الصحافة

"العنيد" سيمون كرم... يخلُف نعيم قاسم!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا يختلف اثنان على أنّ تعيين سيمون كرم، الدبلوماسيّ/المدنيّ، على رأس لجنة “الميكانيزم” المكلَّفة بالتفاوض مع إسرائيل، أوقف تدحرج “الحرب الشاملة” التي كانت إسرائيل تهدّد بها. أو على الأقلّ “أخّرها”. اشترى للبنان بين شهرين وثلاثة أشهر كفرصة إضافيّة للجيش لينهي عمله جنوب الليطاني، على أن يبقى الحال على ما هو عليه، من ضربات إسرائيليّة محدودة وصغيرة وموجّهة، ترفض أميركا طلب بنيامين نتنياهو تحويلها إلى “حرب.”

فجأة اكتشف لبنان أنّه يستطيع أن يكون لاعباً على مستوى المنطقة. بعد سنوات من وظيفة “الساحة” ودور على “مقاعد المتفرّجين”، استلّ الرئيس جوزف عون ورقةً وطنيّة، كانت “محرّمة”. تشبه الاحتياطيّ الإلزاميّ الوطنيّ. أو قُل: القرش السياسيّ الأبيض، لليوم الأكثر سواداً. ما إن غادر البابا ليون الرابع عشر بيروت، على وقع طبول الحرب، أشهَر لبنان هذه الورقة. فوصلت فوراً إلى طاولة البيت الأبيض. تفحّصها الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب. وفوراً سحب “الضوء الأخضر” من يد بنيامين نتنياهو. منذ تلك اللحظة أخذت الأمور مساراً مختلفاً.

سيمون كرم يخلف نعيم قاسم

قبل عام بالتمام والكمال، أعلنت إيران نعيم قاسم أميناً عامّاً جديداً لـ”الحزب”. “الحزب” الذي أخذ على عاتقه “حماية” لبنان منذ ربع قرن، منذ تحرّر جنوب لبنان في أيّار 2000.

لم يستطِع نعيم قاسم أن يحتفظ طويلاً بـ”الدور” الذي كان يحمله منصبه. فهو الذي أرهق اللبنانيّين بخطاب “ترميم القدرات”، ظلّ عاجزاً أمام مئات الاغتيالات اليوميّة لقادة حزبه وعناصره وكوادره، وبلا حيلة أمام الإذلال اليوميّ لفكرة “الحماية” التي كان يدّعيها. كان أكثر الضربات إيلاماً قتل رئيس أركانه العسكريّة هيثم الطبطبائي في ضاحية بيروت الجنوبيّة مع عدد من الكوادر العليا.

تعيين سيمون كرم غيّر المعادلة فوراً. خفتت أصوات طبول نتنياهو. وأصدر مكتبه قراراً بإرسال نائب رئيس الأمن القوميّ الإسرائيليّ للتفاوض مع كرم. للمرّة الأولى، يصدر عن نتنياهو قرار “سياسيّ” يتعلّق بلبنان، بدل القرارات العسكريّة.

“العنيد” سيمون كرم

لحظة تعيين سيمون كرم، تبيّن سريعاً أنّ هذا الرجل، ابن “العِناد” بوجه الوصاية السوريّة، وبوجه الاحتلال السياسيّ الإيرانيّ لاحقاً، أُسنِدَت إليه مهمّة لا تتطلّب مهارات التفاوض الدبلوماسيّ فقط، بل وعناداً مُضاعَفاً. مهمّة “عاندت” أوّلاً قرار الحرب الإسرائيليّ، قبل أن تعاند “الحُرُم” اللبنانيّ على التفاوض “السياسيّ” و”الدبلوماسيّ” مع إسرائيل. ستعاند أيضاً في أيّامها الأولى هجمات “شعبويّة” مُتوقّعة من بيئة “الحزب” المباشرة.

التفاوض في جوهره مزيجٌ من “العِناد” و”التنازلات”.

هكذا تحوّلت مهمّة سيمون كرم إلى خليط من “الحماية” و”التجرّؤ” و”المعاندة” و”التنازل المحسوب”. هو الذي وافق على المهمّة “تحت الضغط”، لكن “بخريطة” واضحة. أوّلها عدم شنّ حملات سياسيّة من أيّ طرف ضدّ دوره. وهذا ما حصل فعلاً: التزم “الحزب” تحرّكات رمزيّة عبر “كتيبة الموتوسيكلات”، من دون أيّ تحرّكات شعبيّة جدّيّة. وأرسل الرئيس نبيه برّي إشارات متناقضة، بين “الموافقة” و”رفض استقباله.”

من “الدّولة” إلى “الدّويلة”

اليوم الذي سلّم فيه نعيم قاسم “الشعلة” إلى سيمون كرم، سيكون يوماً مفصليّاً في الذاكرة اللبنانيّة. هي لحظة اعتراف معلن من “الدويلة” بأنّها سلّمت أمرها إلى “الدولة”.

إذ حين بدت البلاد معلّقة على شفا مواجهة إقليميّة كبرى، نجحت “الدبلوماسيّة” اللبنانيّة في “وقف الحرب الشاملة” أو “تأخيرها” على الأقلّ. نجحت حيث فشل السلاح. بل حيث كان السلاح يعمّق الحفرة التي دخلها لبنان في 8 أكتوبر/تشرين الأوّل يوم قرّر “الحزب” دخول “حرب الإسناد.”

السلاح كان يستدرج الحرب، والدبلوماسية هي التي أوقفت تدحرجها.

سيمون كرم ليس ساحراً بيده الحلّ والربط. لكنّه “اكتشاف” لبنانيّ متأخّر، مفاده أنّ “الدولة” و”الشرعيّة”، لها قوّة تفوق قوّة عشرات آلاف الصواريخ. حين تبادر السلطة، وحين يكون على رأسها من يتحمّلون المسؤوليّة، ولا يخشون لومة لائمٍ، تصبح النجاة ممكنة.

بالطبع، قد لا تُبنى تسوياتٌ كبرى على يد كرم. وقد لا تتجاوز وظيفته حدود تأجيل الحرب. لكنّه سيظلّ إشارةً إلى قدرة الشرعيّة على تعطيل عجلة الحرب واستعادة شيءٍ من المبادرة. على أمل أن يواصل لبنان هذه المغامرة العاقلة.

محمد بركات- أساس ميديا

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا