الصحافة

التاريخ يعيد نفسه والتمديد لـ "اليونيفيل" قرار تقليدي!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

على رغم من الضجيج المفتعل في جانب كبير منه حول موضوع التمديد لقوات "اليونيفيل" سنة جديدة تُحتسب ابتداءً من الاول من ايلول المقبل، سيعيد التاريخ نفسه، وسيتراجع الرافضون للقرار ولإنهاء مهمّتها في لبنان، وسينال الراغبون به قراراً يُستنسخ من التجارب السابقة، ولا يتجاهل قوة الدفع التي ولّدها تفاهم 27 تشرين الثاني 2025 استناداً إلى القرار الدولي 1701 لعام 2006، واستكمال تنفيذه وفق الآلية الجديدة. وهذا هو السيناريو المرتقب.

تجزم مراجع ديبلوماسية دولية ومحلية، انّ الوقت لن يسمح بأي تعديل في المهمّة والدور وقواعد السلوك المعتمدة لدى القوات الدولية المعززة (اليونيفيل)، وانّ التمديد لها سيتمّ بعد مخاض ديبلوماسي مهما تعدّدت المواقف المتناقضة منها، والتي لن تكون لها نتائج عكسية تعوق تنفيذ المهمّة الجديدة التي كُلّفت بها بموجب تفاهم 27 تشرين الثاني 2024، الذي أحيا الحديث عن آلية تطبيق القرار 1701 معدّلاً في جوانب لا تحمل أي ملاحظات مهمّة في اعتبارها شكلية، نتيجة التأخير في تنفيذه طوال الفترة الفاصلة بين صدوره والحرب التي شهدها الجنوب عقب عملية "الإلهاء والإسناد" التي أعلنها "حزب الله" دعماً للمقاومة الحمساوية في غزة .
لا يمكن البتّ بهذه المعادلة من دون تقديم الأسباب الموجبة التي تثبت الحاجة اليها. ذلك انّ أي مسّ بها سيعرّض السلم الإقليمي للخطر عقب حرب كان يستعد لها طرفاها إسرائيل و"حزب الله" منذ اليوم التالي لصدور القرار 1701 في 12 آب 2006 بشهادة الموفدين الدوليين وقادة الطرفين، ولو تحدث عنها كل طرف بنحو مختلف عن الآخر. ذلك انّ النتيجة الحتمية كانت واحدة ترجمتها الحروب الأخيرة وما استجرّته على المنطقة من مخاطر وضحايا بالآلاف بين المدنيين وخسائر بالمليارات من الدولارات في مختلف جوانب الحياة اليومية ومظاهرها الأساسية.
على هذه الخلفيات، تتحدث المراجع الديبلوماسية الناشطة على خط معالجة الوضع في جنوب لبنان، سعياً إلى الانتقال من مرحلة وقف العمليات العدائية إلى وقف ثابت ونهائي لإطلاق النار، وقد تزامنت كلها مع قرب البحث في ملف تمديد ولاية "اليونيفيل" عاماً إضافياً ابتداءً من نهاية ولايتها السنوية الحالية ليل 30 آب – الاول من أيلول المقبلين، وهو سيكون مطروحاً على جدول أعمال مجلس الأمن الدولي قريباً، عندما تتقدّم الحكومة اللبنانية بطلب التجديد كما درجت العادة سنوياً منذ 19 عاماً.
وعليه، فإنّ الحديث المتداول على ألسنة البعض عن مستقبل هذه القوات وطريقة مقاربة دورها وما تقوم به وما هو مطلوب منها، اختلط فيه المزاح بالجدّية عن الأخطاء المرتكبة الناجمة عن سوء فهم كثير من الحقائق، انّ الهجمة التي تتعرّض لها هذه القوات من الداخل اللبناني ومن العدو الصهيوني لا قيمة لها في النهاية. فالمواطنون الذين يهاجمونها اليوم لا يدركون نتائجها السلبية غير المقدّرة لدى كثير منهم. كذلك فإنّ الحكومة الإسرائيلية بما تملكه من قدرات ومعرفة ديبلوماسية وعسكرية، تدرك انّ موقفها الذي يتكرّر سنوياً لم ولن يؤخّر في موضوع التمديد لها، ولن يغيّر في مسألة وجودها، ولن تجد إسرائيل إلى جانبها أي دولة في دول مجلس الأمن لتخاطر بمصير "اليونيفيل" ودورها وما تقدّمه من خدمات للسلم الأهلي في منطقة متوترة. ذلك أنّ ما قدّمته من تضحيات يزيد من أهمية ما انتهت إليه مهمّتها، منذ أن كُلّفت مهمّة بلغت خطورتها ما لا يمكن أن يتجاهله أي عاقل على وجه الأرض عموما وأبناء المنطقة خصوصاً.
وتضيف هذه المراجع، انّه لن يكون الموقف الفرنسي المنادي بطريقة مبكرة بالتمديد لهذه القوات منفرداً، وسينضمّ اليه بقية أعضاء مجلس الأمن الدولي، وأنّ أي بحث في تعديل مهمّاتها لن تكون له ثماره. فالتفاهم الأخير الذي أناط بها الأدوار المهمّة إلى جانب الجيش اللبناني جنوب الليطاني، كرّس أهميتها وعطّل مسبقاً أي مسعى لإنهاء دورها. كما انّ الحديث عن تقليص موازنتها أمر لا يمكن ان يتّم، فهي بحاجة إلى زيادتها بدلاً من تقليصها، وخصوصاً انّ جزءاً منها بات مرتبطاً بدعم الشؤون اللوجستية والتقنية للجيش اللبناني، وقد تسابقت بعض دولها إلى تقديم هذا العون بلا تردّد، وفي أجواء وجدت نفسها مضطرة لمعالجة البيئة العدائية التي رافقت وجود بعضها، وقد سقطت معظم الأسباب الموجبة لهذه المواقف السلبية، بعدما اكتشفوا انّها قوات تشكّل ضماناً لأمنهم وتساهم إلى حد بعيد في إنعاش مناطقهم وتعزيز صمودهم في أرضهم، سواء على مستوى وجود المتعاقدين في صفوفها والعاملين في مؤسساتها او غيره، وباتت أصوات النشاز بلا صدى مهما علت.
وانطلاقاً مما تقدّم، تضيف المراجع الديبلوماسية، انّ الأمور سائرة على ما يرام، وانّ التحضيرات الجارية لتعزيز دور اللجنة الخماسية المكلّفة مراقبة تنفيذ القرار 1701 واستكمال مراحل بسط سلطة الدولة اللبنانية ماضية على قدم وساق، وقد أنجزت كثيراً وستعزز أمر التمديد لهذه القوات أياً كانت الظروف التي تتحكّم بالمعنيين بالقرار فهو قرار تقليدي وروتيني باعتراف المرحبين به أو الرافضين له. وإنّ تعيين الميجور جنرال مايكل ليني خلفاً لنظيره جاسب جيفيرز قد يشكّل حافزاً لتجديد العمل في اللجنة المجمّدة أعمالها كمجموعة منذ 11 آذار الماضي، عندما اتخذت بعض القرارات التنفيذية ولم تُنفّذ حتى اليوم، وهي ستشكّل دينامو الحركة المقبلة الذي لن يعمل في غياب هذه القوات التي هي من أدواتها الأساسية التي لا نقاش فيها، سواء بقيت الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس المسؤولة السياسية عن مهّمة رئيسها الأميركي في موقعها، أو انتقلت إلى مسؤول آخر. فالأمر لم يعد مرتبطاً بشخصها، لأنّ الاستراتيجية الأميركية للمنطقة ولبنان لم ترتبط يوماً بشخص مهما كانت هويته ومهمّته.
وتصرّ المراجع الديبلوماسية على أهمية التعاطي مع هذا الملف بهدوء ورصانة. فلبنان متمسك بهذه القوة في حجمها وشكلها ودورها ومهماتها، وقواعد السلوك المعتمدة تزرع الثقة في نفوس المسؤولين اللبنانيين على مختلف مستوياتهم ومعهم أبناء الجنوب. وانّ الموقف الإسرائيلي السلبي والمتشنج منها يشكّل حافزاً إضافياً للبنان ليتمسك بها أكثر من أي وقت مضى. وعلى رغم من كل ما يؤدي إلى التشويش، فهو مطمئن لكل ما سيرافق هذه الفترة الفاصلة عن نهاية الولاية الحالية مهما تعددت الصعاب، فهي شكلية وموسمية، وستعبر هذه المرحلة بكل ما سيرافقها من "لقلقة" تبقى في إطار الروايات غير الموثوقة، إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الأسود. وانّ كل ما هو مطلوب سيأتي في أوانه، بحيث ستسقط خيارات وتتقدّم أخرى، تحمل ما يكفي من الاطمئنان إلى انّ ما هو آتٍ أفضل مما عَبَر.

الجمهورية - جورج شاهين

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا