دبابات زامير على أبواب بيروت!؟
صناعة الخوف لصناعة القتل. هذا هو الخط الفلسفي للدولة العبرية، منذ دافيد بن غوريون وحتى بنيامين نتنياهو، ودائمأ اذا عدنا الى مراسلات بن غورين ـ شاريت، رهان على تفكك أو على تفكيك لبنان. الآن على بعض قوى الداخل أن تستكمل ما قامت وتقوم به الغارات "الاسرائيلية".
تصوروا أن نائباً بيروتياً اتصل بزميلة له، لدى تنفيذ الغارة الجوية على الضاحية عشية الأضحى، ليشرب نخبها، على أمل ازالة "تلك الحالة الشاذة" وأهلها، تماما كما ازالة غزة وأهلها. سعادة النائب استغرب كيف أن قيادة حزب الله لم تلاحظ أنه عندما يحدث التغيير في دمشق، لا بد أن يحدث التغيير في بيروت. أيضاً اشتكى من أن المدينة فقدت بهاءها عندما وجد هناك من يغرز السكين في خاصرتها.
في هذه الحال، حين تصبح دبابات ايال زامير على أبواب دمشق، من البديهي أن تصبح على أبواب بيروت. وكانت صحيفة "اسرائيل هيوم" قد المحت الى اتفاق نتنياهو وزامير حول تلك الخطوة، بعدما كانت الصحيفة اياها قد تحدثت عن قرار واشنطن و"تل أبيب"، انهاء مهمة القوات الدولية (اليونيفيل) في الجنوب اللبناني، أي ازالة الخط الأزرق بين لبنان و"اسرائيل". لا رايات الآن سوى الرايات البيضاء، وقد تحولت الرايات السوداء الى رايات بيضاء. استطراداً، لا مكان للرايات الصفراء التي كانت السبب في هبوب الرياح الصفراء، والأيام الصفراء...
لا قضية بعد الآن، ولا معادلة الآن تحول دون الجنون "الاسرائيلي"، والذهاب بلبنان ان لم يكن الذهاب بالشرق الأوسط، الى النكبة الكبرى. اذ لا تفارق اللحظة النووية القادة "الاسرائيليين". يتنامى خوف قادة أوروبيين بعد ذلك الطوفان الدموي، الذي لا يمكن الا أن يحدث تداعيات هائلة على المسار التاريخي للمنطقة. لاحظنا كيف أن المستشار الألماني السابق أولاف شولتس تجاوز حتى أميركا، في دعمه للسياسات الهيستيرية التي ينتهجها نتننياهو ، المستشار الجديد فريدريتش ميرتس، ووزير خارجيته يوهان فادفول، أعلنا رفضهما الشديد تلك السياسات، أقوال ماذا عن الأفعال؟
لا ضوء في الأفق. ثمة رئيس جمهورية في لبنان هو العماد جوزف عون يعرف كيف يرفع صوته، ليستتبع ذلك تلويح قيادة الجيش بـ"تجميد التعاون" مع اللجنة الدولية المكلفة مراقبة عملية وقف الاعتداءات(Mechanism) برئاسة جنرال أميركي، في ما يخص الكشف على المواقع. الرئيس اللبناني واثق من خلو الأبنية التي دمرت الأسبوع الماضي في الضاحية من أي أثر عسكري، ليعكس ذلك نيات "اسرائيلية" لا بد أن تكون خطرة حيال لبنان، الذي يفترض أن يبقى يدور داخل حلقة مفرغة، ما يعني قطع الطريق على اي خطوة كبرى نحو الانقاذ.
الغريب هنا، أن المنطقة العربية خالية من أي خطة مشتركة (سوى تلك المبادرة الديبلوماسية التي أطلقت في قمة بيروت عام 2002، وقد دفنت قبل أن تطوى أعلام الدول المشاركة). بعدما حكي الكثير، وشحذت الأظافر، عن الاختراق الجيوسياسي الايراني، ها أن الصمت المطبق على الاختراق التركي الذي يحظى بالغطاء الأميركي، والذي يبدو واضحا أنه يعمل لحساب أركان الائتلاف الجهنمي في "اسرائيل".
هؤلاء يرون ألاّ تغيير في الشرق الأوسط ـ وهو الشعار الذي أطلقه زعيم "الليكود" منذ بدايات الحرب على غزة ـ الا بالضربة النووية. ربما تأثرا بقول دين أتشيسون، وزير الخارجية في عهد هاري ترومان، وصاحب مصطلح "الحرب الباردة"، ان "قنبلة هيروشيما" غيّرت حتى دوران الكرة الأرضية، وان كان هناك من كان يفضل أن تكون "قنبلة بطرسيرغ". الآن "قنبلة تشانغهاي" أو "قنبلة بيونغ يانغ".
"الاسرائيليون" الذين ما زالوا يدعون الى تفكيك أو تدمير المنشآت النووية الايرانية، حددوا بدقة الأهداف الحساسة في الجمهورية الاسلامية، والتي يمكن أن يؤدي ضربها، لا الى زعزعة النظام بالخط الايديولوجي المعادي "لاسرائيل" فحسب، وانما الى تقويض هذا النظام من اساسه. ولكن ما يمكن أن نستشفه من أبحاث "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، والذي يرتبط بـ "اللوبي اليهودي" ("الايباك")، أن هناك داخل حكومة نتنياهو من يصر على أن توجه الضربة النووية الى غزة، باعتبارها الضربة الاستباقية والقاضية، على فكرة الدولة الفلسطينية.
سورية تغيرت بالدور السياسي والدور الاستراتيجي. والمثير هنا أن الباحثين "الاسرائيليين"، الذين أبدوا توجسهم من أن تحل السعودية محل "اسرائيل"، في حماية المصالح الأميركية في المنطقة ، بدؤوا يطرحون الأسئلة حول الدور الأميركي لسورية، دائماً بوجود المايسترو التركي الذي لم يكتشف حتى الآن، أن الأميركيين قد يلقون به على قارعة الطريق عندما تدق الساعة، بعدما فتحوا أمامه تكتيكيا الكثير من الأبواب المغلقة.
حالة هتلرية في الدولة العبرية. جوديث باتلر، المؤرخة "اليهودية" الأميركية، تحدثت عن "الأيام السوداء" التي تنتظر هذه الدولة، لتجد في بنيامين نتنياهو الرجل الذي وضع "اليهود" في مواجهة العالم. ولتحذر من أن دولاً خليجية لطالما كانت في حال الصراع مع ايران، بدأت تبدي مخاوف حقيقية مما تعتبرها الانعكاسات الكارثية لأي عملية عسكرية "اسرائيلية".
ديبلوماسي خليجي مخضرم قال لنا: أن ترامب الذي تفهّم تلك المخاوف، أبلغ من يعنيهم الأمر بانه سيمنع نتنياهو من القيام بأي خطوة في اتجاه تفجير المنطقة. ولكن، حتى الحمقى لا يثقون بالرئيس الأميركي...
نبيه البرجي - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|