الساحر العربي

ليس تفصيلاً أبداً ما يقوم به وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض وما نتج عنها يستحقّ إطلاق صفة "الساحر" على الأمير الشاب الذي أحدث تغييراً في داخل المملكة وفي دورها الخارجي لم يكن ليتصوّره أحدٌ.

في زمن الصراعات والحروب والأزمات، تطمئنّ الشعوب إلى المراسي الهادئة، والى من يأخذها إلى السلام والسكينة والاستقرار، بدل الحكّام المجانين الذين يقودون شعوبهم إلى الموت الجماعي.
يقود الأمير محمد بن سلمان شعبه إلى مكانةٍ أخرى. هو الوجهة الأولى لترامب في زيارةٍ رسميّة. ثمّ يظهر حجم التأثير السعودي على رئيس أعظم دولةٍ في العالم، خصوصاً في الملف السوري عبر خطوتين بارزتين: لقاء ترامب مع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، ورفع العقوبات عن سوريا. خطوتان ناتجتان عن طلبٍ سعودي ستجعلان المملكة الدولة الأكثر تأثيراً على النظام السوري الجديد.
ولا يمكننا أن نغفل عن إشارة ترامب إلى لبنان بإيجابيّة، مؤكّداً أنّه أصبح في مرحلةٍ جديدة خرج فيه من تحت سيطرة إيران وحزب الله.
ونضيف إلى المسألتين اللبنانيّة والسوريّة ما سينتج عن الزيارة على صعيد العلاقات السعوديّة الأميركيّة، ما سيجعل المملكة شريكاً تجاريّاً أساسيّاً للولايات المتحدة.
هذه كلّها، وأكثر بعد، صنعها الأمير محمد، بأسلوب حكم رشيقٍ، من دون تهوّر، وبرغبة بالسلام من دون تنازلات، ودبلوماسيّة لم تشهد السعوديّة، التي أنجبت كباراً في هذا المجال، مثيلاً لها.
وها هي السعوديّة تتقدّم خليجيّاً، وقد حسّنت علاقتها مع قطر وهما ينسّقان في الملف السوري، وحمت نفسها من الخطرين الإيراني واليمني، وقد باتت علاقتها بطهران من الأفضل منذ الثورة الإسلاميّة، إلى جانب نموذج الانفتاح الذي تقدّمه في الداخل والخارج، ونموذج السلام القادم حتماً الذي تقدّمه للمتردّدين، الذين سيقلّ عددهم بعد الخطوة السعوديّة.

هو الساحر إذاً. حاكمٌ شابّ فتح آفاقاً لبلده. أراح مواطنيه. جذب استثمارات إلى المملكة. وها هو يقنع ترامب العنيد بأكثر من قرار.
تستحقّ دولٌ عربيّة عدّة أن يكون لها "ساحرها" أيضاً. حبّذا لو لدينا أكثر من محمد سلمان في هذا العالم العربي، علّ الشعوب تفتخر بعد طول خيبات.

داني حداد
خاص موقع Mtv