الصحافة

القرار والسيادة والسلاح.. هل يُعاد وضع الجيش بوجه المقاومة؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في ظل الضغط الدولي المتزايد على ​لبنان​، يسيطر على الصالونات السياسية الحديث عن "السلاح خارج الدولة"، وتحديداً سلاح "حزب الله"، بوصفه العقدة المركزية التي تتحكم بمسار التسويات أو تعطلها. الجديد هذه المرة محاولة الدفع باتجاه اتخاذ قرار رسمي من قبل مجلس الوزراء، عبر جلسة حكومية يُدرج فيها بند واضح وصريح يتعلق بسحب السلاح من كل القوى غير الرسميّة وحصره بالمؤسسات الشرعية، أي ب​الجيش اللبناني​. ولكن، هل تكفي جلسة وزارية وقرار من الحكومة لإحداث هذا التغيير الجذري، وهل يملك لبنان، بمعادلاته الداخلية والخارجية المعقدة، ترف تطبيق مثل هذا القرار دون أن يدفع أثماناً كبيرة؟.

السيناريو المقترح اليوم يعيد إلى الأذهان ما حصل في عام 2007، حين اتخذت حكومة فؤاد السنيورة قراراً بتفكيك شبكة الاتصالات التابعة لحزب الله واعتبارها غير شرعية، وترافق ذلك مع خطوة مشابهة تمثلت بتكليف الجيش تنفيذ القرار. ما لبثت البلاد أن شهدت تصعيداً أمنياً واسعاً في 7 أيار 2008، أعاد رسم التوازنات من جديد، وأثبت أن المساس بالبنية الدفاعية للحزب دون توافق داخلي وضمانات سياسية إقليمية ودولية، سيقود إلى انفجار لا تحمد عقباه.

اليوم، ومع اختلاف السياقات الإقليمية وغياب التوافق الداخلي، يبدو أن بعض الأطراف الدولية تراهن على مشهد مماثل، من خلال تحميل ​الحكومة اللبنانية​ مسؤولية اتخاذ القرار، ودفعها إلى خيار صدامي مع الحزب، ولو عبر المؤسسة العسكرية.

قد لا يكون مستبعداً أن تذهب قوى دولية وازنة إلى حدّ فرض عقد جلسة وزارية بهذا المعنى، أو التلويح بربط المساعدات والإصلاحات بهذا النوع من القرارات. لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة هو حتى لو تم اتخاذ القرار داخل مجلس الوزراء، فإن تنفيذه على الأرض يفتح باباً واسعاً من الاحتمالات، أولها الصدام المباشر أو غير المباشر مع حزب الله، الذي يعلن صراحة أنه لن يتخلى عن سلاحه قبل الحصول على "ضمانات استراتيجية" تتعلق بأمن لبنان وردع إسرائيل، وهي ضمانات لم توفّرها الدولة، ولا المجتمع الدولي، في أي مرحلة سابقة.

والأخطر، أن يصبح الجيش اللبناني نفسه في موقع المنفّذ لهذا القرار، ما يعني وضعه في مواجهة غير مباشرة مع الحزب، وهو السيناريو الذي لطالما حذر منه العقلاء في الداخل، لما يمثّله من تهديد للسلم الأهلي ولتوازنات الدولة.

ترى مصادر سياسية بارزة أن الجيش اللبناني، كمؤسسة وطنية، لطالما لعب دور الضابط للتوازن الداخلي، متجنباً الدخول في لعبة المحاور، خصوصاً في الملفات الحساسة كملف حزب الله. وضعه اليوم في موقع المواجهة مع الحزب، أو تحميله مسؤولية تنفيذ قرار من هذا النوع، يعني تفخيخ المؤسسة العسكرية، وتفريغها من التوافق الوطني الذي تستند إليه.

وترى المصادر أن من يروّج لفكرة ​نزع السلاح​ عبر الجيش، يعلم مسبقاً أن هذه ليست مهمة قابلة للتنفيذ عملياً، بل تُستخدم كورقة ضغط أو ابتزاز سياسي داخلي، أو لتحسين شروط تفاوضية خارجية.

البعض يذهب أبعد من ذلك في التحليل، فيرى أن الدفع باتجاه قرار حكومي حول ​سلاح حزب الله​، ليس هدفه نزع السلاح فعلاً، بل خلق أزمة داخلية مفتوحة بين الحكومة والحزب، وتفجير التوازنات السياسية الدقيقة في البلاد. وهذا تماماً ما يُخشى منه، في ظل غياب الضمانات، واحتدام الصراع الإقليمي الدولي على أرض لبنان.

بحسب المصادر "يبدو أن الساحة اللبنانية أمام اختبار جديد، عنوانه "القرار السيادي"، لكن جوهره الحقيقي يتعلّق بالمعادلات الكبرى التي لم تتبدل، أي لا حكومة تستطيع نزع سلاح حزب الله دون اتفاق داخلي وخارجي شامل، ولا جيش قادر على لعب هذا الدور دون أن يتحول إلى طرف في الصراع، وهذا ما يدركه جيدا رئيس الجمهورية الذي كان صريحا مع المبعوث الاميركي توم باراك عندما قال له أنه لا يمكن المضي بقرار حصر السلاح ما دامت إسرائيل تحتل لبنان وتخوض حرباً يومية عليه.

محمد علوش - النشرة

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا