"لا أدب ولا أخلاق".. أول رد من إلهام شاهين بعد الهجوم عليها بسبب فستانها
زيارة البابا إلى لبنان... بركة روحية أم إنذار سياسي؟
في عز الاحداث التي تعصف بالمنطقة، وما ينتج عنها من تغييرات، تبرز زيارة البابا إلى بيروت بوصفها الاولى له الى الخارج، كحدث استثنائي تتقاطع عنده الرمزية الدينية مع الدلالات السياسية. فالزيارة لا تأتي في زمنٍ طبيعي، بل في لحظة لبنانية حرجة على مستوى "الكيان" المنقسم على نفسه، وانكماش الدور المسيحي الذي كان يوماً محور التوازن في الشرق.
فمنذ سنوات، يعيش المسيحيون اللبنانيون قلقا وجودياً غير مسبوق: هجرة متصاعدة، تراجع في النفوذ داخل الدولة، انقسام بين القيادات وشعور متنام بالعزلة، في بحر التحولات الإقليمية والدولية، من حرب غزة وتبدّل موقع إيران، إلى الانفتاح الخليجي والتغيير السوري، حيث يجد المسيحيون أنفسهم أمام معادلة جديدة بتوازناتها وحساباتها.
في هذا السياق المضطرب، يطل البابا ليون الرابع عشر، الاميركي الهوى والهوية، على لبنان، لا كراع روحي فحسب، بل كصوت يحاول أن يذكر العالم بأنّ "أرض الأرز" ليست تفصيلاً في الجغرافيا، بل ركن في هوية الشرق المتنوّع، و"رسالة حرية وتعايش"، كما قال سلفه يوحنا بولس الثاني.
من هنا، تأتي زيارة البابا المنتظرة لتطرح سؤالاً كبيراً: هل ما زال يمكن إنقاذ لبنان الرسالة؟ وهل يستطيع الصوت البابوي أن يعيد إلى الوجود المسيحي في الشرق شيئاً من الثقة والدور؟ أم أن الزيارة ستكون على غرار كثير من المواعيد اللبنانية، لحظة أمل رمزية سرعان ما تنتهي في واقعية السياسة ومرارة الواقع؟
مصادر في الحاضرة البابوية اشارت الى ان زيارة البابا ليست مجرّد محطة رعوية، بل حدث سياسي بامتياز، اذ تعكس قلق الفاتيكان المتزايد من تراجع الوجود المسيحي في الشرق، مؤشرة إلى محاولة لإعادة التوازن في بلدٍ كان يوماً "ميزان المنطقة"، قبل أن يتحوّل إلى مسرح لتصادم المصالح الإقليمية والدولية.
وتابعت المصادر بان الدوائر المعنية في الحاضرة البابوية، التي تتابع الوضع اللبناني بدقة وعن قرب، تدرك مدى انكشاف الدور المسيحي داخل الدولة ومؤسساتها، نتيجة الخلافات الشخصية والطموحات الفردية لقادة الأحزاب والتيارات، التي لطالما ادّعت تمثيل المسيحيين، فيما القواعد الشعبية غارقة في لامبالاة واستسلام لواقع انتج غربة وهجرة، وهو واقع لا يعالج بخطابات الشكوى، بل بإعادة الاعتبار إلى مفهوم الشراكة الوطنية. فالمسيحيون كانوا دوماً عنصر التوازن في الدولة اللبنانية، وانكفاءهم يعني سقوط فكرة لبنان ككل، لا مجرد خسارة طائفة من مكوّناته، وهو ما ستركز عليه عظات وكلمات الحبر الاعظم.
لذلك، املت المصادر أن تصل رسالة الزيارة بوضوح إلى العواصم الإقليمية، من طهران إلى الرياض مروراً بدمشق والقاهرة، ومفادها أن حماية التنوّع ليست ترفاً غربياً، بل شرط من شروط الاستقرار الحقيقي. فلبنان بالنسبة إلى الفاتيكان، ليس جزيرة مسيحية، بل نموذجٌ للعيش المشترك، إذا انهار انهارت معه فكرة الشرق المتنوّع. ومن هنا خشية الفاتيكان أن يُترك لبنان لمصيره، وأن يتحوّل إلى ورقة تفاوض هامشية في "الصفقات الكبرى"، كما حصل سابقا، لذا يسعى البابا إلى إعادة إدراجه على الاجندة الدولية كقضية هوية ورسالة، لا كعبء سياسي.
وختمت المصادر بالقول، الزيارة لن تكون احتفالاً كنسياً بقدر ما هي إنذار سياسي من أعلى سلطة روحية في العالم المسيحي ، ومحاولة فاتيكانية لإنقاذ ما تبقّى من "لبنان الرسالة". فالكلمة التي سيقولها البابا، مهما كانت ديبلوماسية، ستكون صرخة في وجه الطبقة السياسية اللبنانية "لانقاذ البلد قبل أن يفقد نهائياً"، لان الوقت يضيق، فيما تبقى الرسالة الاهم لكل من باريس وواشنطن ، ومفادها ان "لبنان ليس مجرد ملف صغير في السياسة الشرق أوسطية، بل مساحة رمزية يجب الحفاظ عليها كجسر بين الحضارات، إذا سقط فإنّ الشرق الأوسط كلّه سيتحوّل إلى فضاء من الأحادية الدينية والثقافية".
يبقى السؤال الأعمق: هل سيترجم هذا الأمل فعلاً على الأرض؟ أم ستبقى الزيارة مجرّد لحظة عاطفية عابرة، سرعان ما تذوب في واقعية السياسة اللبنانية المعتادة؟ فالتجربة تُثبت أن أي دعم خارجي، مهما كان معنويا، لا يمكن أن يثمر من دون إرادة داخلية جدية للإصلاح والمصالحة. فهل يسمع اللبنانيون صوت الفاتيكان، قبل أن تُقرع الأجراس على وطنٍ يحتضر؟
ميشال نصر -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|