هل الدروز في خطر وجودي في سوريا؟
ما تزال صحنايا، جرمانا... وكل محافظة السويداء فوق صفيح ساخن جداً. والجمر سيبقى طويلاً تحت الرماد. وقد يعيد إشعال المنطقة في أي وقت! فدروز سوريا يرفضون ما يعتبرونه فوقية النظام الجديد للرئيس أحمد الشرع!
ومع ذلك، فالقصة أبعد من الدروز! والسؤال الهام هو: هل بدأ تفكيك سوريا بين سنة ودروز وعلويين... وأكراد؟! هل يجري بناء دولة سورية سنية مركزية مع روافد في الأطراف من المذاهب الأخرى؟
من المؤكد اليوم أنه لن يكون هناك مواجهات اسرائيلية - تركية مباشرة فوق الأراضي السورية! خاصةً بعد نجاح اجتماع أذربيجان الأخير بين مسؤولين من كلا الطرفين منذ حوالى ثلاثة أسابيع!
وقد كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في اجتماعه الأخير مع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو قد وضع أطر «المواجهة المنظمة» بين اسرائيل وتركيا تحت المظلة الاميركية.
ومع ذلك، فقد يكون هذا الصراع السوري - السوري اليوم هو في إطار مواجهة اسرائيلية - تركية غير مباشرة، في إطار تحديد سقوف النفوذ على الأراضي السورية!
في هذه الأثناء، ما يزال الجيش الاسرائيلي على أبواب دمشق منذ عدة اشهر، على بعد حوالى 16 كم من العاصمة السورية! و «التطبيع» مع هذا الجيش الإسرائيلي حصل منذ لحظة دخوله الأولى الى سوريا، بالتوازن مع تدمير البنية التحتية الكاملة للجيش السوري...بعد سقوط نظام الأسد وهروب الرئيس السابق بشار الأسد الى روسيا!
يتساءل الجميع اليوم؛ ما الذي يريده دروز سوريا؟ ما الذي يريده الرئيس أحمد الشرع؟ وما الذي يريده الجانب الاسرائيلي في أحداث سوريا؟ وما الذي تريده تركيا؟!
هل تواجه سوريا خطر التقسيم أم خطر «فيدرالية المذاهب»؟! أم أنها تواجه إرادة اسرائيلية في إنشاء وضع تقسيمي جنوب سوريا بدولة درزية فاصلة بين سوريا واسرائيل؟
وهل تهديدات وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس للرئيس السوري أحمد الشرع وقصف اسرائيل لمحيط القصر الجمهوري تذهب في هذا الاتجاه؟
في هذا الزمان تتفوق الأسئلة على الأجوبة في ظل ضبابية من الأجواء الأمنية والعسكرية التي أدت الى الأحداث الأخيرة في صحنايا وأشرفية جرمانا... وبلغت مرحلة قتل رئيس بلدية صحنايا حسام ورور مع نجله، الذي كان رحب بدخول القوى الأمنية الى المدينة!
وإذ عاد الهدوء الى المدن الدرزية وعادت الحياة شبه طبيعية، هل يمكن لاتفاق ريف دمشق أن يصمد طويلاً؟ وهل ينجح الانتشار الأمني للنظام في ضبط الأمن ضد من اتهمهم بالخارجين عن القانون؟ وهل تنجح اللجنة المشتركة في متابعة ذيول هذه الأحداث ومنع تكرارها؟
وبخاصةً أن مدينة الصٓورة الكبيرة بريف السويداء كانت شهدت انتكاسة أمنية وتوترات وهجمات واحتراق محال ومنازل عديدة، قبل أن يعود الأمن إليها، بإرسال الأمن العام للانتشار فيها ولحماية طريق السويداء - دمشق، لتشهد بعدها بدء تطبيق الاتفاق الذي تمّ توقيعه بين مشيخة العقل الدرزية والحكومة السورية، في حضور وبمشاركة محافظ السويداء ومشايخ المنطقة.
في المشهد السوري الداخلي، لا يبدو أن ما يحصل هو مجرد نزاع طائفي أو نزاع مع طائفة. بل يبدو وكأن الدولة المركزية تواجه تحديات جدية في إقناع مكوناتها، وبخاصة الأقليات منهم، في البقاء ضمن وحدة أراضيها، في ظل شعور عدد كبير من هذه المكونات بنوع من الذمية السياسية... والمذهبية! علماً أنه في زمن نظام الأسد كان التفوق «العلوي» على المذاهب الأخرى كبيراً جداً، سياسياً، إدارياً، أمنياً وعسكرياً.
بين دروز لبنان المؤسسين للوطن، وبين دروز اسرائيل الذين يتمتعون باستقرار وقوة اقتصادية كبيرة، يبدو دروز سوريا في حال من الخطر في منطقة السويداء.
ومع ذلك، تختلف الأصوات الدرزية في لبنان بين من يعتبر أن أمن الدروز في سوريا أولوية، ولو بحماية اسرائيلية، وبين من يعتبر أنه يجب على الدروز في سوريا أن يتعاونوا مع نظام الشرع للبقاء في إطار الدولة السورية المركزية! وكأن المواجهة اليوم هي بين سلطان الأطرش وبين شيخ عقل الطائفة الدرزية في اسرائيل موفق طريف!
ولكن كل الدروز يتفقون أن دروز سوريا يحتاجون الى مساحة أكثر استقلالاً في الحكم الذاتي، من دون الخوض في الشكل السياسي الأخير بين لامركزية سياسية، مذهبية، أو فيدرالية أو غيرها!
وفي إطار تحذير عدد من زعماء الدروز من الدور الاسرائيلي، من المهم تحديد كيف تنظر اسرائيل الى دروز سوريا! هل تعتبرهم ورقة سياسية كالورقة الكردية؟ أم أنها تذهب أبعد من ذلك بحكم علاقة الدم مع دروز اسرائيل، مع دور دروز اسرائيل الهام في داخل الجيش الإسرائيلي؟
وهل ما تقوم به اسرائيل في إرادة الدفاع عنهم هو استراتيجي أم أنه تكتيكي؟ وهل ردة فعل اسرائيل تجاه دروز سوريا كانت كافية بالنسبة للدروز أم مخيبة لآمالهم؟! وبالتالي هل تتخلى اسرائيل عنهم في أي لحظة، أو ضمن أي خطة مغايرة؟!
من المؤكد أن اسرائيل تسعى الى إقامة حزام أمني داخل الأراضي السورية، مع منطقة عازلة منزوعة السلاح. وهي لن تنسحب من الأراضي السورية عما قريب! كما أن مسألة الدروز ومسائل العلويين والأكراد ما تزال في بداياتها، مع ومن دون تدخل جيران سوريا «الاقوياء» في شؤونها الداخلية.
و«إذا أردنا أن نعرف ماذا يجري في سوريا، يجب علينا أولاً أن نعرف ماذا يجري في أذربيجان!»
سمير سكاف -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|