الصحافة

شيعة برج حمود يفضّلون "الحركة" على "الحزب"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يُعدّ الشيعة مكوّنًا أساسيًّا في برج حمود، التي هي صورة مصغّرة عن لبنان، نظرًا إلى ائتلافها الطائفي والمذهبيّ والسياسي. ومع استقطابها الكثيف لليد العاملة الأجنبية الآسيوية والأفريقية، إضافة إلى النزوح السوري، تحوّلت إلى "بقعة أممية" من كلّ الملل والجنسيات. هذا التنوّع له انعكاساته الإيجابية وضغوطاته السلبية. فبعض الأحياء تبدّلت هويّتها ومعالمها.

في السنوات الأخيرة، شهدت برج حمود نموًّا شيعيًّا لافتًا، وظهورًا سياسيًّا لـ "حزب اللّه" وحركة "أمل". هذا الانفلاش لا سيّما لـ "الحزب" تعزّز وأظهر ذاته بعد "اتفاق مار مخايل" مع "التيار الوطنيّ الحرّ" حيث شكّل المظلّة المعنويّة والرافعة النفسيّة والسياسيّة لهذا التسلّل في الساحل المتني.

تعود تسمية برج حمود إلى حوالى 300 سنة، وكانت أصلًا منطقة زراعيّة بامتياز. وكان الأمير حمود أرسلان يملك مساحات كبيرة من تلك الأراضي، فبنى منزلًا له من طبقتين فوقهما علّية في أعلى نقطة من المنطقة، وكان يصعد إلى سطحها لمراقبة العمّال الموجودين في أملاكه. فشكّل هذا المنزل العالي عن سطح الأرض برجًا بالنسبة إلى المنازل الزراعية المتواضعة المجاورة. فأخذت المنطقة تسمية "برج حمود". هذا المنزل ما زال قائمًا حتى الآن، في جوار كنيسة مار ضومط وأصبح بتملّك الوقف.

الشيعة في برج حمود تنوّعوا في انتماءاتهم السياسية قبل الحرب الأهلية وخلالها. منهم (كما بعض المسيحيين) ناصروا "القضية الفلسطينية" وانضووا تحت تنظيمات "منظّمة التحرير". آخرون انضمّوا إلى "الكتائب" و "الأحرار" وقاوموا في صفوفهما ضدّ الفصائل الفلسطينية ومن ثمّ في "القوّات اللبنانية"، وبعضهم استمرّوا بالتزامهم الحزبيّ حتّى اليوم، ويُفاخرون علنًا بأنهم قوّاتيون أو كتائبيون. لكن بعد الحرب ومع تعاظم نفوذ "حزب اللّه" داخل الطائفة الشيعية ونزوح عائلات جنوبية وبقاعية إلى النبعة وبرج حمّود، تمكّن من جذب العديد منهم عقائديًا وماديًّا، مستغلًا "ضيق العيش".

اعتمد "حزب اللّه" سياسة القضم والتقدّم خطوة - خطوة، من خلال شراء العقارات والتوسّع ديموغرافيًّا ورفع راياته وصور رموزه من حيّ إلى آخر مثل شارعي "مقطع السكّة" و "طراد". واستتبعت هذا التمدّدَ المصحوب بشعور من فائض القوّة، إشكالات شخصية وفردية عديدة، تحوّلت إلى طابع طائفيّ، طرحت معها مسألة التعايش الأهليّ الآمن، ومدى نجاح نموذج "حزب اللّه" في التأقلم داخل المجتمعات المتنوّعة والمتشابكة ثقافيًّا وطائفيًّا.

إزاء هذه المشهدية، برزت في الآونة الأخيرة، لا سيّما بعد حرب المشاغلة، متغيّرات ملموسة داخل المجتمع الشيعي في برج حمود. أحد البارزين من فاعليات المنطقة والمطلع على حيثياتها وحياتها اليومية، لفت إلى حضور وتقدّم أقوى لـ "أمل" على الأرض، يُقابله تراجع واضح لمظاهر "الحزب". إذ غابت أعلام الأخير واستُبدلت برايات "الحركة"، كما أنّ مكتبها في شارع "طراد" ورفع العلم اللبناني وصورة رئيس مجلس النواب نبيه برّي "لطّف الأجواء". وأضاف أنّ التنسيق بين "الحركة" والقوى المحلية في ملفات لها علاقة بالنازحين السوريين وهموم المنطقة ومعالجة أي احتقان أو إشكالات فردية، تأخذ طابعًا مذهبيًّا، أكثر تفاعلًا وحيوية من "حزب اللّه". وهذا يعود إلى أنّ العديد من الشيعة وخصوصًا الذين هم من أبناء برج حمود لم يغادروها خلال الحرب الأهلية، ونسجوا علاقات جيّدة ومتينة اجتماعيًا واقتصاديًا وشخصيًا مع الأرمن وباقي المسيحيين، ووجدوا بأن إطار "الحركة" هو أكثر ملاءمة وقبولًا في هذه المنطقة الحسّاسة. وإذا كان تمدّد "حزب اللّه" قد برز بعد حرب تموز 2006 واتفاق "مار مخايل"، فيبدو أن حرب تشرين 2023، قد أعادت تقليص وجود "الحزب"، أقلّه ظاهريًّا في بعض الأحياء حيث فيها تجمّعات شيعية.

طوني عطية -نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا