سلام مفتتحا مشروع انارة كورنيش الروشة: نضيئه اليوم لنحتفل بهزيمة الظلمة
تُخمَة لبنانية من السياديين والتغييريين و"المُمَانِعين المُتأمْرِكين" والنتيجة... رفع العقوبات عن سوريا!
تُخمَة هائلة من السياديين، والتغييريين، والناشطين السياسيين المدنيين وغير الحكوميين، ومن "المُمَانعين" الأصدقاء للولايات المتحدة الأميركية والغرب، موجودة في لبنان، تحكمه وتتحكم به وبشؤون شعبه على المستويات كافة. وأما النتيجة، فرفع العقوبات عن سوريا!...
وأما في سوريا، حرب دمّرت البلاد هناك على مدى 13 عاماً، وجعلتها مقسّمة بين قوى متعددة، وأوصلت شعبها الى اللّجوء والنزوح والمجاعة، وجعلتها منطقة عمليات لـ 5 جيوش أجنبية، ولفصائل مسلّحة محلية وخارجية... وها هو الرئيس السوري أحمد الشرع، الخارج من كهوف تنظيم "القاعدة"، يسبق أي مسؤول لبناني كبير للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكل مباشر، فيما يتشاغل الحكم اللبناني بمستوياته كافة، بتقييم جولات الاستحقاق البلدي والاختياري الذي يجري مثل من "ينازع"، وسط فوضى أمنية وسياسية وحزبية وإنمائية كبيرة، وكأن ما يحصل على هذا الصعيد لا مثيل له على وجه الأرض.
مسار مختلف
طبعاً، نحن لا نحمّل أي شخص أو أي جهة لبنانية بحدّ ذاتها كامل المسؤولية. فالحلّ العام يحتاج الى منظومة لبنانية متكاملة. ولكن ما هو هذا الفشل اللبناني الكبير، المُترجَم برفع أميركي للعقوبات عن سوريا، وبلقاء ترامب - الشرع، قبل أي خطوة أميركية تجاه لبنان أو العكس؟
فبدلاً من السعي الى رفعها، يتغنّى المسؤولون اللبنانيون بعقوبات "مُقنَّعَة" فُرِضَت على لبنان قبل سنوات، ومن بينها عجز الدولة اللبنانية عن استعادة الثقة الدولية بها، وعن استقطاب الاستثمارات، وعن القيام بإعادة إعمار أو بأي شيء... من دون اتفاق مع "صندوق النقد الدولي"، كجواز سفر الى بلاد النهوض.
فهذه عقوبة دولية في الأساس، بحق البلدان ذات السلطات الفاشِلَة، وليست حرصاً دولياً على مصلحة البلد الفاشل وشعبه. ورغم كل شيء، هناك من نسمعهم يهلّلون لتلك العقوبة، بدلاً من العمل ليلاً نهاراً مع الإدارة الأميركية وسواها، لرفعها عن لبنان، وللسماح بمسار مختلف من النهوض.
عقوبات...
رفع العقوبات الأميركية عن سوريا قد يسهّل حصولها على قروض من "صندوق النقد الدولي". ولكن السلطة اللبنانية ليست كالسورية، أي انها لا تتمتّع بالتاريخ الجدلي نفسه، ومن واجبها (السلطة اللبنانية) إعادة الثقة الدولية والاستثمارية الى لبنان من دون شروط مرتبطة بصناديق مالية دولية. وحتى إن لبنان ليس كمصر، ولا كغيره من الدول العربية ذات الكثافة السكانية والحاجات الاقتصادية الكبيرة، ليُضحَك على شعبه بأنه بحاجة الى برامج مع "صندوق النقد الدولي".
فهذه عقوبة اقتصادية بدأت قبل سنوات، و"انفجرت" في خريف عام 2019 لأسباب سياسية وأمنية، بينما تم التعامُل معها رسمياً في لبنان بسرقة أموال الناس في المصارف، بموازاة نظر كل طرف سياسي محلّي الى "زميله" الآخر وكأن لا علاقة لهم بما يجري، وتماماً كما لو أنهم يسمعون ما لا يفهمونه، خلال حفلة صاخبة بالموسيقى.
"صندوق النّقد"
العقوبات الأميركية رُفِعَت عن سوريا، وهذا هو الأساس، بـ "صندوق نقد دولي" يوقّع على برامج مع دمشق مستقبلاً، أو من دونه. وهذا عارٌ على جبين الدولة اللبنانية.
فسوريا كالعادة تسبقنا بكل شيء، في أزمنة السّلم والحرب على حدّ سواء. وأما بالنسبة الى الداخل اللبناني الذي بدأ يتشاغل بضرورة عودة النازحين السوريين الى بلادهم (وهذا حقّ وواجب)، فمن الضرورة في مكان ما أيضاً، لفت انتباه الجميع الى أن عودتهم لن تجعلنا في المدينة الفاضِلَة، طالما أن مسؤولينا الأعزاء سيجدون أعذاراً كثيرة لعدم الاستفادة من تلك الخطوة، حتى ولو تمّت، وطالما أنهم لا يميّزون بين العقوبات والإصلاحات واستعادة الثقة بلبنان، وليسوا قادرين على استيعاب أن لا شيء اسمه لبنان إذا لم تُرفَع العقوبات ومفاعيلها عن القطاع الصحي والتربوي وعن مختلف أنواع القطاعات والخدمات... مع عدم الاسترسال بالضحك على الناس بالقول إن لا عقوبات خارجية على البلد، بل ان الداخل اللبناني يعاقب نفسه بنفسه فقط.
انهيارات جديدة
هكذا، وبفصل جديد يرتبط بالعقوبات الأميركية هذه المرة، تسبق سوريا لبنان اليوم أيضاً. فترامب أوقف شلل الاقتصاد السوري مقابل إفساح المجال لفرصة ازدهار، ولصفقات أميركية - سورية بعيدة المدى. وهذا كلّه فيما يمضي الداخل اللبناني من تراجع الى آخر، وسط إصرار على رفض أي مهلة زمنية لشيء، حتى لحصر السلاح بيد الجيش اللبناني، وهو ما سيسرّع رفع العقوبات عن لبنان.
فمبروك لسوريا ولشعبها. ولن نتعجب إذا رأينا "برج ترامب" يزيّن دمشق بعد زمن معيّن، ولا إذا شاهدنا ترامب نفسه يجلس في ضيافة أحمد الشرع بقلب سوريا، بعد أشهر قليلة ربما. فالدول تُقاس بما فيها من مسؤولين حقيقيين، لا بأولئك الذين لا عمل لديهم سوى الإكثار من الكلام، الى أن تبدأ فصول انهيارات "أبدية" جديدة.
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|