بري يدير الجبهة.. كيف أنقذ "حزب الله"؟
حزب الله" بعدما أقرّت الحكومة "حصرية السلاح"، لكن العبرة تمكنُ في العمل على تنفيذ القرار ومن دون حصول أي صدامات.
أمام ذلك، يقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، حليف "حزب الله"، لتطويق أي إحتكاكٍ قد يحصل بعدما وجد "الحزب" أنه مُستهدف في الصميم، فنزع سلاحه من دون حصول أي انسحاب إسرائيلي من جنوب لبنان، سيعني انتهاءه سياسياً ووجودياً، وبالتالي شعبياً.
يُدرك بري هذا الأمر، ولهذا أعرب مراراً عن شرط أساسي في مفاوضاته مع الوسيط الأميركي توماس برّاك ويتمثل بالضغط نحو خروج إسرائيل من جنوب لبنان من أجل استكمال البحث بالورقة الأميركية التي رفض "حزب الله" التعاطي معها على أنها موجودة.
فتح بري المجال أمام نقاشات موسعة، وطلب من "حزب الله" عدم اللجوء إلى خطوة تحريك الشارع والتحذير من التصادم مع الجيش، فالقاعدة الأساس اليوم هو أننا "نريد أن نأكل العنب ولا نريد قتل الناطور"، شرط أن يكون ذلك وفق قواعد وطنية ولا تنازلات لصالح إسرائيل.
بذلك، يكون بري قد حصّن "حزب الله" سياسياً ووجودياً وشعبياً.. والسؤال كيف ذلك؟ هناك أدلة على ذلك يُمكن تفنيدها.
أولاً، إن حراك بري تجاه تنفيذ الورقة الأميركية وضمان إعادة الإعمار بمواكبة عربية، سيزيح حملاً ثقيلاً عن "حزب الله" الذي لا يستطيع تأمين إعادة الإعمار في جنوب لبنان من خلال أي مساهمات إيرانية مثلما حصل إبان حرب تموز عام 2006. فعلياً، فإن القدرة على تنفيذ ذلك "مستحيلة" حالياً، فالأموال مراقبة، والتحويلات مقيدة، بينما الوضع المالي لـ"حزب الله" يشهدُ مرحلة دقيقة، في حين أن الوضع الأمني في الجنوب والضاحية لا يسمحُ لـ"الحزب" بإطلاق ورش إعادة الإعمار العلنية لأنه سيكون ملزماً بإعادة البناء للجميع من دون إستثناء، وهذه إشكالية يعيشها الحزب فعلياً.
ثانياً، إن قبول بري بمناقشة الورقة الأميركية وعدم الاعتراض عليها أو رفضها مثلما فعل "حزب الله"، جنّب لبنان حرباً كبيرة ضد إسرائيل قد تؤدي إلى تضرر "الحزب" بشكلٍ أكبر وتزيد العبء عليه شعبياً وعسكرياً. هنا، فإن بري لا يريد المخاطرة بما تبقى من مقدرات في الجنوب، ذلك أن الكلفة ستكون أكبر بشرياً وسياسياً وإنمائياً ومالياً. لهذا السبب، غرّد "رئيس البرلمان" دبلوماسياً وبرلمانياً.. حركة "أمل" تضامنت مع "حزب الله" في الموقف المستنكر لقرار "حصرية السلاح"، لكنها تعمل على صعيدٍ موازٍ أساسه الحفاظ على استقرار الوضع للوصول إلى نتائج إيجابية ومن دون أي حرب.
في الواقع، فإن البيئة الشيعية اليوم، ورغم إظهار "حزب الله" إنها مُتماسكة، إلا أنها تعيشُ تخبطاً داخلياً. بالنسبة لجمهور "أمل"، فإنه لا يريد حرباً ولن يقبل بأي مغامرات جديدة. بري يعي هذا الأمر تماماً، وكذلك "الحزب". لهذا، إن اندلعت حرب جديدة، فإن التخبط سيزداد، وعندها سيكون بري أمام مشكلة جديدة قد تنقلب على "حزب الله" في النهاية. عندها، سيتكون الطائفة الشيعية أمام مأزق داخلي قد يؤدي إلى صراعات.
إزاء كل ذلك، فضّل بري أن تكون الدبلوماسية فوق أي اعتبار أو تصعيد، الأمر الذي يحفظ صورة "حزب الله" سياسياً ووجودياً. بهذه الطريقة، يكون الأخير قد حفظ نفسه وبقيَت طائفته متماسكة، رغم التباينات داخلها، فمعركتهُ ليست آنية بل تمتد لوجود سياسيّ طويل الأمد، أقله على الساحة السياسية، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات النيابية عام 2026.
الأمر الأخطر الذي لا يؤيده بري هو تصادم "حزب الله" مع الجيش وإن كان ذلك من خلال إنتقاد. هذا الأمر هو "خط أحمر" ممنوع على "الحزب" تجاوزه، وإن حصل، سيكون بري بعيداً عن أي تأييد له. عندها، سيكون "الحزب" قد أخذ نفسه إلى الهاوية، وقد يخسر دعم بري، أول حليف له.
في خلاصة الأمر، يمثل بري "المايسترو" الأول والأخير لـ"إنقاذ حزب الله"، وبالتالي يقول مصدر سياسي مطلع" على حزب الله أن يُدرك خطورة تهديداته، سواء بشن حرب داخلية أو بافتعال حرب مع إسرائيل. وفي الحالتين، فإنّ "الحزب" ليس قادراً على تطبيق أي سيناريو، فالجبهة الداخلية لا تؤيده بإطلاق، كما أن حلفاءه السابقين انفضوا من حوله، بينما حليفه الأبرز، بري، يسيرُ بين الألغام لحفظ الطائفة الشيعية ووجود "حزب الله" السياسي.. فهل سيقتنع الأخير ويتراجع عن تصعيده أم سيرفع السقف عالياً مُجدداً؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|