خطة الجيش اللبناني تُقرّر اليوم وجهة البلاد
حتى قبل ساعات من انعقاد الجلسة، بقي الغموض سيد الموقف وسط تلويحات متضاربة ومتعمّدة من وزراء الثنائي الشيعي بردّ فعلهم المرتقب على مضيّ مجلس الوزراء في الموافقة على خطة قيادة الجيش
لم يكن أدلّ على الحساسية العالية والدقة الشديدة المتحكمة بالأجواء الداخلية التي تسبق انعقاد جلسة مجلس الوزراء اليوم للاطلاع على خطة قيادة الجيش في شأن تنفيذ قرار حصرية السلاح بيد الدولة من تمنّي البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس أن "يصلوا الى تفاهم" لافتاً إلى "الوضع الدقيق جداً لحزب الله".
كلام عكس القليل البارز من أجواء الحذر التي سادت آخر ساعات العد العكسي لجلسة اليوم المفصلية التي تُعد استكمالاً لجلسة الخامس من آب المنصرم التي اتخذ فيها مجلس الوزراء قرار حصرية السلاح بعد انسحاب الوزراء الشيعة من الجلسة. فهل يتكرر السيناريو اليوم أم تشهد الجلسة تطوراً سلبياً إضافياً عن الجلسة السابقة قد يتمثل بمقاطعة الحكومة من دون بلوغ الاستقالة؟ أم ستكون هناك مفاجأة ما غير محسوبة أو متوقعة؟
الواضح أنّه حتى قبل ساعات من انعقاد الجلسة بقي الغموض سيد الموقف وسط تلويحات متضاربة ومتعمّدة من وزراء الثنائي الشيعي بردّ فعلهم المرتقب على مضيّ مجلس الوزراء في الموافقة على خطة قيادة الجيش. ولكن ما صار ثابتاً هو أنّ الفريق الرافض لحصرية السلاح كما الأفرقاء المؤيّدون بقوة لقرار الحكومة هم جميعاً في ترقب طبيعة ومضمون الخطة العسكرية التي سيعرضها اليوم قائد الجيش العماد رودولف هيكل والتي يتوقف عليها إلى حدود كبيرة وربما حاسمة مصير الجلسة كلاً وما سيعقبها من نتائج وتداعيات باعتبار أن الإجراءات التي سيقرّرها الجيش كما القرار السياسي الذي سيغطي الخطة هما العاملان الحاسمان في تقرير وجهة البلد بعد هذه الجلسة تبعاً لردة الفعل التي ستطبع موقف وسلوكيات الثنائي الشيعي.
ومع أن التقديرات والسيناريوات والتسريبات التي ضجّت بها مواقع إعلامية وإخبارية عن الخطة افتقرت إلى الدقة والصدقية فإن ذلك لا يقلل أهمّية الانشداد العام إلى معرفة مضمون الخطة التي ستُطرح اليوم.
ومن المعطيات التي ترددت أمس أن خطة سحب السلاح التي سيقدمها الجيش اللبناني ستحتاج إلى 15 شهراً للتنفيذ، وأن الخطّة ستقسّم زمنيّاً وفق المناطق وتبدأ من بيروت. وأشارت هذه المعلومات إلى أنّ الجيش اللبناني لن يلزم نفسه بتاريخ محدّد لبدء تنفيذ خطة حصر السلاح ويعتبر أن وضع مهل هو قرار سياسي لا علاقة له به، علماً بأن مجلس الوزراء حدّد مهلة هي نهاية السنة الحالية. ولفتت إلى أنّ وزراء "حزب الله" وأمل يطالبون بأن يكون بند السلاح آخر بند على جدول أعمال الحكومة وهم لن يحضروا إن كانت ستبدأ ببحث خطة السلاح.
ولكن معلومات أخرى أفادت بأنّ وزراء "أمل" - "حزب الله" سيدلون بمداخلة في بداية جلسة مجلس الوزراء يقدّمون فيها اعتراضاً على التصعيد الإسرائيلي جنوباً ويسألون عن غياب أيّ موقف من الدولة اللبنانية ممّا حصل.
وفي خطوة رمزية تعكس أجواء البلاد المواكبة للجلسة رُفعت صباح أمس في شوارع وسط بيروت والجوار لوحات إعلانية قبل 24 ساعة من جلسة الحكومة. وحملت اللوحات صور رئيسي الجمهورية العماد جوزف عون والحكومة نواف سلام، مع شعار "كلنا معكم، جيش واحد، سلاح واحد، دولة واحدة، عهد جديد للبنان".
وحظي القرار الحكومي مرة أخرى بدعم عربي إذ اعتبر الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية في القاهرة أن الحكومة اللبنانية اتخذت قراراً شجاعاً بحصر السلاح بيد الدولة، مؤكداً رفض استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في لبنان وداعياً واشنطن إلى الضغط على إسرائيل لوقفها.
كذلك عبّر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عن دعم بلاده لاستقرار لبنان.
وأكد وزير الدولة في وزارة الخارجية الإماراتية خليفة بن شاهين المرر دعم سيادة لبنان، مرحّباً بقرار حصر السلاح بيد الدولة.
وألقى وزير الخارجية يوسف رجي كلمة لبنان وتطرّق فيها إلى قرار الحكومة بحصر السلاح ووصفه بالتاريخي وشدد على أن هذه الخطوات هدفها بسط سلطة الدولة وسيادتها الكاملة وهي قرارات سيادية يرفض لبنان بشكل قاطع أيّ تدخلات خارجية في شأنها ويعوّل على دعم الإخوة العرب لها.
في المقابل أوضح وزير العمل محمد حيدر، أن "وزراء الثنائي الشيعي سينتظرون ما يُعرض خلال الجلسة ليُبنى على الشيء مقتضاه"، مشدداً على أن "وزراء أمل وحزب الله لن يتخذوا أيّ قرار بطريقة مسبقة بل بناءً على المعطيات الموجودة"، موضحاً أن "الموافقة على حصر السلاح في البيان الوزاري وحماية لبنان بقوات ذاتية وعسكرية كان بشرط وضع استراتيجية دفاعية كاملة"، معتبراً أن "الجيش حالياً لا يستطيع بقواته الذاتية الدفاع عن لبنان" وأكد أنه "حتى اللحظة لا يوجد قرار أو نقاش بالانسحاب من الحكومة، لأن المشكلة تتعلّق بموضوع معيّن لا بالحكومة ككل، وذلك مع التأكيد أن كل الخيارات ممكنة ومفتوحة".
في غضون ذلك تركت الغارات الإسرائيلية الكثيفة التي استهدفت اليونيفيل ومناطق جنوبية عدة الأربعاء وأدّت إلى سقوط خمسة قتلى ونحو ١٧ جريحاً تداعيات سلبية للغاية على مجمل المشهد اللبناني. وقد اتصل رئيس الجمهورية جوزف عون بقائد "اليونيفيل" مديناً الاعتداء الإسرائيلي على القوات الدولية قرب مروحين.
وقال الرئيس عون: "هذه الاعتداءات تؤكد مرة جديدة مضيّ إسرائيل في تحدّي إرادة المجتمع الدولي الذي نادى قبل أيام بوقف الأعمال العدائية ضد لبنان".
بدوره كتب رئيس الحكومة نواف سلام عبر منصة "إكس": "الاعتداءات الإسرائيلية المتمادية على لبنان تشكل انتهاكاً صارخاً لإعلان "وقف العمليات العدائية" لشهر تشرين الثاني الماضي وللقرار ١٧٠١ ومبادئ القانون الدولي وأحكامه. مصداقية المجتمع الدولي على المحك… فعليه التحرّك الفوري لإلزام إسرائيل وقف هذه الاعتداءات واحترام سيادة لبنان وسلامة أبنائه".
ودانت وزارة الخارجية والمغتربين بشدة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان وأكدت أنّ الاعتداءات الأخيرة لم تقتصر على استهداف المدنيين، بل طالت مجدداً قوات حفظ الأمن الدولية العاملة في لبنان (اليونيفيل)، في خرق واضح وصريح للقانون الدولي ولقرار مجلس الأمن رقم 1701، ولإعلان وقف العمليات العدائية الصادر في تشرين الثاني الماضي، معتبرة أنّ هذا السلوك يشكّل تحدياً علنياً للإرادة الدولية وتهديداً مباشراً للاستقرار. وشدّدت على أنّ استمرار إسرائيل في استباحة السيادة اللبنانية يعكس استخفافها بالمجتمع الدولي وبالقرارات الأممية، داعية العواصم المؤثرة إلى التحرّك الفوري للجم هذه الاعتداءات المتواصلة. وناشدت الأسرة الدولية ممارسة أقصى الضغوط على إسرائيل لوقف خروقاتها، واحترام سيادة لبنان وسلامة أراضيه وأمن أبنائه.
وفي المواقف من التطوّرات برز كلام البطريرك الراعي أمام وفد من عكار أمس إذ قال: "كلنا نتطلع إلى وحدة السلاح، إلى سيادة لبنان، وطبعاً عندما نتكلم عن سيادة لبنان لا يمكننا أن نغفل أو نضع جانباً قضية الوجود الإسرائيلي في الجنوب وما معنى وجود خمس نقاط في الجنوب وهذا بنظري يعطل المسيرة، الجيش اللبناني الذي تشكل محافظة عكار خزانه يمكنه ضبط الأمور لكن وجود النقاط الخمس يعكر المسيرة بالنسبة إلى الاحتلال. وبالنسبة إلى "حزب الله" الوضع دقيق جداً، آمل أن يصلوا غداً إلى تفاهم وأن لا تكون هناك نقطة خلاف لأنه ما من مجال للخلافات في لبنان وآن الأوان لأن نتفاهم جميعاً على حقيقة واحدة. لسنا فريقين في لبنان، كلنا لبنانيون. لا ينبغي أن يكون هناك غالب ومغلوب".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|