قوات أمريكية على حدود إيران.. ممر زانجيزور ينذر بمواجهة إقليمية كبرى

تعهدت طهران بالرد على ما أسمته "محاولة تطويقها" عبر ممر "زانجيزور" المحاذي لحدودها مع أرمينيا، بعد اتفاق ثلاثي بين الأخيرة و الولايات المتحدة وأذربيجان، لتسليم إدارة الممر لواشنطن، ما يسمح بانتشار القوات الأمريكية على الحدود الإيرانية.

وتسعى أذربيجان، الحليف الوثيق لإسرائيل، إلى الوصول إلى جيب نخجوان التابع لها عبر الممر الذي يشق الأراضي الأرمينية المحاذية للحدود الإيرانية، وفق تقرير لمجلة "ذا كرادل".

وأمس الأحد، حذّر علي أكبر ولايتي، المستشار البارز للمرشد الأعلى الإيراني، من أن ممر زانجيزور المقترح هو مخطط جيوسياسي "يُنفذ كغطاء لمشاريع أوسع" تقودها الولايات المتحدة وإسرائيل وحلف شمال الأطلسي والحركات القومية التركية، بهدف تقويض "الأمن القومي".

وقال ولايتي في حفل أقيم في طهران إن الهدف الحقيقي للممر هو "إضعاف محور المقاومة، وقطع ارتباط إيران بالقوقاز، وفرض حصار بري على إيران وروسيا في جنوب المنطقة".

ووصف الخطة بأنها جزء من "استراتيجية أمريكا لتحويل الضغوط من أوكرانيا إلى القوقاز" واتهم داعميها بالسعي إلى تآكل الوحدة الثقافية والتاريخية لإيران.

ويرى مراقبون أن الممر ينذر بإشعال مواجهة إقليمية كبرى، إذ يمثل حاجزا فاصلا يعزل إيران عن القوقاز، وكذلك روسيا، الحليف الرئيس لطهران.

ما ممر زانجيزور؟
نشأت خطة ممر زانجيزور بعد حرب ناغورنو كاراباخ عام 2020 كجزء من وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه روسيا.

ونص اتفاق وقف إطلاق النار على إنشاء ممر نقل على الأراضي الأرمينية على طول الحدود الإيرانية لربط أذربيجان وجيبها نخجوان.

وتفسر باكو الاتفاق على أنه ضوء أخضر لإنشاء ممر آمن ومتواصل عبر جنوب أرمينيا تحت سيطرتها، في حين تصر يريفان على أن جميع الطرق يجب أن تظل تحت السيادة الأرمينية الكاملة.

وكان إعلان شوشا لعام 2021 بين تركيا وأذربيجان قد حدد بالفعل استراتيجيات البنية التحتية طويلة الأجل، بما في ذلك الممر.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، كشفت مذكرة سرية نشرتها صحيفة "بيريوديستا ديجيتال" الإسبانية عن اتفاق مثير للجدل من شأنه أن يضع ممر زانجيزور الأرميني تحت السيطرة الأمريكية لمدة 99 عاماً، مما يعني عملياً تسليم أراض وطنية رئيسة لشركات عسكرية أمريكية خاصة، وتسهيل وصول أذربيجان دون عوائق إلى نخجوان وتركيا.

وذكرت الصحيفة الإسبانية أن الوثيقة التي تحمل عنوان "مذكرة تفاهم بشأن إنشاء ممر النقل "جسر ترامب" حظيت بموافقة أرمينيا وأذربيجان والولايات المتحدة.

ورغم أن الاتفاق يؤكد سيادة أرمينيا على منطقة سيونيك، فإن الممر نفسه سيتم تشغيله وتأمينه من قبل شركة عسكرية خاصة مرخصة من الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تنشر نحو ألف فرد.

وسيتم تفويض الشركة العسكرية الخاصة باستخدام القوة "للحفاظ على سلامة الممر"، مما يضعه فعليًا خارج السيطرة الأرمينية.

ووفقاً للتقرير، فإن تسليح القوات الأمريكية بالوكالة للممر يعكس أيضاً أهدافاً استراتيجية أوسع نطاقاً، من خلال ترسيخ موطئ قدم أمريكي دائم على الحدود الإيرانية.

ورغم أن القوات المتحالفة مع الولايات المتحدة كانت في البداية غير مسلحة بأسلحة ثقيلة، إلا أن وجودها على الحدود الأرمينية الإيرانية يُمثل تحولاً جيوسياسياً كبيراً.

وأثارت المذكرة غضب بعض الأرمن وأعضاء الشتات الأرمني، حيث وصف الكثيرون موافقة رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان على الشروط بأنها خيانة وطنية.

خلال حربها مع إيران في يونيو/حزيران، أفادت التقارير أن إسرائيل أطلقت طائرات بدون طيار من المجال الجوي الأذربيجاني، ويُفترض أنها حصلت على إذن من باكو.

3 خيارات للنقل
لا يعد زانجيزور الطريق الوحيد لإعادة ربط أذربيجان القارية بجيب نخجوان المتمتع بالحكم الذاتي. هناك بديل ثانٍ أكثر منطقية يتمثل في إنشاء طرق برية مباشرة عبر يريفان أو كاراباخ.

وهذه المسارات، إن تم اتباعها، قد تُسهم في بناء تكامل اقتصادي مستدام بين أرمينيا وأذربيجان، وهو أمر أكثر أهميةً بكثير من ممر جنوبي ضيق يلتف حول الحدود الإيرانية ويعزل نخجوان. إلا أن هذا البديل غائبٌ بشكل واضح عن النقاش العام.

الحل الثالث، وربما الأكثر فعالية، موجود بالفعل: سكة حديد القوقاز المعطلة. إذا كان هدف جميع الأطراف هو إنشاء ممر إقليمي حقيقي - ممر يخدم كلا البلدين وربما يدمجهما في تدفقات تجارية أوسع بين الشرق والغرب - فإن إعادة بناء السكك الحديدية سيكون الخيار الأكثر منطقية.

لكن هنا تكمن العقبة السياسية، إذ تُشغّل سكك حديد جنوب القوقاز السكك الحديدية الأرمينية، وهي امتيازٌ مُنح منذ عام 2008 لشركة السكك الحديدية الروسية، بموجب اتفاقية مدتها 30 عاماً. إعادة فتح هذا المسار من شأنه أن يُعزز البنية التحتية الروسية ونفوذها، وهو ما تسعى كلٌّ من يريفان وباكو إلى منعه الآن.