ما حقيقة معسكر التدريب العائد إلى "الجماعة" و"حماس"؟
قبل بضعة أيام نشر خبر مفاده أن القوى الأمنية اللبنانية فككت معسكر تدريب لمجموعة من الفتية والشبان ينتمون إلى "الجماعة الإسلامية" وحركة "حماس"، في إحدى مناطق عالية، وأن جلّ المشاركين فيه هم من "أبناء شهداء" سقط آباؤهم في المواجهات مع الإسرائيليين إبان حرب إسناد غزة التي أطلقها "حزب الله".
كاد الخبر أن يضيع في زحمة الأخبار ذات الطبيعة الأمنية، إذ لم يجد أيّ أصداء، لولا مسارعة "الجماعة" إلى إصدار بيان تنفي فيه الرواية من أساسها، وتبين أنها ليست في وارد التسلح وتدريب العناصر، وأنها ثابتة على موقفها المعلن منذ سريان اتفاق وقف النار الداعي إلى وضع استراتيجية دفاع وطني تحمي البلاد من العدوان الإسرائيلي.
وفي الموازاة، كان لافتا أن حركة "حماس" آثرت عدم التعليق على الخبر، وذلك على ما يبدو انسجاما مع توجه سياسي - إعلامي عام قررت السير به، ويقضي بالتقليل من ظهورها الإعلامي في الساحة اللبنانية إلى الحد الأدنى، خصوصا بعدما حمّلت الدولة اللبنانية عناصر منها مسؤولية إطلاق صواريخ من الجنوب في اتجاه الأراضي المحتلة، وفي حينه أصرت الدولة على تسليمها هؤلاء العناصر بالاسم، وهو ما اضطرت إلى فعله.
في كل الأحوال، بقي خبر المعسكر المفكك يكتنفه الكثير من الغموض والالتباس، وخصوصا أن الأجهزة الرسمية المعنية التزمت الصمت، فلم تنفِ الخبر ولم تؤكده، والأهم أنها لم توضح طبيعة المعسكر وما إذا كان الأمر مجرد فكرة راودت خاطر فتية متحمسين، أو أنه تجلّى واقعا.
ولاحقا، قدمت جهات أمنية سردية مختلفة للحادث كله، فذكرت أن ما حصل لا يعدو كونه مخيما صيفيا كان بعض الشبان اللبنانيين والفلسطينيين من عائلات إسلامية التوجه، يعدّون لإقامته في بعض المناطق الحرجية على غرار مخيمات عدة كشفية وشبابية تقام في المنطقة عينها منذ عقود، وأن الأمر أثار ريبة الأجهزة، فما كان منها إلا أن سارعت إلى تفكيك المخيم بهدوء وفي منأى عن الأضواء الإعلامية، خدمة لمقاصد عدة أبرزها:
- أن التوجه العام عند الدولة يقوم على تظهير أمر أساسي هو أن الوضع الأمني في عموم البلاد ممسوك ومضبوط إلى أقصى الحدود، بدليل أن الأجهزة نجحت خلال الأسابيع القليلة الماضية في ضبط أكثر من عشرين شبكة إرهابية وتخريبية في كل المناطق من دون استثناء، وهو ما يعدّ إنجازا ضخما.
- أن زمن التسيب والتفلت والدولة الرخوة قد انتهى إلى غير رجعة في العهد الجديد.
لكن مصادر على صلة بـ"الجماعة" أشارت إلى أنها لا تستبعد فرضية أن الأمر كله عبارة عن رسالة ضغط موجهة إليها، فحواها أنه ما زالت تحت المجهر منذ أن شاركت على نحو عملي في المراحل الأولى من حرب الإسناد إلى جانب "حزب الله" وحركتي "حماس" و"الجهاد"، لذا يتعين عليها أن تدفع الثمن بمفعول رجعي.
ووفق الجهات عينها، فإن "الجماعة" على يقين من أنها مشمولة بـ"حرم سياسي" مع جهتين لبنانيتين (المستقبل والحزب) من جهات خليجية شرعت منذ فترة في ضبط الساحة السنية وإعادة تنظيمها وفق أسس جديدة وشركاء آخرين.
وعلى رغم أن "الجماعة تواجه ذلك بسياسة الصمت وعدم إظهار الرغبة في التحدي والمواجهة، فهي ليست في وارد القبول بأن تكون "ضحية وكبش فداء، واستطرادا ليست في وارد الانسحاب والتراجع عن مبادىء أساسية. وعليه، فإن الجهات نفسها لا تستبعد أن يكون الحديث عن معسكر التدريب حلقة في مسلسل ضغوط سيستمر".
ابراهيم بيرم - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|