الصحافة

خطة وزارة الاتصالات لمكافحة الإنترنت غير الشرعي

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يشكل ملف الإنترنت غير الشرعي، عبئاً متوارثاً، شهد تجارب غير مكتملة لإنهاء ظاهرته منذ سنوات، ولكنها لم تفض حتى الآن إلى نتائج ملموسة. إلا أن وزير الاتصالات شارل الحاج مصر على إنهاء هذه الظاهرة وفقاً لما تؤكد مصادره، وفي هذا الإطار جاء الاجتماع الذي عقده مطلع الأسبوع الجاري مع شركات نقل المعلومات الـ DSP، والذي سيستكمل بلقاءات مشابهة مع شركات التوزيع أو ما يعرف بـالـ ISP لاحقاً.


مع أن آلية تطبيق أولويات إقفال هذا الملف نهائياً ستحتاج من الوزارة إلى مزيد من الوقت لبلورتها، لخّصت وزارة الاتصالات هذه الأولويات في بيان صدر عن مكتبها الإعلامي، كما يلي: منع رفع سعر الخدمة على المستهلك وتأمين جودتها، ضمان التعاون الأمني والوصول إلى بيانات الشبكات غير الشرعية، وتحديد السعات المستأجرة وعدد المستفيدين منها. فهل ينجح الحاج حيث فشل سلفه الوزير جوني القرم؟ ووفقاً لأي مسار؟ وهل يكون المخرج بحصول الشركات، على الشرعية الكاملة في مقابل حصة مالية للدولة، ماذا عن استعادة أوجيرو سيادتها الكاملة على القطاع؟

تفوّق اللاشرعي على الشرعي

تعتبر مسألة الانترنت غير الشرعي، من أكثر الملفات الشائكة منذ سنوات طويلة. وعلى رغم أصابع الاتهام التي توجه عملياً إلى "ديوك الحي" الذين يشكلون حلقة الربط الأخيرة في إيصال الانترنت إلى المواطن، فإن ظاهرة هؤلاء غير الشرعية لما كانت ستستفحل، لولا سهولة الوصول إلى السعات التي تباع لهم بواسطة شركات النقل والتوزيع "المرخصة". كما أن شبكات هذه الشركات لما كانت ستتوسّع على حساب شبكات الدولة، لولا عجز أوجيرو في تغطية الحاجات المتوسعة للإنترنت. فهل نحن أمام سيناريو استمرار الواقع القائم، خصوصاً بسبب عجز شبكة الدولة عن الوصول إلى بعض المناطق؟ أم أن مساراً قانونياً سيرافق المسار العملاني للحفاظ على مكتسبات الدولة المهدورة من القطاع؟ وهل يكفي أن تقلب الصفحة على المخالفات المزمنة لشركات النقل والتوزيع، وخصوصاً لجهة إعادة بيعها السعات الدولية من دون أي ترخيص رسمي؟


بحسب تقرير صدر عن ديوان المحاسبة منذ العام 2021، يتفوق عدد المشتركين في الشبكات غير الشرعية على الشبكات الشرعية بنحو ضعف الحجم تقريباً. إذ إنه في مقابل 700 إلى 800 ألف مشترك في الشبكات غير الشرعية، يصل مجموع المشتركين عبر الشركات الشرعية إلى 419 ألف مشترك فقط، 274 ألفاً منهم مشتركون لدى أوجيرو و145 ألفاً لدى شركات الإنترنت. هذا في وقت يظهر تقرير الديوان، أن مجمل حجم السعات التي تغطي من خلالها أوجيرو استخدامات مشتركيها، البالغ عددهم 274 ألفاً يصل إلى 92 جيغابيت/ ثانية، في حين تستهلك الشركات المرخصة 470 جيغابيت/ ثانية لتأمين الخدمة لـ 145 ألف مشترك مصرّح عنهم، بينما حاجتها لا يجب أن تتجاوز الـ 43 جيغابيت/ ثانية. وعليه استنتج الديوان بأن تلك الشركات تشتري سعات أكبر من حاجتها للمشتركين المصرّح عنهم، لتؤمّن حاجات السوق غير الشرعية. علماً أن المرسوم 956/2017 يشير إلى أنه لا يحقّ لمزوّدي خدمة الإنترنت إعادة بيع السعات المستأجرة من الوزارة إلى أي طرف ثالث موزع للخدمات، تحت طائلة دفع غرامة تحددها الوزارة في قرار تأجير الخطوط. كما ِأشار المرسوم إلى تعهد مزود الخدمة بتوزيع خدماته عبر شبكة مرخصة قانوناً وتخضع لمعايير تقنية تضعها الوزارة تحت طائلة دفع غرامة أو إلغاء قرار السّعات.

العصا من نصفها

تسير خطة وزارة الاتصالات لإنهاء هذا الواقع وفقاً لمصادرها، باتجاه فرض التصريح عن كافة مشتركي شركات النقل والتوزيع غير الشرعيين، مع إلزامها بدفع كامل ثمن السعات الدولية المستأجرة. هذا الإجراء من شأنه تحسين موقع الدولة تجاه حقوقها المكتسبة، ولكنه وفقاً لرأي خبير في القطاع "يبقى محفوفا بمحاولة التطبيع مع الأمر الواقع الذي فرضه انفلاش الشبكة غير الشرعية للإنترنت، تحت سيف قطع الخدمة الذي قد يلجأ اليه أصحاب الشبكات غير الشرعية.


تبدو الأولويات المقترحة من الوزارة في المقابل وكأنها تمسك العصا من النصف بعدما رفض ديوان المحاسبة في رأي صدر عن غرفته الثانية برئاسة القاضي عبد الرضى ناصر، محاولة الوزير القرم الإلتفاف على المرسوم 9458، عبر قلب التصور الذي نص عليه لجهة التصريح عن الشبكات وضبطها قبل تحرير عقود صيانة مباشرة معها. فإذا كانت الخطة التي تبحث حالياً ستؤمن استرداد حق الدولة من حجم السعات المؤجرة، فإن هذا لا يمحو تاريخ تهرب هذه الشركات من تسديد ثمن هذه السعات. وبدلاً من تكبيدها غرامات عن المخالفات التي ارتكبتها طيلة السنوات الماضية، فإن الحل المقترح يمنح هذه الشركات "المخالفة" احتكارية على حساب آخر حلقات التوزيع. فيما الشكوك كثيرة حول ما إذا كان من خالف القوانين التي أدّت إلى تفشي ظاهرة الإنترنت، يمكن أن يكون مؤتمناً على نتيجة مخالفته، حتى لو أقرت شركات الـ DSP والـ ISP بالشبكات المنشأة من دون ترخيص.

من يحتفظ بسيادة الشبكة؟

يثير تسليط الشركات على الحصة السوقية التي ستؤمّنها الحلول المقترحة في المقابل، شبهات خبراء في القطاع، حول إمكانية التخلي عن السيادية التي تتمتع بها هيئة أوجيرو بموجب القوانين بالنسبة لهذا القطاع.

إذ إن نتائج الأهداف التي وضعتها الوزارة لخطتها المتداولة، يمكن أن تكون مشابهة لما اقترحته أوجيرو منذ العام 2022 لجهة خفض السعات المؤجرة بما يتناسب مع أعداد المشتركين المصرح عنه. إلا أن العبرة تبقى في خارطة الطريق المقترحة لتحقيق هذه الأهداف، والتي كانت أوجيرو قد ضمّنهتا تحويل الشركات المنشأة خلافاً للقانون إلى شركات شرعية، عبر إتاحة المجال أمامها للتصريح عن نفسها والتقدّم بطلبات لاستثمار الشبكة والتصريح عن عدد المشتركين وتسديد الرسوم عنهم.


لا تستبعد مصادر الوزارة أي من الاقتراحات المقدمة، وتعتبر في المقابل بأن الأساس في نجاح أي خطة موضوعة، هي في جدية التعاطي مع هذا الملف التي عكسها خصوصاً حضور مستشار رئيس الجمهورية للدراسات العميد المتقاعد زياد هيكل، الذي أكّد أن "قرار إنهاء ظاهرة الإنترنت غير الشرعي اتُّخذ وفق توجيهات رئيس الجمهورية وتحت إشراف وزارة الاتّصالات نظراً لتداعيات هذه الظاهرة السلبية على الأمن القومي".

مسار غير سهل

ولكن مسار الأمور في المقابل لن يكون سهلاً. والطريق إلى الهدف المحدد محكوم بمطبات، أبرزها يكمن في المحميات التي نشأت حول هذه التجارة غير الشرعية ومحمياتها من كبار المستثمرين وصغارهم.

فمع أن تفاصيل النقاشات التي دارت في اجتماع الوزير الأول مع شركات نقل المعلومات، لم تخرج إلى العلن، ولا النيات المبيتة، إلا أنه وفقاً لمصدر مطلع فإن الوزير لا يتوقع معركة سهلة. ولا يُستبعد في هذا الإطار تذرع الشركات بعصيان أصحاب الشبكات المعروفين بديوك الحي الذين يعتبرونها ملكية مقدسة لا يمكن المس بها. علماً أن هؤلاء رفضوا سابقاً التعامل معهم كمجرمين، وطالبوا الوزارة إذا كان هدفها تنظيم القطاع بأن ترخّص لهم وفقاً للقوانين المرعية.

انطلاقاً من هنا إذا كان تحديد حجم السعات الفعلي المستهلك مع عدد المستفيدين، يؤمّن قطع نصف المسافة نحو استعادة الدولة بعض حقوقها، يبقى الحل الفعلي والجذري وفقاً لرأي خبير في القطاع، بتوفر البنية التحتية للشبكة الوطنية بالتساوي لكل المواطنين. وإلى حين تحقيق ذلك يحدد خارطة الطريق المرحلية للحد من هذه الظاهرة، بالسماح أولاً بترخيص الشبكات غير الشرعية من خلال آلية تحددها الوزارة وتضمن من خلالها حقوق الدولة. وهذا ما يضمن برأي المصدر المنافسة، ويحدّ بالتالي من احتكار شركات النقل والتوزيع. مشدداً على أن الهم الأساسي في أي خطة تطرح، هو أن يبقى المشغل الوطني مالك الحصة السوقية الأكبر لشبكات الإنترنت. 

المصدر: نداء الوطن
الكاتب: لوسي بارسخيان

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا