شِباك التيّار تهتزّ في جبيل: الاستقالات تتوالى..
يخوض التيار الوطني الحر معارك بالجملة على الساحة الداخلية، تبدأ بموقعه المعارض بعد سنوات من الحكم والتسويات مع الأطراف الداخلية، مروراً بالتغييرات الإقليمية والاستراتيجية التي أسقطت خياراته، وصولا إلى الخلافات الداخلية التي تُعد بالنسبة إلى جبران باسيل من أخطر المعارك كونها "معركة أهل البيت".
في استحقاق 2026، لا يُحسد باسيل على موقعه. فالرجل الذي خاض الاستحقاقات الداخلية وهو في جنة الحكم، يعود اليوم إلى صفوف المعارضة مستحضراً أيام المواجهة بوجه النظام الأمني السوري حين كان الرئيس ميشال عون منفيا في فرنسا. لكنّ التيار اليوم ليس هو نفسه تيار الأمس بالنسبة إلى الرأي العام السياسي، إذ خاض "البرتقالي" تجربته على مدى عشرين سنة إلى أن وصل مجدداً إلى المقعد المعارض، مترقباً الفرصة للانقضاض على خصومه ضمن حملة سياسية يحضّر لها باسيل على أكثر من صعيد.
وبالعودة إلى معركة "أهل البيت"، يعمل رئيس التيار على تعديل أدوات المواجهة والذهاب نحو نسخة منقّحة تأخذ في الاعتبار الخطاب السياسي السائد في البلاد، والذي يميل أكثر نحو اليمين الرافض للسلاح خارج الشرعية، ولا يؤمن بالاجتهادات التي كان يطرحها "الرفاق" من مشارب سياسية مختلفة انضوت سابقًا تحت عباءة التيار. لكن ما يُعد أخطر بالنسبة إلى باسيل هو الحالة التي كوّنها بعض النواب الذين خرجوا من صفوف التيار، حيث تبيّن أنّ لهم تأثيراً ملموساً على القاعدة الشعبية. وهذا ما يلاحظه البعض في عدد من المنسقيات، وكان آخرها في جبيل مع استقالة طوني بو يونس، المنسق السابق للقضاء والمسؤول المركزي السابق عن لجنة المناطق والعلاقات السياسية في "التيار الوطني الحر". وقد أتت استقالته في توقيت بالغ الحساسية، خصوصا بالنظر إلى موقعه ودوره في العمل التنظيمي والتحضيرات الانتخابية، لا سيما البلدية الأخيرة.
وفي هذا المجال، تحدّثت مصادر مطّلعة عن أن بو يونس أبلغ قراره إلى نائبة رئيس التيار مارتين كتيلي خلال لقاء جمعهما قبل أيام، معدّداً الأسباب الشخصية والسياسية التي دفعته إلى اتخاذ هذا القرار. وتشكل استقالته حلقة جديدة في سلسلة انسحابات طالت التيار في قضاء جبيل خلال السنوات الأخيرة. البداية كانت مع النائب سيمون أبي رميا الذي أعلن خروجه من الحزب، ثم تبعه عضو المجلس السياسي مروان ملحمة. واليوم، يأتي خروج بو يونس ليؤكد أنّ التصدّع داخل القواعد الجبيلية لم يُعالج بعد، مع العلم أن العديد من الكوادر الجبيلية التي ساهمت في تأسيس الحالة العونية تركت التيار بعد تبوؤ باسيل رئاسته، ومنهم على سبيل المثال المنسّقون السابقون طوني أبي عقل، كابريال عبود، وأمين سر التيار المركزي طوني مخيبر. مع العلم أنّ خروج أبي رميا شكل ثغرة للتيار في جبيل كونه يحظى بثقة شريحة من العونيين الجبيليين الذين التحقوا به بعد خروجه من التيار في 7 آب 2024. وإلى جانب ذلك، نجح في خلق حيثية سياسية خاصة في قضاء جبيل، خارج الإطار العوني البحت.
لا يمكن إغفال تأثير خسارة شخصيات تنظيمية خبيرة لعبت أدوارا محورية في إدارة الحملات الانتخابية، الأمر الذي قد يُضعف قدرة التيار على الحفاظ على قدرته الكاملة في جبيل، وهي دائرة أساسية في الاستحقاقات النيابية.
تضع هذه الاستقالات قيادة التيار أمام تحديات كبرى، أبرزها إجراء مراجعة داخلية عميقة، إلا إذا جرى التعامل معها كخسائر طبيعية في سياق الانقسامات اللبنانية التقليدية.
ويبقى الأهم هو انعكاس استقالة بو يونس على التحالفات المقبلة في الانتخابات النيابية والبلدية، خصوصا في جبيل التي شكّلت ذات يوم أحد أبرز معاقل التيار البرتقالي، وتبدو اليوم مسرحاً لانقسامات قد تضعه أمام معركة مزدوجة: مواجهة الخصوم في الخارج، وإعادة لملمة الصفوف في الداخل.
علاء الخوري-ليبانون فايلز
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|