الصحافة

المخيم الأخطر في سوريا يتحول إلى خزان بشري يمدّ داعش بجيل جديد

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

صدرت قوات <الأسايش>، وهي قوات الأمن الداخلي التابعة للـ» الإدارة الذاتية»، بيانا يوم 3 أيلول الجاري أعلنت من خلاله عن» إحباط محاولة هروب جماعية نفذها عدد من عائلات تنظيم الدولة الإسلامية»، وأضاف البيان إن عديد هؤلاء بلغ « 56 شخصا عملوا على الهروب من المخيم( مخيم الهول) بواسطة مركبة شحن كبيرة»، وعلى الفور قامت «قوات سوريا الديمقراطية - قسد» بتنفيذ عملية أمنية واسعة بالتعاون مع» قوات التحالف الدولي» كما ذكرت في بيانها الصادر بالتزامن مع بدء تلك العملية، وقد جاء في هذا الأخير إن <القوى الأمنية عثرت على عبوة ناسفة مفخخة في القطاع الخامس الخاص باللاجئين العراقيين>، والجديره ذكره في هذا السياق إن الإعلان عن توتر، وما يعقبه من حملات أمنية، أمر ليس بجديد على واقع المخيم الذي يقع على مبعدة 45 كم من مدينة الحسكة، وإلى الشمال الشرقي منها، فوفقا لتقرير نشره< المرصد السوري لحقوق الإنسان» فإن المخيم كان قد تعرض لـ<30 هجوما إرهابيا منذ مطلع العام الجاري >، وجميعها استهدفت» منظمات إغاثة ومراكز خدمية»، وكان آخرها الحاصل مطلع شهر آب المنصرم، حيث رصدت أجهزة الأمن المسؤولة عن المخيم<تحركات مريبة تنفذها خلايا نائمة موالية للتنظيم بعد قيام زوجات المسلحين التابعين لهذا الأخير بتشكيل ما يسمى ( جهاز الحسبة)> وفقا لتصريحات أدلت بها جيهان جنان، المسؤولة عن إدارة المخيم، والتي أضافت إن هؤلاء « قاموا بحرق مقرات منظمات انسانية وتخريب مقتنياتها»، والفعل عينه عاد وتكرر في الأحداث التي شهدها المخيم خلال الأيام القليلة الماضية.

أنشىء مخيم الهول في العام 1991، بالتزامن مع انطلاق حرب <تحرير الكويت»، كمركز لإيواء النازحين العراقيين، والفلسطينيين المقيمين بالعراق، وقد بلغ عديد لاجئيه وفقا لما ذكرت مصادر <الأمم المتحدة> آنذاك نحو 15 ألف لاجئ، لكن أغلب هؤلاء غادروا المخيم في غصون سنتين باتجاه دول عديدة، ثم أعيد فتح المخيم العام 2003 في أعقاب الغزو الأميركي للعراق، والفعل نفسه عادد وتكرر، حيث غادر غالبية اللاجئين المخيم باتجاه الدول نفسها تقريبا، ومع الإعلان عن تأسيس<التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية»، العام 2014، أعيد فتح المخيم كمأوى لأفراد التنظيم المعتقلين وعوائلهم، وفي نيسان2019، أي بعد سقوط آخر معقل للتنظيم في الباغوز قبل شهر من هذا التاريخ الأخير، ذكر تقرير للأمم المتحدة إن عدد اللاجئين في مخيم الهول <بلغ 74000 لاجئ موزعين على جنسيات 42 دولة>، إلا إن هذا العدد تناقص مؤخرا بشكل كبير، وآخر التقارير تشير إلى إن عدد اللاجئين في المخيم هو عند  «27 ألف لاجئ، بينهم 15 ألف سوري، و5 آلاف عراقي، و6300 من جنسيات متعددة تصل إلى 42 جنسية»، وفقا لما ذكرته وكالة» فرانس برس» في تقرير لها شهر آب المنصرم،  والمؤكد هو إن طريقة التعاطي مع هذا الملف ، الذي سلمت إدراته لـ<قسد» منذ العام 2019، باتت أشبه بـ«دكان» للـ<الإستثمار»، لا كـ« قنبلة موقوتة» يمكن لها أن تنفجر في أي لحظة.

استمرار التوتر الأمني، الذي وضعه «المرصد السوري» عند معدل شهري يصل إلى 4 حالات، يشير إلى دلالات عدة، منها أن ثمة تماسكا تنظيميا يبدو ملحوظا داخل المخيم، وإن هناك شبكات خارجية لا تزال قادرة على الإمساك بـ<دفة» الداخل برغم القبضة الأمنية المفرطة المستمرة منذ سنوات، ومنها أيضا إن التنظيم، يعمل، وهو يرقب تزايد الهشاشة الأمنية على امتداد الجغرافيا السورية، على استغلال الثغرات التي ستنشأ حتما بمفاعيل تلك الهشاشة، وعليه فإن نشاط التنظيم داخل المخيم يشير بوضوح إلى محاولة تنشيط ظاهرة<أشبال الخلافة»، التي ينظر إليها على إنها «الخزان» الكفيل برفد التنظيم بمقاتلين جدد، ولعل التقارير التي ذكرت إن معظم» مهاجمي المراكز الخدمية ومنظمات الإغاثة هم من الفتية الذين تتراوح أعمارهم بين 13 - 15 سنة»، كاف للدلالة على ذلك، والمؤكد هو إن كل الأطراف الفاعلة في المخيم، أو التي تهتم لأمره، تدرك ذلك، لكن ما يحول بينها وبين العمل على إيجاد حل مستدام للوضع فيه، هو إن الأخير تحول إلى نقطة تقاطع لمصالح متناقضة بين هؤلاء، فـ<قسد» ترى في استمرارية الوضع القائم ورقة ضغط يمكن من خلالها «مساومة» الأطراف الإقليمية والدولية عندما تحين التسوية النهائية، ومن الصعب عليها التخلي عن تلك الورقة قبيل أن تصل هذي الأخيرة إلى خواتيمها، أما الحكومة السورية فتعتبر المخيم حالة تحد لسيادتها على أرضها، وهي ما انفكت تعمل على استعادتها تارة عبر التهديد باللجوء إلى الخيار العسكري، وطورا عبر إقناع الإميركان بجدوي تأييدهم لذاك الأمر، إلا إن هؤلاء، الذين يربطون ما بين استقرار المخيم وبين منع «عودة داعش»، ما انفكوا يتأرجحون ما بين دعم حكومة دمشق الإنتقالية، وبين الإمساك بأوراق الضغط كسبيل يرونه ناجعا لتحقيق المزيد من التنازلات، بل إن المواقف الأميركية كانت قد تأرجحت مؤخرا ما بين دعم « النظام المركزي» وبين «ضرورة» قيام نظام هو <ليس باللامركزية، لكن شيئا قريبا منها»، وفقا لما صرح به المبعوث توم باراك قبل نحو أسبوعين.

ما يزيد من تعقيد هذا الملف هو إن غالبية الدول، وعلى رأسها الدول الأوربية، ترفض عودة مواطنيها المحتجزين في «مخيم الهول»، ووحده العراق الذي قام بخطوات ايجابية في هذا السياق، فالكل يريد لحالة الإستقطاب الراهنة أن تستمر، ولا أحد يريد تقديم حلول جذرية، و مستدامة، لإن الحالة النقيضة هي الخادمة لسياساته، بالرغم من إن المخيم بات أشبه بـ<قنبلة موقتة»، وشاهدة على العجز الدولي، وإذا كان من المؤكد أن ما من طرف يستطيع، بمفرده، تفكيكها، فالمؤكد أيضا إن» الكل» لا يريد أن يفعل، ولذا فإن الإعلان عن حملة أمنية اليوم، أو حملة أمنية غدا، وأيا تكن الأهداف التي تحققها تلك الحملات، لن يؤدي إلا إلى حالة استقرار نسبية وقصيرة .  

عبد المنعم علي عيسى -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا