لبنان في "انتظارات" الانتقال بين سنتين...
تختصر الأيام الأخيرة من السنة اللبنانية بانتظار ثلاث محطات وشيكة، يُرجح أن تشكل بمعطياتها ونتائجها مؤشراً كافياً للاضاءة على طبيعة إطلالة لبنان على السنة 2026. المحطة الأولى التي يبدو لبنان معنياً بها بقوة بدأت البارحة مع لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فلوريدا، بحيث يفترض أن لبنان كان من ضمن النقاط الأساسية التي تناولتها محادثاتهما، والتي ستترتب عليها طبيعة الخطة الإسرائيلية للتعامل مع لبنان في السنة الطالعة من ضمن رؤية أمنية وسياسية واقتصادية شاملة لمناطق الحروب التي خاضتها وتخوضها إسرائيل في المنطقة. المحطة الثانية يُرجح أن يكون موعدها في الخامس من كانون الثاني المقبل، بحيث يطّلع مجلس الوزراء على التقرير الرابع لقيادة الجيش حول مآل ونتائج تطبيق المرحلة الأولى من حصر السلاح في جنوب الليطاني، وهو تقرير يكتسب أهمية حاسمة في ظل احتمال أن يثبت إنجاز تنظيف المنطقة برمتها من السلاح غير الشرعي ولا سيما منه سلاح "حزب الله". ربطاً بالمحطة الثانية، ستكتسب أيضاً المحطة الثالثة المتمثلة باجتماع لجنة "الميكانيزم" في السابع من كانون الثاني المقبل دلالات مهمة، لجهة الموقف الذي قد يصدر عنها في حال إنجاز حصرية السلاح في جنوب الليطاني.وهذه الأبعاد للمحطات الثلاث كانت ماثلة في لقاءات ومواقف رئيس الجمهورية جوزف عون أمس، حيث التقى رئيس الوفد اللبناني المفاوض في لجنة "الميكانيزم" السفير السابق سيمون كرم، وتم البحث في التحضيرات الجارية لاجتماع اللجنة المقرّر عقده في 7 كانون الثاني .
كما برزت في المواقف الدفاعية التي أطلقها رئيس الجمهورية عن المؤسسات العسكرية والأمنية التي اعتبر أنها "تشكل خط الدفاع الأول عن لبنان، ومن الواجب المحافظة عليها وعلى التنسيق القائم في ما بينها لتثبيت الأمن والاستقرار فيه". وخلال استقباله وفود المؤسسات الأمنية والعسكرية لمناسبة تهنئته بالسنة الجديدة، أكد الرئيس عون "أن التاريخ أثبت أن الجيش اللبناني أنقذ لبنان مرات عدة، وسيثبت المستقبل أن الجيش هو المنقذ الوحيد للبنان لأنه المؤسسة الوحيدة التي تعمل لمصلحته بعيداً عن الاعتبارات السياسية والحزبية والطائفية".
وخاطب العسكريين قائلاً: "أنتم العمود الفقري للبنان ولا أحد يستطيع إلغاء إنجازاتكم، على رغم محاولات البعض انتقاد الجيش والمؤسسة العسكرية والتنظير عليها. فالمؤسسة تقوم بدورها وواجباتها بشكل ممتاز وعلى كل مساحة الوطن وبكل أمانة وإخلاص وبالتنسيق مع كل الأجهزة الأمنية". وإذ شدد على أهمية أن تبقى الوحدة الوطنية ومصلحة لبنان فوق كل اعتبار، تمنى "أن يشهد العام المقبل ترسيخ الاستقرار ودولة القانون والمؤسسات وأن يندمل جرح الجنوب النازف وتحرير الأسرى وكامل الأراضي اللبنانية".
وبدا لافتاً أن الرئيس عون سارع أمس إلى توقّيع مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي واسترداد الودائع وأحاله على مجلس النواب. وأعلن رئيس الحكومة نواف سلام أن المشروع "سيسلك طريقه اليوم إلى مجلس النواب وسننشر نسخة منه على الموقع الرسمي ليتسنى للمواطنين جميعاً الاطلاع عليه". وجدّد توضيح المشروع، فاعتبر أنه "سيدفع أموال المودعين من دون نقصان ويفرض غرامات على من حوّل الأموال إلى الخارج وعلى من استفاد من الهندسات المالية".
وقال: "هذا القانون ليس مثاليًا لكنه الأفضل ولا نبيع اللبنانيين أوهامًا ولا نخفي حقائق". وأكد "أننا منفتحون على أي اقتراحات تحسّن المشروع".
وفي التحركات الديبلوماسية المتصلة بالوضع في لبنان، برز ارتفاع وتيرة الانخراط المصري على خطي الديبلوماسية والتعاون النفطي. وقد شاء السفير المصري في لبنان علاء موسى أن يوضح طبيعة تحرّك بلاده، فعقد مؤتمراً صحافياً أكد فيه "اهتمام مصر الدائم بالوضع اللبناني، إزاء ما يتعرض له لبنان من تهديدات في الجنوب والعديد من مناطقه". وأكد أن "توجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لكل المسؤولين المصريين، العمل على خفض التوتر. وفي السياق، أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في الآونة الأخيرة اتصالات عديدة مع مختلف الأطراف الرئيسية المعنية بهذا الملف سواء في الإقليم أو خارجه، وستواصل مصر جهودها في الفترة المقبلة، بالتنسيق مع الشركاء للتوصل إلى التهدئة"، متمنياً أن "تنخفض حدة التوتر في الفترة المقبلة، علماً أن هناك اقتناعاً بأن عدم بذل مزيد من جهود التهدئة قد يحمل عواقب وخيمة إلى لبنان، من هنا، يجب العمل ونستمر في العمل للتوصل إلى التهدئة وخفض حدة التوتر". وأشار إلى أن "هناك اتفاقاً رئيسياً هو اتفاق 27 تشرين الثاني 2024 لوقف الأعمال العدائية، ولا بد من تطبيقه من مختلف الأطراف. كما أن هناك القرار 1701 لا بد من تطبيقه أيضاً، وبالتالي هذا هو مرجعنا في تواصلنا مع مختلف الأطراف، على أمل أن تحمل الفترة المقبلة تحسناً على هذا المستوى".
وأوضح أن "كلامه لا يحمل في طياته أي إنذار او تحذير، جلّ ما في الأمر أن هناك اتفاقات تم توقيعها ومرجعيات يستند إليها الجميع، وهذه المرجعيات والاتفاقات يجب تطبيقها من الأطراف كافة".
أضاف: "نحن نرى أن الدولة اللبنانية قامت بدور مهم، وكذلك الجيش اللبناني في الجنوب، مع العلم أن هناك إجراءات يجب القيام بها مستقبلاً، لكن تقديرنا أن المخرج والحل الوحيد لما نحن فيه الآن هو تطبيق هذه الاتفاقات والعودة إلى المراجع، وهذا ما نسعى إليه وما ننسقه مع الشركاء الأصليين في هذه العملية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية".
وهنّأ الحكومة في إقرار مشروع قانون الانتظام المالي، معتبراً أنها "خطوة مهمة يجب أن يعقبها مزيد من الخطوات الايجابية".
تزامن ذلك مع رعاية رئيس مجلس الوزراء نواف سلام بعد ظهر أمس، توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولبنان لتلبية احتياجات لبنان من الغاز الطبيعي المخصّص لتوليد الطاقة الكهربائية. ووقع عن الجانب اللبناني وزير الطاقة جو صدي، وعن الجانب المصري وزير البترول والثروة المعدنية المهندس كريم بدوي. وجال الوزير المصري أيضاً على رئيسي الجمهورية ومجلس النواب نبيه بري، حيث أعرب رئيس الجمهورية عن "امتنان لبنان رئيساً وشعباً للدعم الذي تقدمه جمهورية مصر العربية للشعب اللبناني بتوجيه من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي"، معتبراً ان توقيع لبنان ومصر لمذكرة التفاهم لتلبية حاجات لبنان من الغاز الطبيعي المخصّص لتوليد الطاقة الكهربائية من الجانب المصري، "خطوة عملية وأساسية سوف تؤمّن للبنان القدرة على زيادة انتاج الطاقة الكهربائية للمواطنين اللبنانيين والمقيمين فيه وتخفف من التقنين المتبع".
أما في المشهد السياسي، فشنّ رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع هجوماً حاداً جديداً على "حزب الله"، وأوضح "أن لا عقدة تجاه "حزب الله"، ولا دوافع سياسية أو انتخابية ضيّقة للحديث عنه، إلا أن السبب الوحيد لتكرار التصويب عليه في التصريحات هو الضرر الكبير الذي ألحقه بلبنان، فوجوده خرّب البلاد، والقوات اللبنانية ستستمر في مواجهة "حزب الله" سياسيًا وقول الحقيقة من دون خوف أو مساومة، لأنّه طالما هناك سلاح خارج الدولة لا دولة فعلية في لبنان".
واعتبر جعجع أنّ "حزب الله" هو أكبر مصيبة في تاريخ لبنان الحديث، لأنه عطّل الحياة السياسية، ومنع قيام الدولة، وأدّى إلى الانهيار الاقتصادي والمالي والثقافي". وشدّد على "أنّ استمرار دعم إيران لـ"حزب الله" ليس مجانًا، بل لخدمة أهداف إقليمية، وللاستخدام كورقة تفاوض دولية، على حساب استقرار لبنان وأمنه".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|