عربي ودولي

اتفاق "أمني" سوري ــ "اسرائيلي" وشيك بـ"بصمة" أميركية؟!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تسعى واشنطن في إطار تقارباتها الحاصلة مع دمشق منذ 8 كانون أول من العام الفائت، والتي بلغت يوم 14 أيار الماضي ذروة كانت قد تمثلت بلقاء الرئيس السوري بنظيره الأميركي بالرياض، لتطبيق أقصى ضغوطها على حكومة الشرع بغرض الوصول إلى توافق معها يفضي من حيث النتيجة إلى قبول الأخيرة بتوقيع اتفاق «أمني» مع حكومة الإحتلال، ولربما كان مرد الدوافع التي تقف وراء تطبيق كل تلك الضغوط لأسباب داخلية، أميركية، بالدرجة الأولى، بمعنى إنها تعود لوجود رغبة جامحة لدى الرئيس دونالد ترامب في تحقيق «إنجاز سياسي» كبير في الشرق الأوسط، على نحو ما فعله سلفه جيمي كارتر، الذي شهدت ولايته توقيع اتفاقيتي «كامب ديفيد» الأولى والثانية ما بين مصر واسرائيل، وعلى نحو ما فعله سلفه بيل كلينتون، الذي شهدت ولايته الأولى توقيع اتفاقيتي «أوسلو» و«وادي عربة» مع السلطة الفلسطينية والأردن على التوالي، بل لربما كان الإعتقاد الأميركي إن النجاح في الوصول إلى اتفاق ما بين دمشق وتل أبيب، ومن أي نوع كان، أمر ستكون له تداعيات أكبر من تلك التي تركتها الإتفاقات الثلاث آنفة الذكر، سواء أكان على الداخل الأميركي و«صورة» ترامب فيه، أم على التوازنات القائمة في المنطقة، فيما تشير العديد من التقارير إلى إن الجهد الأميركي يبدو منصبا الآن على أن تكون «مسودة» الإتفاق جاهزة قبيل بدء الدورة 80 من أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي من المقرر أن تنطلق مع بداية الأسبوع الثالث من شهر أيلول الجاري، وتشير تقارير إلى وجود ترتيب أميركي يقضي بحدوث لقاء ثلاثي يجمع ما بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي إلى جانب الرئيس السوري أحمد الشرع في أعقاب إلقاء هذا الأخير لكلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 24 من هذا الشهر الأخير، والجدير ذكره في هذا السياق أن وقوف الرئيس السوري على منبر الأمم المتحدة سيكون الأول من نوعه منذ 58 عام، فمنذ أن وقف الرئيس السابق نور الدين الأتاسي على ذلك المنبر، أواخر شهر حزيران 1967، أي بعد نحو أسبوعين من هزيمة «حرب الأيام الستة»، عزف كل من تلاه في ذلك المنصب عن تكرار الفعل، ولربما أثار ذلك العديد من التساؤلات التي يصعب لها أن تجد أجوبة عليها، ووحده «حديث الوثائق» يستطيع أن يفعل.
تبدو المواقف الإسرائيلية المعلنة في سياق الرد على الطرح الأميركي مشوبة بالكثير من الغموض، ولعل تلك السمة ليست بجديدة على نظيرات سبقنها، فالغموض قد يلعب دور «ورقة» التفاوض الأقوى في حالات عديدة، فكيف والأمر إذا كان في حالة كالحالة السورية شديدة الهشاشة، لكن ما صرح به العديد من المسؤولين الإسرائيلين يشير إلى وجود «ثوابت» اسرائيلية ثلاث سوف يعمل رئيس الوزراء الإسرائيلي على أن «يشرعنها» الإتفاق، الأول يقول بموافقة دمشق على إعلان الجنوب السوري، الممتد من القنيطرة حتى السويداء مرورا بدرعا ولربما بعض أجزاء من ريف دمشق، منطقة «منزوعة السلاح»، والثاني قبول دمشق بإنشاء «ممر إنساني» يربط ما بين مناطق الجولان السوري المحتل وبين محافظة السويداء، أما الثالث فهو منع قيام تركيا ببناء أي نوع من القواعد لها على امتداد الجغرافيا السورية، والجدير ذكره في هذا السياق الأخير هو إن تل أبيب كانت قد فرضت ذلك المنع بالقوة على امتداد الأشهر الثمانية المنصرمة، والضربات التي وجهت إلى مطار «T 4» بحمص، و مطار حماة، واللواء 107 بريف جبلة، و«مينا البيضا» باللاذقية، خلال شهري تموز وآب الفائتين، كانت كلها تندرج تحت ذلك الإطار.

في مواجهة تلك «الثوابت» الإسرائيلية ترى دمشق إن على اسرائيل أن «تنسحب من جميع الأراضي التي احتلتها بعيد سقوط نظام بشار الأسد»، وإن «الإطار الأفضل الذي يجب الإستناد إليه هو العودة إلى اتفاق( فك الإشتباك) الموقع عام 1974، كخطوة لا بديل عنها لإثبات حسن النوايا الإسرائيلية»، وفقا لما صرح به مصدر سوري قبل أيام، في حين ذكر مصدر آخر في أعقاب اللقاء السوري - الإسرائيلي الذي جرى بباريس أن «فتح معبر يربط بين الأراضي المحتلة وبين السويداء أمر من شأنه أن يهدد النسيج المجتمعي، والأفضل منه هو إعادة فتح الطريق الموصل ما بين دمشق والسويداء»، لكن موقف دمشق حيال هذه النقطة يبدو ضعيفا إنطلاقا من التمايزات التي ذهب إليها المزاج العام الشعبي في هذي الأخيرة بعيد أحداث تموز الدامية فيها، ولربما أمكن اختصارها بما كتبه د. يحيى العريضي، ابن السويداء والناطق السابق باسم «الهيئة السورية للتفاوض» وعضو «اللجنة الدستورية»، حين قال «حين يصبح الزلزال أخلاقيا، يصبح الإفتراق جغرافيا».

من الواضح هنا إن ثمة «هوة» كبرى تفصل بين مواقف الطرفين، ما يشي بإن ذلك قد يشكل عائقا أمام وصولهما للتوافق وفقا لما ينشده «الراعي» الإميركي الذي يريد لـ«محطة نيوريورك» المقبلة أن تكون مفصلية في تاريخ الصراع السوري الإسرائيلي ولربما العربي الإسرائيلي، لكن الراجح هو إن الإتفاق سوف يوقع، وما يجري من «تشاد»، بين الطرفين، غرضه تحصين «الخنادق» التي يتمترسان وراءها، ودمشق قد تقبل باتفاق أمني لا يبدل من وضع الجولان، بل يبقيه أرضا محتلة كما هو الآن، وفي الآن ذاته «يخفف» من تكريس «الحضور» الإسرائيلي في الجنوب السوري، الأمر الذي يشكل أحد أهم هواجس القيادة السورية التي ترتكز اليوم على «قاعدة سنية» قد تهتز إذا ما كانت «التنازلات» تحت هذا السقف الأخير، ولربما كانت دوافع دمشق للقبول باتفاق «صعب» من هذا النوع عديدة، لكن أبرزها، إضافة لما سبق ذكره من ضغوط، الوضع الإقتصادي الهش الذي قد يستخدم لتعويم مبدأ «التسويات الإضطرارية»، التي يندرج الإتفاق المزعوم تحت راياتها.

ثمة نقطة على درجة عالية من الأهمية، وقد تكون نقطة القوة الوحيدة التي تمتلكها دمشق، في مواجهة كل هذا «الصلف» الإسرائيلي، فتل أبيب سوف تسعى بكل ما أوتيت من قوة باتجاه توقيع ذاك الإتفاق الذي سيوفر لها انفرادا بلبنان، الذي سيصبح عندها، دولة «الطوق» الوحيدة التي لا يربطها «اتفاق» باسرائيل، وهكذا فعل من شأنه أن يشكل عاملا ضاغطا على الخيارات اللبنانية، وعلى خيارات «حزب الله» على وجه الخصوص

عبد المنعم علي عيسى - الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا