الصحافة

الشرع في باريس بحثاً عن دعم الانتقال السياسي ورفع العقوبات... وماكرون ينتظر ضمانات

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يلبي الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع دعوة ولو متأخراً، كان وجّهها إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في شباط الماضي للمشاركة في مؤتمر إعادة اعمار سوريا الذي عقد في العاصمة الفرنسية، واعتذر حينها الشرع عن المجيء الى باريس.

تأتي زيارة أحمد الشرع، في لحظة دقيقة وحرجة، سعياً إلى تعزيز شرعيته الدولية على الرغم من العقوبات الدولية المفروضة عليه منذ أن كان رئيساً لهيئة تحرير الشام، فيما يعتمد الرئيس ماكرون نهجاً براغماتياً في التعامل مع الأزمة السورية. فاستقبال الشرع، رغم الاعتراضات الداخلية من اليمين المتشدّد، يشير إلى رغبة فرنسية في أن تكون فرنسا لاعباً محورياً في المرحلة الانتقالية السورية، على خط مواز للدور الأميركي في هذا البلد واحتدام المنافسة بين تركيا وروسيا وإيران على النفوذ في دمشق.

تسعى فرنسا عبر دعوة الشرع لزيارتها الى تحقيق جملة مكاسب منها: إعادة التموضع كقوة مؤثرة في إعادة ترتيب وضع البيت السوري وإرساء نظام تعدّدي ديموقراطي يحفظ حقوق الأقليات ويندمج في المشهد الجيوسياسي المستجد في المنطقة منذ طوفان الأقصى وما تلته من تغييرات بفعل الحرب الإسرائيلية ضد حلفاء إيران ممثلين بـ "حزب الله" و"حركة حماس" و"الحوثيين". كما أن الرئيس ماكرون الذي يبحث عن مداخيل مالية ضخمة للخزينة الفرنسية لسدّ العجز في الموازنة البالغ 70 مليار يورو يسعى لأن يكون لبلاده دور أساسي في ملف إعادة الاعمار، ضمان الاستقرار في سوريا وفي لبنان الذي يتأثر مباشرة بالوضع السوري، واقفال سبل نقل التوتر الى لبنان واغلاق كل طرق تجارة المخدرات ونقل السلاح، ومعالجة مشكلة تدفق المهاجرين نحو أوروبا خصوصاً الهجرة غير الشرعية والتي أصبحت عبئاً لا تستطيع دول أوروبا تحمله في ظل انشغالها بالحرب في أوكرانيا وتخصيص موازنات مالية ضخمة لهذه الحرب، إضافة الى احتواء التنظيمات المتطرفة قبل ان تعبر المتوسط وتشكل خطراً أمنياً على دول أوروبا.

الحوار مطلوب

كل هذه المعطيات تفسر كلام وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الذي أعلن في حديث اذاعي صباح يوم الثلثاء "أن عدم الانخراط في حوار مع هذه السلطات الانتقالية - في سوريا- سيكون غير مسؤول تجاه الفرنسيين، وسيكون خصوصاً بمثابة فرش السجادة الحمراء لتنظيم الدولة الاسلامية".

وأوضح أن "مكافحة الإرهاب وضبط تدفق المهاجرين وتهريب المخدرات" علاوة على "مستقبل لبنان"، "كل هذا مرتبط بشكل كبير بالوضع في سوريا" كما قال وزير الخارجية الفرنسي.

وفي هذا السياق تنظر فرنسا إلى ورشة إعادة إعمار سوريا ليس فقط كفرصة اقتصادية او إنسانية، بل كبوابة استراتيجية لإعادة تعزيز نفوذها التاريخي في الشرق الأوسط. وبالفعل، فإن استضافة مؤتمر إعادة الإعمار في باريس يندرج ضمن هذه الرؤية. ولكن تشكل قدرة الشرع على تقديم ضمانات أمنية واقتصادية للسلطات الفرنسية والاوروبي، في ظل هشاشة الوضع الداخلي السوري، الامتحان الأول لمهمته.

معضلة العقوبات

سيرافق الشرع وفد وزاري يجري من جانبه لقاءات خاصة بوزارة كل وزير، ولكن الرهان الأساسي يبقى في رفع العقوبات الدولية عن سوريا وتحديداً العقوبات المدرجة تحت ما يعرف بقانون قيصر المفروض منذ العام 2020.

وهذا القانون لا يسمح فقط للولايات المتحدة بفرض عقوبات على الشركات والأشخاص السوريين ولكن أيضاً على الدول أو الجهات المعنوية والأفراد التي تتعامل مع النظام السوري. ويعرف هذا البند في قانون قيصر بالعقوبات الثانوية التي تطال كل من يتعامل بشكل مباشر أو غير مباشر مع النظام السوري.

وقد أثير هذا القانون في سياق مناقشات سياسية أميركية تتعلق بالسياسة السورية في جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأميركي، اقترح رئيس لجنة العلاقات الخارجية، رفعاً تدريجياً للعقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر، وذلك في إطار تطوير الإدارة الأميركية سياسة جديدة تجاه سوريا.

زيارة الشرع تجري على خلفية تصعيد خطير بين إسرائيل والمجموعات المسلحة في سوريا، والتي طالت محيط القصر الرئاسي في دمشق. كما أن النزاعات الطائفية الدامية، خصوصاً مع العلويين والدروز، تُلقي بظلالها على قدرة النظام الجديد أو ارادته في فرض الاستقرار وليس الترويج له فقط.

فرنسا تنظر إلى ورشة إعادة إعمار سوريا ليس فقط كفرصة استثمارية، بل كبوابة استراتيجية لإعادة تعزيز نفوذها التاريخي في الشرق الأوسط، وما استضافة مؤتمر إعادة الإعمار في باريس إلا خطوة من ضمن هذه الرؤية. ولكن تظل قدرة الشرع على تقديم ضمانات أمنية واقتصادية للشركات الأوروبية موضع تساؤل، في ظل هشاشة الوضع الداخلي السوري.

زيارة أحمد الشرع إلى باريس تعكس مرحلة جديدة من البراغماتية السياسية في العلاقات الدولية، حيث يتم تقديم المصالح الاستراتيجية – كأمن أوروبا، واستقرار المتوسط، ومكافحة الإرهاب – على الاعتبارات التقليدية او الناجمة عن التطورات ألاخيرة. ومع ذلك، فإن نجاح هذا الانفتاح الفرنسي يظل مشروطاً بما سيقدمه الشرع من إصلاحات حقيقية، وقدرته على كبح جماح الفصائل المتطرفة، وبناء دولة قادرة، لا مجرد سلطة جديدة بوجه مختلف.

زيارة جدلية

الزيارة أحدثت جدلا في الوسط السياسي الفرنسي تجلّى بانتقادات زعيمة اليمين المتشدد مارين لوبن لاستقبال الشرع. وبحسب قولها، فإن هذا القرار أثار "الذهول والدهشة" في معسكرها، حيث وصفت الشرع بـ "جهادي مرّ عبر تنظيم داعش والقاعدة". كما اتهمت إيمانويل ماكرون بـ "اللا مسؤولية" على دعوته له، معتبرة أن هذا يضرّ بصورة فرنسا ويشوّه التزامها، خاصة أمام حلفائها، في مكافحة الإسلاموية.

اندريه مهاوج -نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا