الصحافة

إلى توم باراك الذي رمى الحجر في بركة الضفادع ومشى...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أثار المبعوث الأميركي توم باراك موجة انتقادات واسعة له في لبنان، بعد الطريقة التي استخدمها في مخاطبة الإعلاميين في القصر الجمهوري.

طبعاً، لم يَكُن الخروج عن أصول التخاطب مقبولاً، ولن يكون، ولا في أي يوم من الأيام، وذلك سواء ارتبط الأمر بمبعوث أميركي أو إيراني أو عربي... ولا شيء يبرّر استعمال بعض أنواع الألفاظ والعبارات، رغم "التوتّر الديبلوماسي" الذي يمكنه أن يُصيب أي مسؤول أجنبي في لبنان، حيث الكثير من الزيارات والكلام والتصريحات والحركة المكوكية، من دون نتائج ملموسة وفعّالة، وهو ما يمكنه أن يجعل أكبر وأنجح الديبلوماسيين في العالم، بحالة من الغضب الكلي أو الجزئي، المستتر أو الظاهر.

استشهاد إعلامي

وبمعزل عن كل الاحتمالات المفهومة أو غير المقبولة، إلا أن ما أحببنا التطرّق إليه قليلاً، هو هذا الكمّ الهائل من "الاستشهاد" الذي مارسه العديد من العاملين في المجالَيْن الإعلامي والسياسي، ومنهم من كانوا صحافيين أو إعلاميين قبل أن يدخلوا عالم السياسة، فيما أقلّ ما يُقال بالبعض منهم، هو أنه يتوجب عليهم أن يتعلّموا (لا نعمّم) هم أولاً أصول اللياقة والتهذيب والذوق البشري العادي، بدءاً من الأسلوب الذي يُجيبون به على هواتفهم، وصولاً الى ما هو أعلى من ذلك بكثير، وذلك قبل أن ينتقدوا أو يستنكروا أي تصرّف أو كلام غير مقبول صادر عن هذا، أو ذاك.

مبالغة

نسبة لا بأس بها من البيانات والتعليقات التي انتقدت أسلوب توم باراك في مخاطبة الإعلاميين، انغمست بشيء من المبالغة، في بلد لا يحبّ الإعلاميون والصحافيون بعضهم بعضاً فيه، هم أولاً، ولا يوفّرون وقتاً أو مناسبة لانتقاد بعضهم، وذلك مهما بدا أن العكس هو الصحيح.

كما أن نسبة المبالغة في انتقاد أسلوب توم باراك بمخاطبة الإعلاميين في القصر الجمهوري، بدَت ممجوجة جداً، في بلد هو لبنان، لا يحترم فيه السياسي أو الزعيم الصحافة أو الإعلام، إلا بمقدار ما يوجّه الصحافي أو الإعلامي له أسئلة تُطرب آذانه، و"تحكّ له على جرب" مواقفه ومصالحه السياسية والحزبية، لا أكثر.

تمييز عنصري

فكم من سياسي لبناني، نائب أو وزير، أو رئيس حزب أو تيار، أو... قلّل من احترام هذا الصحافي أو ذاك، وسخر من أسئلته، أو هدّده بالطرد من مقرّه، أو حاول تحقيره من خلال الإيحاء بأنه غير مهني تماماً في عمله، في كل مرّة يقوم فيها هذا الصحافي بطرح أسئلة مزعِجَة، أو تحتاج الى أجوبة غير تقليدية، أو غير متطابِقَة مع بعض المصالح السياسية أو الحزبية أو الطائفية أو العقائدية...، فلا يجد النائب أو الوزير أو الزعيم... سوى الإهانات والتجريح والتحقير والسخرية... كأسهل وسيلة للتهرّب من التفوّه بكلام مُفيد؟؟؟

وكم من سياسي أو مسؤول لبناني أهان الصحافيين عموماً، أو بعضهم على الأقلّ، من على منبر مقرّه الرسمي، بأقسى أنواع العبارات؟

وكم من سياسي أو مسؤول أو نائب أو وزير لبناني، لا يُجيبون على هواتفهم أيضاً، ولا يتواصلون إلا مع طغمة معيّنة من الصحافيين والإعلاميين، ولا يظهرون إلا على منابر وسائل إعلامية محددة، لأنهم يحقّرون الناس، ويمارسون أبشع أنواع التمييز بين وسائل الإعلام اللبنانية، وبين العاملين فيها لألف سبب وهدف؟ أفلا تشبه تلك الممارسات التمييز العنصري مثلاً؟

لا يحقّ لكم...

وكم من سياسي أو مسؤول أو نائب أو وزير لبناني... لا يُجيبون على هواتفهم أبداً، ليس على صحافيين أو إعلامين فقط، بل حتى على مواطنين عاديين، ولا يحاولون التواصُل مع صاحب الرقم في وقت لاحق، ولا حتى على سبيل الفضول؟

وهنا نسأل، من أي مستوى أخلاقي هو هذا النائب أو الوزير أو... الذي لا يُجيب على هاتفه إلا إذا كان يعرف صاحب الرقم؟ هل هو خائف؟ لماذا؟ ومن ماذا؟ وإذا لم يَكُن الخوف هو السبب، بل تصنيف الناس بين من يستحق الإجابة ومن لا يستحق، أفلا نكون أمام نواب ووزراء... يمارسون التمييز العنصري بحق شعبهم؟ أو ماذا نسمّي ذلك؟

وإذا أردنا الاستفاضة أكثر، لا بدّ لمن بالغوا كثيراً في ممارسة "الاستشهاد" الإعلامي والصحافي، وعلى مستوى الحريات في انتقادهم لتوم باراك، أن يُلملموا من أرشيف الإعلام اللبناني الكثير من مشاهد المصارعة، والعراك بأكواب المياه، وأفظع أنواع السُّباب والشتائم والتهديدات... بين إعلاميين وصحافيين لبنانيين، أو بينهم وبين سياسيين، أو بين سياسيين مع بعضهم البعض خلال برامج معيّنة، في بلد هو لبنان، لا يحقّ لنسبة ساحقة من المنتقدين فيه، أن يتكلّموا من الأساس.

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا