اسرائيل تكشف نواياها: القضاء على حزب الله والجيش
تتعدد التحليلات حول الموقف الإسرائيلي المتشدد تجاه لبنان، لا سيما ما يتعلق بوجوب القضاء على "حزب الله"، وتبرز مفارقات لافتة تكشف عن نوايا إسرائيلية أعمق من مجرد "تأمين المستوطنات" أو السعي لتطبيق القرار 1701، او العيش بسلام مع "الجيران" اللبنانيين، وهذه النوايا تكشف بوضوح محاولة استهداف الجيش اللبناني واضعافه وشلّه كلياً، حيث تسير اسرائيل عكس تيار الإجماع الدولي الذي يرى في الجيش اللبناني حجر الزاوية للاستقرار.
يخصص المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة، مساعدات عسكرية مستمرة للجيش، مصحوبة بإشادات متواصلة بدوره والمهام التي ينفذها في الجنوب وكل انحاء لبنان. هذه المساعدات، ورغم القيود المفروضة على الأسلحة النوعية، تعكس ثقة دولية في مؤسسة وطنية تحظى بإجماع لبناني واسع كضامن للسيادة والاستقرا، وكورقة اخيرة يمكن اللجوء اليها حين تصطدم الحلول بحائط التعقيدات... انما، على النقيض من هذه الثقة العالمية، يبدو الموقف الإسرائيلي مليئاً بالريبة. فبينما يرى العالم في دعم الجيش اللبناني الحل الأمثل لملء أي فراغ أمني، تنظر إسرائيل بعين الشك إلى قدرة هذا الجيش أو رغبته توحيد السلاح في لبنان اي بمعنى آخر، محاباة حزب الله ، من هنا كان "تسريب" التصاريح والتحليلات في الصحف الاسرائيلية عن"تعاون" بين المؤسسة العسكرية اللبنانية والحزب، فيما الاميركيون ضنينون بمواكبة تحركات الجيش في كل ما يتعلق بحزب الله، عبر لجنة "الميكانيزم"، وفي كل شاردة وواردة.
بعيداً عن الخطابات الرسمية، قد يكون قلق إسرائيل نابعاً من إدراكها لـ"شراسة" عناصر الجيش اللبناني في القتال الميداني وقدرتهم على التكيف، حتى مع امتلاكهم لترسانة عسكرية متواضعة مقارنة بالجيش الإسرائيلي. هذا القلق ليس من فراغ؛ فالتاريخ اللبناني مليء بشواهد ارادة الجيش وقوته في معارك مختلفة خاضها على الاراضي اللبنانية. ويدرك المخطط العسكري الإسرائيلي أن التخلص من "حزب الله" لا يعني بالضرورة أن الجنوب اللبناني سيصبح "لقمة سائغة" في حال قررت إسرائيل تنفيذ عمليات برية واسعة أو احتلال أراضٍ لبنانية أو السيطرة على مواردها الطبيعية، كالثروات النفطية والغازية مثلاً.
إن خشية إسرائيل الحقيقية قد لا تكون من ضعف الجيش اللبناني، بل من قوته النابعة من شراسة ابنائه الذين لن يتوانوا عن تقديم الغالي والرخيص في سبيل الدفاع عن ارضهم وقضيتهم، التي قد تتجلى في مواجهة عدوان خارجي شامل، من دون التردد والتوقف عن درس العواقب والحسابات. ويكمن الخبث الاسرائيلي في الكلام السام الذي يتردد بحق الجيش اللبناني، فلو كان المسؤولون الإسرائيليون جادين في القضاء على التهديد الذي يمثله "حزب الله"، لكان المنطق يقتضي دعم القوة العسكرية الشرعية والوطنية الوحيدة القادرة على الحلول محله وفرض سيادة الدولة، اي الجيش اللبنان، وليس التشكيك به وبدوره. لكن عدم رغبة إسرائيل في تقوية الجيش اللبناني تشير إلى هدف أبعد: إبقاء السيطرة والهيمنة على المشهد الأمني في جنوب لبنان. قد تسعى إسرائيل إلى فرض واقع جديد يتمثل في منطقة عازلة واسعة ومنزوعة السلاح كلياً تحت إشرافها أو وفق شروطها، خصوصاً مع اقتراب موعد الانسحاب الكامل لقوات "اليونيفيل" (قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان) المتوقع في عام 2027، ومع علمها ان تفوقها الجوي لن يتراجع قيد انملة، ولن يكون هناك من يقف في وجه سيطرتها الجوية، وهي رغبة دولية منذ عقود من الزمن.
وبالتالي، إن التضارب بين الثقة العالمية بالجيش اللبناني وريبة إسرائيل منه، يكشف عن طموحات تل أبيب في إبقاء لبنان ضعيفاً ومقسماً، وضمان بقاء اليد العليا لها في أي ترتيبات أمنية مستقبلية، وهو ما يتطلب تضامناً اوسع مع الجيش، والتفافا اكبر حوله، لان ابناء هذه المؤسسة العسكرية هم القادرون على احداث الفارق عند اللزوم، واذا كانت اسرائيل قلقة من عناصر حزب الله في الدفاع عن الارض، فمن المؤكد انها اكثر قلقاً من تواجد الجيش على كامل الارض اللبنانية، لان التفوق الجوي لا يمكن ان يتمد الى الارض، ولا بد من مواجهة ميدانيّة على الارض، وعندها يكون الامتحان.
طوني خوري- النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|