بوتين يؤكد مع نتنياهو على دعم وحدة وسيادة سوريا ومراعاة حقوق المجموعات العرقية والدينية
تقرير لـ"Middle East Eye": لماذا تعهد إسرائيل بـ"حماية" الدروز فارغ؟
ذكر موقع "Middle East Eye" البريطاني أن "أحداث السويداء في الجنوب السوري تتكشف في لحظة نادرة من التوافق الإقليمي، بين المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر والولايات المتحدة، وذلك بعد 14 عامًا من الحرب الأهلية الدموية التي شردت الملايين. وللمرة الأولى منذ سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول الماضي، كان هناك أمل حقيقي في أن تتمكن سوريا أخيرا من دخول فصل جديد من الاستقرار الوطني وإعادة الإعمار في عهد الرئيس أحمد الشرع. لكن من يفترض أن هذا الانتقال سيكون سلسًا فهو مخطئ، فقد خلّفت الحرب ندوبًا عميقة. عانى الملايين من أهوال لا تُوصف في ظل حكم الأسد، حيث ارتكزت استراتيجية النظام للبقاء على أساس طائفي، ويعود هذا الإرث للظهور الآن".
وبحسب الموقع، "في الأسبوع الماضي، تجددت التوترات الطائفية في السويداء مع اندلاع أعمال عنف بين الدروز والقبائل البدوية. وأظهرت هذه الأحداث مرة أخرى مخاطر الطائفية في بلد لا يزال يعاني من وجود آلاف المقاتلين السابقين والشباب الذين لم يعودوا بعد إلى الاندماج في الحياة المدنية. وتواجه سوريا سنوات من إعادة البناء الهيكلي والمجتمعي، وهي عملية تعتمد على قدرة النظام الجديد على تعزيز حوار وطني شامل. حتى الآن، لم تُكلّل هذه العملية بالنجاح، لكن الزمن كفيل بإثبات ذلك. ومما زاد من زعزعة الاستقرار قرار إسرائيل الأخير بشن غارات جوية على قوات النظام، بما في ذلك مقراتها العسكرية في دمشق. هذه الإجراءات لا توحي باستراتيجية للسلام، بل بمحاولة لزرع الفوضى وعرقلة عودة سوريا إلى الحياة الطبيعية. وقد بررت إسرائيل هذه الهجمات بذريعة حماية الدروز، لكن سرعان ما أطلق القادة الإسرائيليون تهديدات مبطنة للنظام السوري، وحتى للشرع نفسه. وناقش بعض المعلقين علنًا تقسيم سوريا وإقامة منطقة حكم ذاتي للدروز في الجنوب".
المستنقع الاستراتيجي
بحسب الموقع، "يعكس هذا الخطاب المأزق الاستراتيجي الذي تعيشه إسرائيل، وهو فخٌّ من صنعها. فالحرب في غزة، إلى جانب عقيدة الحرب الدائمة التي تنتهجها إسرائيل، ليست كارثية أخلاقياً فحسب، بل تُعدّ أيضاً وسيلةً لتشتيت الانتباه، تُتيح لها التظاهر بأنها المدافع عن الأقليات في الشرق الأوسط. وبحسب هذه الرواية، فإن العنف الذي تمارسه إسرائيل في غزة مبرر من خلال رؤية للمنطقة على غرار إسرائيل نفسها: مجزأة، ومقسمة على أسس عرقية ودينية، وغير قادرة على إنتاج دول قومية متعددة الأعراق. سبق أن اقترحت إسرائيل تقسيم سوريا إلى كانتونات. لكن، بالإضافة إلى استحالة تطبيقها لوجستيًا وسياسيًا، إذ تتطلب إجماعًا دوليًا نادرًا، فإن هذه المقترحات تعجز عن استيعاب التعقيدات الاجتماعية في سوريا".
ورأى الموقع أنه "لا يُمكن بسهولة تقسيم النسيج الاجتماعي المتنوع في سوريا. وتفكيكه، حتى تحت ستار "الحماية"، لن يُؤجج إلا المزيد من الفوضى. في الواقع، قد تخدم هذه الفوضى مصالح إسرائيل. فالأخيرة، تاريخيًا، اعتبرت الحرب الأهلية السورية ميزة استراتيجية. إذا مضت إسرائيل قدمًا في خطتها لتقسيم سوريا "لحماية" الدروز في الجنوب، فسيتعين عليها إرسال قوات برية إلى السويداء، وهي منطقة تقارب ربع مساحة إسرائيل. وقد يكون الغزو العسكري هو الجزء السهل، بينما سيكون الحفاظ على المنطقة أصعب بكثير. وأظهرت حرب إسرائيل المطولة على غزة محدوديتها، حتى في منطقة محاصرة أصغر بكثير، وبدعم من القوى الغربية. فاحتلال السويداء سيزيد من إرهاق القوى البشرية الإسرائيلية في وقت تعاني فيه من استنزاف داخلي وعسكري. في الحقيقة، يُدرك المسؤولون الإسرائيليون هذا الأمر. وتُعارض الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية زعزعة الاستقرار أكثر، حتى داخل القيادة العسكرية الإسرائيلية، ثمة مقاومة للتوسع في سوريا. لقد علمت حرب غزة إسرائيل درساً مؤلماً: فالدول العربية المستقرة تميل إلى تجنب التورط في غزة، في حين تشكل الدول الهشة مثل
لبنان والعراق واليمن تهديدات مستمرة".
الضغط المتزايد
وبحسب الموقع، "مع ذلك، يتزايد الضغط داخل إسرائيل من مواطنيها الدروز، الذين ينقسمون إلى مجموعتين: أولئك القادمين من فلسطين التاريخية، الذين اختارت قيادتهم قبول دولة إسرائيل بعد عام 1948 وتم دمجهم تدريجيا في هياكل الدولة الإسرائيلية، ولا سيما من خلال الخدمة العسكرية الإلزامية، والمجتمع الدرزي الأصغر في مرتفعات الجولان المحتلة، والذي رفض تاريخيا الحكم الإسرائيلي. يلتحق حوالي 80% من الدروز رجالاً ونساءً بالجيش الإسرائيلي، ويخدم 39% منهم في وحدات قتالية. وفي ظل أزمة الموارد البشرية المتفاقمة، والانسحاب السياسي للأحزاب المتشددة بسبب نزاع حول الإعفاءات من الخدمة العسكرية، وتراجع معنويات جنود الاحتياط، يتمتع الدروز بنفوذ كبير في صنع القرار العسكري".
وتابع الموقع، "كان تأثيرهم جليًا هذا الشهر، حيث اخترق مئات الدروز الإسرائيليين السياج في مرتفعات الجولان المحتلة ودخلوا جنوب سوريا. وفي حين عاد معظمهم منذ ذلك الحين، أفادت التقارير ببقاء العشرات منهم للمساهمة بخبراتهم العسكرية. ووفقًا للقانون الدولي، يُعتبرون الآن مقاتلين أجانب غير شرعيين، منتهكين سيادة دولة أخرى. ورغم خطاب إسرائيل العسكري، فإنها لن تُعرّض مصالحها الاستراتيجية تجاه الدروز للخطر الحقيقي. فالدولة نفسها التي تحرم الدروز من الاعتراف الرمزي في قانون الدولة القومية، وتفشل في حمايتهم من الجريمة المنظمة، من غير المرجح أن تُخاطر بشن حرب مفتوحة نيابةً عنهم. بل إن تدخل إسرائيل في سوريا هو محاولة لموازنة الضغوط الداخلية مع أجندتها الإقليمية. وبقيامها بهذا الأمر، فإنها تكشف عن الفراغ الذي تعيشه الجماعة اليهودية الدرزية المزعومة وعن إحباطها من الإجماع الدولي الجديد حول سوريا والذي يتناقض مع أهدافها".
وأضاف الموقع، "لكن المأساة الأكبر تكمن في سوريا نفسها. وتُذكّر مقاطع الفيديو التي نشرها الطرفان بالحرب الأهلية اللبنانية وأهوال العنف الطائفي. إن المهمة المُلحة للسوريين ليست المطالبة باستعادة مدنهم أو تحقيق انتصارات عسكرية، بل طرح أسئلة سياسية مُلحة: أي نوع من المجتمع المُشترك يُمكن إعادة بنائه؟ وكيف سيبدو التكامل بين مختلف الطوائف الدينية والعرقية؟ حتى لو نجح الانفصاليون الدروز في إنشاء منطقة حكم ذاتي بدعم إسرائيلي، فسيواجهون تداعيات اجتماعية واقتصادية. ستُشتت العائلات، ويموت الرجال في المعارك، وستصبح المجتمعات المحلية تابعة للمصالح الإسرائيلية، وهذا سيؤثر على السكان الدروز في لبنان والأردن وسوريا. وإذا تفاقمت الأزمة، فمن المتوقع أن تتفكك المزيد من الأسر، ولن تأتي إسرائيل لإنقاذهم".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|