الصحافة

ما هي خلفيّات وأهداف تصويب بعض الداخل والخارج على عون؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

الموقف الذي صدر عن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، ردا على الغارات "الاسرائيلية" الخميس الماضي على الضاحية الجنوبية، جاء متميزا ومتقدما على مواقفه السابقة تجاه الاعتداءات "الاسرائيلية"، حيث عبّر خلاله مع تصريحي الرئيسين بري وسلام عن الموقف اللبناني الرسمي ليس تجاه هذه الغارات فحسب، بل ايضا تجاه تمادي "اسرائيل" في توسيع ورفع وتيرة اعتداءاتها على لبنان.

وفي تصريحه وضع الرئيس عون النقاط على اهداف هذه الغارات، وتمادي العدو في تصعيده واستهدافه للبنان من خلال الضاحية، عندما اعتبرها "رسالة دموية توجهها اسرائيل الى الولايات المتحدة الاميركية وسائر العالم، عبر صندوق بريد بيروت ودماء الابرياء"، مؤكدا في الوقت نفسه "ان لبنان لن يرضخ لمثل هذه الفظائع".

ولم يأت كلام الرئيس عون والعبارات التي استخدمها في سياق الموقف من العدوان "الاسرائيلي" المستمر فحسب، بل صدر ايضا عن شاهد عيان موثوق به، حيث كانت الصواريخ "الاسرائيلية" المدمرة والحارقة التي تتساقط على احياء الضاحية على مرمى بصره في القصر الجمهوري .

وبرأي اوساط مراقبة ان ما صدر عن رئيس الجمهورية يعتبر تطورا مهما ونوعيا في الموقف اللبناني، نظرا الى حجم العدوان الجوي "الاسرائيلي" الاخير ودلالاته واهدافه، وهو كجرس انذار من التداعيات التي يمكن ان تتشكل اذا تكرر مثل هذا العدوان .

وترى الاوساط ان هذا الموقف المتقدم للرئيس عون يفترض ان يحظى بالتفاف وطني جامع، يعزز موقف لبنان ليس في وجه العدوان الاسرائيلي فحسب، بل ايضا على الصعيد العربي والدولي، من اجل ممارسة الضغوط اللازمة على "اسرائيل" لوقف اعتداءاتها، والالتزام باتفاق وقف النار والانسحاب من الاراضي اللبنانية المحتلة واعادة الاسرى .

وتتوقف الاوساط عند مواقف بعض الداخل والخارج، التي تعكس تصويبا واضحا على اداء الدولة اللبنانية عموما والرئيس عون خصوصا، مشيرة الى ان التصويب عليه بشكل معلن او مستتر، بدأ منذ فترة بمشاركة اطراف في الداخل والخارج .

بدأت ملامح هذا التصويب تتكشف تدريجا باشكال مختلفة، عندما تعرض الرئيس عون لانتقادات علنية ومستترة بسبب تمسكه بخيار الحوار مع حزب الله لمعالجة قضية السلاح، في اطار ترجمة ما اعلنه في خطاب القسم، وما اكد ويؤكد عليه بحصرية السلاح في يد الدولة وحدها. هذا التصويب جاء على لسان البعض في الداخل اللبناني، وفي مقدمهم رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي وصف سلوك هذا الخيار واداء الدولة في هذا المجال (والمقصود هنا اداء الرئيس عون) بانه على طريقة ابو ملحم، ثم اتبع ذلك بتصريحات وانتقادات مماثلة، كان آخرها في نهاية الاسبوع الفائت عندما اتهم "بعض جماعة الدولة" بمسايرة حزب الله، في معرض حملته على الحزب، ودعوته له بان "يفك عن سمانا وسما الدولة وعن ضهر الحكومة ".

وترافقت انتقادات جعجع، مع حملة بعض الناشطين والاعلاميين الذين يتجندون في مثل هذه الظروف، لتشديد الحملة ليس على حزب الله فحسب، با ايضا على الدولة اللبنانية ورموزها .

وعلى الصعيد الخارجي، لم يواجه الرئيس عون في البداية معارضة اميركية مباشرة وصريحة، للسياسة التي ينتهجها في حل مسألة سلاح المقاومة وحزب الله، وقد عبرت الموفدة الاميركية اورتاغوس في زياراتها للبنان وخلال الاجتماعات في بعبدا، عن تفهمها لموقف الرئيس عون واسباب اعتماده خيار الحوار، لمعالجة موضوع سلاح حزب الله. وتركت في تلك الفترة الخيار له من اجل الوصول الى الهدف الذي تسعى اليه واشنطن، وهو تسليم ونزع سلاح الحزب، ولم تلزمه بجدول زمني محدد .

ومع مرور الوقت، وفي ضوء زيارات الموفدين لـ "اسرائيل"، بدأ الموقف الاميركي يتطور سلبا بانحياز واضح وفاضح للعدو، واعطائه الضوء الاخضر لتوسيع خروقاته واعتداءاته على لبنان، واستهدافه ليس الجنوب والبقاع فحسب بل ايضا الضاحية الجنوبية .

وبرأي مصدر سياسي مطلع ان الادارة الاميركية لم تكتف بذلك، بل عمدت الى شل وتجميد عمل لجنة المتابعة المنبثقة من اتفاق وقف اطلاق النار خدمة للعدو "الاسرائيلي"، وبدأت مؤخرا تزيد من الضغوط على لبنان، للدخول في مفاوضات مباشرة مع " اسرائيل"، تمهيدا لعقد اتفاق جديد معها تحت عنوان السلام والاستقرار، وتجاوز اتفاقية الهدنة 1949. ويعكس هذا الاداء الاميركي تصريح الرئيس ترامب خلال زيارته للسعودية، ودعوته المسؤولين في لبنان الى الاقتداء بموقف الرئيس السوري احمد الشرع تجاه "اسرائيل"، واستعداده للسلام معها .

ويضيف المصدر ان الادارة الاميركية، ورغم اعترافها واشادتها بما انجزه الجيش اللبناني في الجنوب، في اطار تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار والقرار 1701، لم ولا تتجاوب مع الموقف الرسمي اللبناني، بل تعمد الى ممارسة المزيد من الضغط على الدولة اللبنانية، للرضوخ للمطالب "الاسرائيلية"، وتشجع بعض حلفائها في لبنان والمنطقة على الانخراط في الحملة ليس على حزب الله فحسب، بل على الدولة اللبنانية .

وفي هذا الاطار، يشير المصدر الى معلومات بدأت تتكشف اكثر فاكثر عن تحفظات سعودية عن اداء الدولة اللبنانية، وان هذه التحفظات لم تترجم بتصريحات او مواقف علنية، لكنها تظهر من خلال تردد وتريث الرياض في تقديم مساعدات مباشرة للبنان، او تنشيط التواصل والانتقال بين البلدين، وايضا من خلال التقارير التي تبثها وسائل اعلام سعودية، وسلسلة الاستصراحات لبعض السياسيين والناشطين اللبنانيين، في اطار توجيه الانتقادات للدولة اللبنانية وادائها على طريقة انتقادات جعجع .

ويلفت المصدر الى ان فرنسا تتخذ موقفا مختلفا لذلك، حيث اوفد الرئيس ماكرون مبعوثه الخاص جان ايف لودريان الى بيروت (اليوم)، من اجل البحث في التحضير لمؤتمر دولي، يرجح عقده في الخريف المقبل في باريس، لدعم لبنان ومساعدته ايضا في اعادة الاعمار .

وقد ظهر التمايز الواضح بين الموقفين الفرنسي والاميركي في بيان الخارجية الفرنسية الاخير، الذي ادان الغارات "الاسرائيلية" على الضاحية الجنوبية، حيث دعا "اسرائيل" الى الانسحاب باسرع وقت من جميع الاراضي اللبنانية المحتلة. بينما لم تصدر واشنطن اي موقف تجاه هذه الغارات، في اشارة صريحة للوقوف كما درجت العادة الى جانب "اسرائيل".

محمد بلوط - الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا