يشكل ساحة دائمة للتحركات الشعبية والتظاهرات الوطنية، وملتقى للوفود التضامنية مع القضايا الفلسطينية، لا سيما قضية غزة والقدس واللاجئين".

ويؤكد أهالي المخيم في كل مناسبة، أن وجودهم في لبنان هو "وجود قسري ومؤقت"، وأن العودة إلى فلسطين هي الحل الوحيد والعادل، رافضين كل أشكال التوطين أو التهجير الجديد.

الامن ممسوك

القيادي الفلسطيني ومسؤول "الجبهة الديموقراطية" في الشمال وعضو لجنتها المركزية ابو لؤي أركان بدر، لفت الى ان الامن داخل المخيم، ورغم هذا الاكتظاظ، مضبوط للغاية وممسوك، بقيادة القوة الامنية المشتركة المؤلفة من كافة الفصائل الفلسطينية، التي تنسق مع الجيش اللبناني وكافة الاجهزة الامنية متعاونة، لضبط الامن في المخيم ومنع اي خلل او ارباك امني.


يذكر ان الجيش اللبناني اغلق كافة الممرات الصغيرة بين المخيم والمحيط اللبناني، لحصر الدخول والخروج من المعبرين الشمالي والجنوبي، ضمن تدابير تمنع اي اختراق او خلل او ارباك امني.

مصادر في المخيم تتحدث عن سلسلة تدابير، بالتعاون مع الاجهزة الامنية اللبنانية، منها مكافحة المخدرات وتجارها ومروجيها، وملاحقة المطلوبين والخارجين على القانون، وملاحقة الخلايا التي تشكل خطرا على الامن الوطني والسلم الاهلي.

جهاد نافع - الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا