لا خيار إلا بالتفاوض غير المباشر... والمسار سيتبلور مع وصول السفير الجديد
ولكن… هل تقبل إسرائيل مفاوضات غير مباشرة مع لبنان؟
عندما طلب لبنان، في حزيران 2022 من الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، البدء بمساعيه في الوساطة غير المباشرة مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، بعد تمنع دام عشر سنوات تقريباً، كان كل شيء مختلفاً عما هي عليه الأحوال اليوم. كان الاقتصاد أولوية لدى الحكومة الإسرائيلية برئاسة يائير لابيد، كما كانت أوروبا، حينها، تبحث عن بدائل من الغاز الروسي، بعد بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، وتريد توفير كميات من إسرائيل بعدما تأكدت من وجود كميات تجارية وافية في حقل كاريش، تضاف إلى كميات ضخمة مستغلة في حقول بحرية أخرى.
يومها لم يكن مفهوم الحرب والانتصار هو السائد لا في إسرائيل ولا في لبنان، بل مفهوم الحاجة والاقتصاد، ولذلك كانت المعادلة التسووية قائمة، فالحكومة الإسرائيلية كانت ترغب في إبعاد حرب قد تضطر إليها لحماية مصالحها النفطية، و"حزب الله" لم يكن في وارد خوض "حرب الحقوق" في ظل تلاحم المصالح الغربية مع إسرائيل.
وبناء على توازن القوى، في حينه، تلاقت مصالح لبنان وإسرائيل على التوصل إلى تسوية بحرية بواسطة مفاوضات غير مباشرة، فكان الاتفاق الذي أدرجه "محور المقاومة" في خانة دعم سرديته، إذ اعتبره، بعد تجاهل التنازلات الكبرى التي قدمها، نتيجة طبيعية لقوته العسكرية التي ترعب إسرائيل، وراح يكرر التهديد الذي أطلقه أمينه العام حسن نصرالله بقصف منصات الغاز، في حال بدأت عملها، قبل أن يضمن لبنان حقوقه!
حالياً، يتطلع لبنان إلى تكرار السيناريو نفسه. يريد مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل لتحرير ما احتلته من أرض، وإطلاق من أسرتهم من مقاتلين، ووقف ما تقوم به من قصف واغتيالات، وإتاحة المجال أمام جنوبيي قرى الحافة الأمامية للعودة إلى حقولهم وأعمالهم وإعادة إعمار منازلهم، وإزالة المنطقة الحمراء التي أقامتها بالنار في جنوب لبنان.
ولكن هل لإسرائيل أي مصلحة في إجراء مفاوضات غير مباشرة تنتهي إلى اتفاق أمني وحدودي، ما دامت تملك حرية الحركة العسكرية في لبنان ويعجز أيّ طرف فيه، بعد نتائج الحرب الأخيرة، وفي ظل تفوقها النوعي، عن التحرك ضدها وإلحاق الأذى بها؟
بالطبع لا، فما تطلبه إسرائيل من لبنان، بدعم واضح من القوى المؤثرة، يتخطى الترتيبات الأمنية والحدودية، ليركز على اتفاق شامل من شأنه ضم لبنان إلى اتفاقات إبراهيم.
وبالتالي لن ترضى إسرائيل مفاوضات غير مباشرة إلا في حالة واحدة، وهي ان تكون هذه المفاوضات تهدف إلى ترتيب ظروف إطلاق مفاوضات مباشرة، وهذا لن يحصل قبل تحقيق هدفين اثنين متوازيين، أوّلهما نزع سلاح "حزب الله"، وثانيهما وضع خطة شاملة لإعادة الإعمار لا يكون "حزب الله" جزءاً منها أو مساهماً فيها أو مستفيداً منها.
وفي ضوء المعطيات اللبنانية لن يكون ذلك ممكناً، فالحكومة ليست في وارد استعمال القوة لنزع السلاح، و"حزب الله" ليس في وارد الموافقة على ما يسميه "نزع روحه"، كما أنّ الحكومة لا يمكنها، في ظل مشاركة الحزب في الحكومة، وتكاتف حركة "أمل" معه، من تمرير خطة لإعادة الإعمار من شأنها "عزل" الحزب!
وفي ظل انسداد الأفق أمام التوصل إلى تسوية، تبدو حتمية، إلّا إذا حصلت معجزة في الربع الأخير من الساعة، الجولة الجديدة من الحرب، وذلك بهدف فرض وقائع ميدانية وشعبية وسياسية جديدة، من شأنها إزالة عناد "حزب الله"!
وبمساع فرنسية وأميركية مشتركة، لن تكون هذه الجولة قبل انتهاء العام الحالي، وهي المهلة التي حددتها الحكومة اللبنانية (في الخامس من آب الماضي) لنفسها حتى تنجز سحب السلاح من كل لبنان.
وتنشط الاتصالات السياسية داخل لبنان، لإقناع "حزب الله" بإنقاذ نفسه ولبنان، من الوقوع مجدداً في شرك الحرب التي لا يملك أي مقومات لا لخوضها ولا للصمود في وجهها!
فارس خشان -النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|