حاكم عسكري "إسرائيلي" للبنان وسوريا
حتى إنها لا تكتفي بأن يكون لبنان أميركياً، وأن تكون سوريا أميركية، يفترض أن يكون هناك، على شاكلة الضفة الغربية، حاكم عسكري "اسرائيلي" في كل من البلدين الشقيقين . بلدان شقيقان ؟ أهكذا تكون العلاقة بين الشقيقين، أن يرابط الآلاف من عناصر الفصائل على الحدود مع لبنان لا على الحدود مع "اسرائيل" ؟ وهل بقيت هناك حدود بين سوريا و "اسرائيل"؟
استبشرنا خيراً بظهور مؤشرات سعودية على فتح أبواب المملكة أمام المنتجات اللبنانية، خصوصاً بعد احتواء أو تفكيك شبكات تصنيع وتسويق المخدرات، لنفاجأ بمن يقول أن لا فتح للأبواب قبل نزع سلاح حزب الله، ودون أن ندري ما علاقة تصدير التفاح أو الباذنجان الى دولة شقيقة بمسألة السلاح ؟ وكنا نتمنى لو صحت المعلومات التي ترددت أمس، حول زيارة مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله السيد عمار الموسوي للرياض، لكن مسؤولاً بارزاً في الحزب نفى لنا ذلك. لكن معلومات "الديار" تؤكد أن الايرانيين ماضون في مساعيهم، لبث الحرارة في العلاقات بين الجانبين .
لطلما قلنا ان حجر قايين ظل يتدحرج عبر الأزمنة، حتى استقر في عقر دارنا. هل الشيعي شقيق الشيعي في لبنان، لو لم يضعهم الخطر الاسرائيلي في خندق واحد؟ وهل السني شقيق السني، لولا العباءة الخارجية التي نجحت في احتواء الجميع؟ وهل الماروني شقيق الماروني ببعض القيادات، التي تنظر الى الدور المسيحي من ثقب الباب؟ وهل الدرزي شقيق الدرزي لولا وليد جنبلاط، الذي قال لنا ذات يوم حين حملت اليه كتاباً من النوع الذي كان والده شغف به: "أنا اهتمامي اليوم بقبيلتي..."؟
كل تلك الأخطار، ولا يهتز للكثيرين منا جفن . متى لم يلعب "الاسرائيليون" على نقاط ضعفنا، وهي النقاط القاتلة ؟ هذه ثقافتنا التي لا تمت بصلة الى ثقافة العتابا والميجانا. لقد حاولت القبيلة الرحبانية أن تنقلنا الى سطح القمر، سكتت فيروز وأقفلت كل الطرقات التي تفضي الى القمر. وعندما رحل زياد رحل الناطق باسم اللبنانيين، بدل ذلك الكوكتيل من الببغاءات والغربان !
اي بلد ذاك حين يضعه قادته، بالتأجيج السياسي والتأجيج الطائفي، على تخوم الحرب الأهلية ؟ منذ الاستقلال، الا في حالات محدودة، لم تحاول السلطة قطعاً أن تخرج الوحوش من داخلنا. تلك الحشود، بالشعارات وبالأزياء الزاهية التي كانت في انتظار الحبر الأعظم، لا يربط بينها أي رابط بنيوي، نتوقفً عند استشراء وباء الكراهية، لنجد أنفسنا أمام النظرية الرهيبة للأنكليزي توماس هوبز "الجميع ذئاب الجميع". ليتنا الذئاب في وجه الذئاب، الذين ما ان تناهت اليهم واقعة شاطئ بونداي في اوستراليا، حتى وجهوا اصابع الاتهام الى فريق لبناني معين، وبعيد جداً عن لعبة الدم، وعن كهوف تورا بورا.
ما أثار الصدمة لدينا أن وسائل اعلام لبنانية، وبينها الشاشات بطبيعة الحال، شاركت "الاسرائيليين" في توجيه الاتهام، وحتى حين كان دونالد ترامب الذي يبحث عن ذريعة اضافية لاحكام الحصار على ايران وعلى حزب الله، يتهم المعادين للسامية، وحين كانت السلطات الاوسترالية تسلط الضوء على علاقة المهاجمين بـ"تنظيم الدولة الاسلامية" ("داعش")، ليظهر ذلك فعلياً بعد العثور على علمين للتنظيم في سيارة الابن .
لبنان أمام عدو لا نظير له، لا في العالم ولا في التاريخ. كتابهم المقدس هكذا، وإلههم هو "رب الجنود" لا "رب العباد". هل ثمة من إله، حتى لدى الوثنيين، يرتدي الملابس المرقطة، ويدعو الى ابادة الآخرين ("الغوييم" ؟ وهذه ما تؤكده الميثولوجيا العبرانية، التي تتحدث عن الإله الذي يرشق من كهفه السابلة بالحجارة. حتى الآن لم تتوقف عملية رشق الآخرين، القنابل بدل الحجارة (متى القنابل النووية ؟)، ودون أن يتنبه قادة الدولة العبرية الذين يستمدون قوتهم من الامدادات العسكرية الأميركية، الى أن التاريخ لا يسير في خط مستقيم، لكي يمضوا في ذلك الجنون الدموي، وفي كل الاتجاهات...
حتى إن دونالد ترامب أكد أمس ما صرح به منذ بضعة أشهر، من أن "النفوذ السياسي المؤيد "لاسرائيل"في واشنطن كان منذ عقد هو الأقوى بين جماعات الضغط، لكن لم يبق كذلك في الوقت الراهن". ميريام ادلسون، العاشقة "لاسرائيل" أكثر من عشقها لأميركا، تحذر من أن "تفلت أميركا من أيدينا ..."
وحين تقول واشنطن انها تعمل على خفض التصعيد على الجبهة اللبنانية، ترد "تل أبيب" على ذلك بتعزيز وجودها في النقاط اللبنانية الخمس المحتلة، للتأكيد على عدم الانسحاب، حتى لو وقّع لبنان بالأصابع العشرة على صك السلام، أو حتى على صك الاستسلام. ولنأخذ الأمثولة من سوريا، حيث أعلنت السلطة على رؤوس الأشهاد، عدم عدائها "لاسرائيل"، بعد الصمت عن تدمير الجيش السوري بالكامل. ماذا كانت النتيجة ؟ شروط الاستسلام...
السناتور لندسي غراهام، "الحاخام" الأكبر في تلة الكابيتول، لم يتحمل حتى الشعارات التي أطلقها عناصر من "الجيش السوري الجديد"، خلال عرض عسكري بحضور الرئيس أحمد الشرع (نصر وثبات ليل نهار، ننهض في وجهك أيها العدو، من جبال النار نمضي، من دمي اصنع ذخيرتي، ومن دمكم تجري الأنهار)، مشدداً على أن يتم دعم الحكومة السورية بـ"حذر وعيون مفتوحة"، ومؤيدا الاحتلال الاسرائيلي للأراضي السورية.
ليتنا نكتشف أننا بأيدينا ندفع لبنان ليس فقط نحو الاستسلام، بل نحو الزوال. هنا الطامة الكبرى ...
نبيه البرجي - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|