ما هي المقاصد السياسية التي شاءتها إسرائيل من غاراتها الأخيرة على الضاحية؟
الغارة الاسرئيلية الاخيرة على الضاحية الجنوبية، كانت وفق كل التقديرات، الفعل الاسرائيلي الأعنف على هذه البقعة الجغرافية منذ سريان اتفاق وقف النار المبرم قبل اكثر من ستة اشهر، إن على مستوى ما خلفته من خسائر مادية طاولت اكثر من مئة وحدة سكنية وتجارية مما أدى الى تشريد اكثر من مئة عائلة، وان على مستوى ما تركته من أبعاد وتأثيرات سلبية على المشهد السياسي الداخلي فزادته احتقانا وتوترا.
وأخطر ما في مشهد التطور هذا، هو احتمال أن يتكرر العدوان الخطير هذا وهو الثالث من نوعه بعد وقف النار، لكنه الأكثر عنفاً وتدميراً وقد استهدف مجمعاً سكنياً ماهولاً، يضم اكثر من 8 أبنية، مما ينذر بتحوله الى نهج مستمر لا بل قد يأخذ منحى تصاعدياً ما من شأنه ان يفتح الباب أمام تل ابيب لتحويل الضاحية برمتها منطقة يصعب العيش فيها على غرار ما هو حاصل في نحو 18 بلدة حدودية وفق تقدير الباحث في القضايا الاستراتيجية العميد المتقاعد الياس فرحات .
ويقول العميد فرحات لـ"النهار": في تقديرنا ان أهداف الغارة تلك الأكثر قساوة ووحشية من حيث زمنها الذي تجاوز ساعة ونصف الساعة ومن حيث اتساع بقعة الهدف وعديد الأبنية المستهدفة وتلك المتضررة، أهداف سياسية محضة وليست عسكرية بالمطلق. ففي التقديرات العسكرية ثمة شبه إجماع على بطلان المزاعم التي اطلقتها تل ابيب لتبرير عدوانها، عندما زعمت بأنها تستهدف مخازن اسلحة ومصانع مسيّرات عائدة لحزب الله، اذ لايمكن للحزب ان يتخذ من منطقة بهذه الكثافة السكانية مخازن او مصانع فضلا عن ان وحدات من الجيش اللبناني تعمدت الدخول الى الاماكن التي أنذرت اسرائيل سلفاً باستهدافها لتثبت لمن يعنيهم الامر خلوها من اية مواد عسكرية، ومع ذلك كله بقيت اسرائيل مصممة على إنفاذ غاراتها.
وأضاف فرحات: هذا يعني ان ثمة مقاصد سياسية وابرزها في تقديرنا الآتي:
- ان تل ابيب شاءت ان تؤكد مجدداً انها تملك القدرة على استباحة لبنان ساعة تشاء وعلى النحو الذي تريد، على رغم ان ثمة اتفاقاً لوقف النار تشرف عليه لجنة دولية، وعلى رغم ان في لبنان عهد جديد يواصل اتصالات وضغوطاً دولية يومية ومكثفة لحماية سيادة اراضيه ودفع الأذى وشر العدوان عن شعبه.
- يتبين ايضاً من الغارة تلك ومن سياقها ان ثمة محاولة اسرائيلية جدية لفتح ابواب مواجهة عسكرية مع لبنان، فالمعلوم انه وقت انذرت اسرائيل بإنفاذ غارتها تلك كان الاعلام الاسرائيلي ينقل عن قيادة سلاح الجو في تل ابيب انه أعطى أوامر لسلاح الجو في الشمال باعلان الاستنفار تحسباً لردّ محتمل من جانب "حزب الله" على تلك الغارة، وهذا برهان واثبات على ان اسرائيل تريد استدراج الحزب الى رد مهما كان نوعه تعقبه مواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات.
- لم يكن رئيس الجمهورية مخطئا عندما قال في بيانه الاستنكاري للعدوان الاسرائيلي ان لبنان يرفض تحويله الى ساحة "تبادل الرسائل" ، فالواضح عندنا ان اسرائيل نفذت غارتها المفاجئة على لبنان الذي هو باعتقادها الحلقة الاضعف لكي تصدّر أولا أزماتها وصراعاتها الداخلية المتفاقمة، وتريد ثانياً ان تموه على عجزها الجلي عن حسم الامور في غزة، وتردّ ثالثا على الجانب الاميركي الذي تعتبر انه عندما نسج تفاهماً مع الحوثي في اليمن إنما اتاح الفرصة له ليكمل هجماته على مطار بن غوريون وهي الاغارات التي رغم ما يقال عن ضعفها، عطلت ما يعادل خمسين بالمئة من حركة هذا المطار الحيوي في الكيان.
وأيضاً أرادت اسرائيل ان ترد سلفاً على مفاعيل المؤتمر الذي تحضر له عواصم اوروبية، بغية تنظيم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو تطوّر ان سار في الخط المرسوم يعد تطوراً يلحق الأذى بصورة اسرائيل في العالم وهي الصورة التي ازدادت قتامة بعد حرب الابادة التي تصرّ على ممارستها في غزة منذ اكثر من عام ونصف عام، مضافاً الى ذلك ان رحلة الباخرة مادلين التي تبحر نحو غزة وعلى متنها عشرات الشخصيات الغربية، ستلقي المزيد من الاضواء على معاناة سكان غزة من جراء الاعتداءات الاسرائيلية المستمرة عليهم.
وردا على سؤال قال فرحات : خطورة ما حدث اخيراً صيرورة الغارة تلك نهجاً تفرضه اسرائيل وتلجأ اليه تكراراً ساعة تجد في الامر فوائد لها.
ابراهيم بيرم - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|