الصحافة

الشرق الأوسط على مفترق طرق... بين التصعيد الواسع وإعادة رسم التوازنات

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بقلم:  الصحافي  سماح مطر

جاءت الضربة الإسرائيلية الأخيرة على أهداف داخل العمق الإيراني لتفتح فصلاً جديداً من التوتر الإقليمي، في توقيت بالغ الحساسية وسط صراع مفتوح منذ شهور بين إسرائيل ومحور المقاومة الذي تقوده طهران. الهجوم – الذي وصفته مصادر غربية بالواسع والدقيق – لا يمكن فصله عن مجمل التحولات المتسارعة التي يشهدها الشرق الأوسط، بدءاً من الحرب في غزة، مروراً بالتصعيد في جنوب لبنان، وصولاً إلى الضربات المتبادلة في سوريا والعراق والبحر الأحمر.

ضربة ما بعد الذروة؟

ما يميز هذه الضربة الإسرائيلية هو أنها جاءت بعد أن بدا أن يد إيران في المنطقة بدأت تتقلص، بفعل سلسلة من الضربات العسكرية والسياسية والاقتصادية طالت أذرعها في لبنان، اليمن، العراق وسوريا. فقد تراجع تأثير "حزب الله" بفعل الاستنزاف المتواصل على الجبهة الجنوبية، كما تم تقليم أظافر "الحشد الشعبي" في العراق عبر ضربات دقيقة، في حين تبدو سوريا ساحة مستباحة أمام الطائرات الإسرائيلية. أما "أنصار الله" في اليمن، فتلقوا ضربات مركّزة أميركية وبريطانية قلّصت من قدرتهم على تهديد الملاحة الدولية.

رسائل إسرائيلية متعددة الاتجاهات

من خلال هذه الضربة، سعت إسرائيل إلى توجيه عدة رسائل:


إلى إيران: أن معادلة "الردع المتبادل" لم تعد قائمة، وأن العمق الإيراني ليس محصّناً.

إلى الداخل الإسرائيلي: بأن المؤسسة العسكرية ما زالت قادرة على توجيه ضربات نوعية رغم الاستنزاف في غزة.

إلى واشنطن: بأن تل أبيب ما تزال الطرف الأكثر فاعلية في احتواء نفوذ طهران، وبالتالي لا مجال لتجاوزها في أي تسوية قادمة.

إيران: صمت تكتيكي أم بداية تراجع؟

المفارقة تكمن في رد الفعل الإيراني "المضبوط" حتى اللحظة. ففي الوقت الذي توعّدت فيه طهران بالرد على أي استهداف، جاء موقفها الرسمي بعد الضربة الأخيرة بالرد الغير معروف حتى اللحظة ربما بصربات مماثلة او التريث :


داخلياً: إيران تعاني من أزمة اقتصادية خانقة وضغوط شعبية متنامية، ولا قدرة لديها لتحمّل حرب شاملة.

استراتيجياً: ربما تدرك طهران أن مرحلة التوسع عبر الوكلاء قاربت على نهايتها، ما يفرض عليها مراجعة شاملة لسياستها الإقليمية.

إلى أين تتجه المنطقة؟

السيناريوهات المتوقعة تتراوح بين تصعيد واسع أو بداية مسار سياسي جديد:


حرب إقليمية؟ أم تهدئة ومسار جديد؟

رغم خطورة التصعيد، إلا أن كلفة الحرب الإقليمية على جميع الأطراف، بما في ذلك إسرائيل وإيران والولايات المتحدة، تجعل هذا الخيار مستبعداً في المدى القريب. لكن خطر الانزلاق إلى مواجهة كبرى يبقى قائماً في حال ارتُكبت حسابات خاطئة.

الأرجح أن المنطقة تتجه نحو لحظة تسوية، ولكنها مشروطة بإعادة رسم خريطة النفوذ الإقليمي. قد يُعاد إدماج إيران ضمن معادلة أمنية جديدة، ولكن كدولة لا كشبكة وكلاء. كما ستُعاد هندسة أدوار تركيا والسعودية ومصر في ضوء هذا التحوّل.


شرق أوسط جديد... لكن بأي ملامح؟

الشرق الأوسط الجديد لا يُبنى هذه المرة على "الرؤى الأميركية" وحدها، بل على وقائع القوة المتبدلة ومحدودية أدوات بعض القوى. إسرائيل خرجت من الحرب في غزة مثقلة بالتكلفة، وإيران لم تعد قادرة على الدفاع عن مواقعها جميعها، والخليج يتطلع إلى الاستقرار لا المواجهة، بينما تترقب روسيا والصين فرصاً للتمدد عبر الفوضى.


الضربة الإسرائيلية على إيران ليست مجرد رد فعل، بل علامة على تحوّل أعمق في المشهد الإقليمي. المواجهة المباشرة لم تعد حتمية، لكنها أيضاً ليست مستبعدة، وسط تصاعد في المؤشرات على ولادة نظام إقليمي جديد. فهل يكون القادم مرحلة إعادة تموضع وتفاوض على قواعد اللعبة، أم انفجاراً شاملاً يعيد رسم خرائط النفوذ بالقوة؟ الأيام المقبلة ستُظهر إلى أي كفة تميل موازين الشرق المضطرب.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا