محليات

رسالة ضغط جديدة.. ماذا تريد واشنطن من بيروت؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

"الكلمات لا تكفي".. قد تكون هذه العبارة الواردة في منشور الموفد الأميركي إلى بيروت، توم براك، على وسائل التواصل الاجتماعي، "قاسية" على المسؤولين اللبنانيّين، مع ما حملته من انطباع "سلبيّ"، دحض في مكانٍ ما الأجواء "الإيجابية" التي أحاطت بزيارته الأخيرة، وتصريحاته التي حصر ردّة الفعل على عدم تجاوب لبنان الرسمي مع المطالب الأميركي بسحب السلاح، بـ"خيبة الأمل"، بعيدًا عن أيّ عواقب أخرى..

في منشوره، اعتبر براك أنّ ما وصفه بـ"صدقية" الحكومة اللبنانية تعتمد على قدرتها على التوفيق بين المبادئ والتطبيق، مشيرًا إلى أن "قادة لبنان أكدوا مرارًا وتكرارًا ضرورة حصر السلاح بيد الدولة"، قبل أن يستدرك انّ "الكلمات لن تكفي ما دام حزب الله محتفظًا بالسلاح"، ويدعو الحكومة والحزب إلى "الالتزام التام والتحرك فورًا لتجنب بقاء الشعب اللبناني في حالة فوضى"، وفق وصفه.
 
وفي حين فُسّر منشور براك على أنّه "رسالة ضغط" أميركية مباشرة على لبنان، فإنّه "كرّس" مرّة أخرى أسلوبًا بات يكرّره، فحين يزور بيروت يعتمد الإيجابية المفرطة، ثمّ يوجّه من خارج الحدود رسائل ضغط مشفّرة أو علنية، تعكس حقيقة موقف الولايات المتحدة ومطالبها الأساسية، فما الذي تريده واشنطن عمليًا من بيروت، وهل بقدرة لبنان تحقيق هذه المطالب، بمعزل عن "حزب الله"، الرافض لأيّ نقاش بشأن سلاحه، أقلّه قبل الانسحاب الإسرائيلي؟
 
امتعاض من "المماطلة" 
بحسب ما يقول العارفون، تبدو رسالة الموفد الأميركي أقرب إلى "الإنذار السياسي"، الذي يستبطن إصرارًا أميركيًا على حسم ملف سلاح "حزب الله" دون تأخير، ولا سيما أنّ هذه الرسالة جاءت بعد تسريبات صحفية تحدّثت عن طلب الدولة اللبنانية "مهلة إضافية" حتى نهاية شهر آب، من أجل الشروع بـ"خريطة الطريق"، أو أقلّه عقد جلسة للحكومة تتّخذ قرارًا واضحًا وصريحًا بسحب سلاح الحزب، وفق بعض المداولات مع الأميركيّين.
 
بهذا المعنى، قد تكون رسالة براك بمثابة ردّ ضمني على هذه التسريبات، مع ما تنطوي عليه من امتعاض واضح ممّا بات يعتبره "مماطلة" في الأداء الرسمي اللبناني، خلافًا للأقوال التي يسمعها في بيروت. وبالتالي، فإنّ واشنطن ترى أن الدولة اللبنانية باتت في موضع اختبار حقيقي: إما اتخاذ القرار الحاسم ببدء إجراءات واضحة لسحب السلاح من "حزب الله" أو أي مجموعات أخرى، أو تحمّل الكلفة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية لهذا "التقاعس".
 
أبعد من ذلك، ثمّة من يرى أنّ الامتعاض الأميركي هو في جوهره اعتراض على "تبنّي" الدولة اللبنانية لسرديّة "حزب الله" ضمنًا، أو بالحدّ الأدنى مراعاة هواجسه واعتباراته، على الرغم من أنّ الحزب أكّد في أكثر من مناسبة، وعلى لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، رفضه تسليم السلاح بالمُطلَق، وإن ربط البعض الأمر بالخروقات الإسرائيلية، وتحدّث عن "ضمانات وأولويات"، وهو ما يعني بحسب واشنطن أنّ التأجيل لن يجدي نفعًا، ولن يغيّر شيئًا.
 
ماذا تريد واشنطن فعليًا من بيروت؟ 
إزاء ذلك، يصحّ السؤال عمّا تريده واشنطن فعليًا من بيروت، ولا سيما أنّها تضغط اليوم باتجاه واحد، وهو اتخاذ قرار داخلي حاسم بسحب السلاح من يد الحزب، وذلك بمعزل عن أيّ التزامات أو ضمانات خارجية، قال براك نفسه قبل أسبوع، إن الولايات المتحدة غير قادرة على تقديمها، باعتبار أنّها لا تستطيع أن "تجبر" إسرائيل على فعل شيء، ما يعني أنّ المطلوب من لبنان العمل على سحب السلاح "تحت النار"، من دون انتظار خطوات من جانب تل أبيب.
 
وإذا كان هناك من يرى أنّ ما تريده واشنطن هو قرار جريء من الحكومة اللبنانية بسحب السلاح، مع وضع آلية تنفيذية لذلك، لا تتجاوز نهاية العام الحالي، فإنّ العارفين يشدّدون على أنّ مشكلة هذا الطرح أنه يفتقد إلى التوافق الوطني المطلوب، ولا سيما أنّ الرأي الغالب في الداخل يبقى أنّ سحب السلاح يجب أن يأتي بعد تطبيق إسرائيل لاتفاقية وقف إطلاق النار فعليًا، وليس قبل ذلك، إذ من غير المنطقي تسليم السلاح، فيما لبنان "تحت العدوان".
 
إلا أنّ الخشية من الطرح الأميركي تبدو أكبر من ذلك، بالنسبة لبعض المتابعين، الذين يلفتون إلى أنّ المضيّ به، بمعزل عن موقف "حزب الله"، أو بالقفز فوقه، يمكن أن يؤدّي إلى صدام داخلي، يستعيد بالحدّ الأدنى تجربة السابع من أيار الذي جاء للمفارقة بعد جدال حول منظومة السلاح أعقب حرب تموز 2006، لكنّه يمكن أن يصل إلى أبعد من ذلك، ولا سيما أنّ الحزب يتحدّث عن "معركة وجودية"، بل عن "مؤامرة" تخاض ضدّه.
 
تبدو الرسالة الأميركية واضحة بأبعادها إذًا: المطلوب قرار لبناني واضح وصريح بشأن حصر السلاح، يترافق مع مسار عملي لا لبس فيه، من دون مماطلة أو مناورة. لكن في المقابل، لا تملك واشنطن أن تقدّم للبنان أي ضمانة تحصّنه. وبينما تتراكم الضغوط، وتضيق فسحة المناورة، يصحّ السؤال عن "مصير" المسار التفاوضي المعقّد، وسط حديث يتزايد عن استعداد إسرائيلي للدخول على الخطّ، بعدوان جديد لا تُحمد عقباه..

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا