"الفجوة"... سياسيّة وليست مالية!!!
كتب عوني الكعكي:
ست سنوات وهم يتحدّثون عن «الفجوة»... ويبقى السؤال الكبير: ما هي «الفجوة» التي يتحدثون عنها؟ باختصار، الدولة اللبنانية الكريمة بدأت منذ عام 1974 تواجه عجزاً في الموازنة، أي منذ كان الرئيس كميل شمعون وزيراً للمالية حين بدأ مشوار الإستدانة، ليتبيّـن أنه خلال أكثر من خمسين عاماً والدولة تستدين من المصرف المركزي عبر إرسال كتاب من وزير المالية، بتكليف من مجلس الوزراء باستدانة - على سبيل المثال لا الحصر - 100 مليون دولار أميركي. وهكذا كانت الحالة حتى وصل الدين الى 85 مليار دولار.. وهي قيمة أموال البنوك المودعة في البنك المركزي، وبدل أن تلجأ الدولة للإعتراف بالدين، والعمل على إيجاد الطرق الى تسديده، رفعت شعار ما سمّته «خسائر».
بالله عليكم، بأي لغة، وبأي قاموس يمكن أن يكون كلمة ديون مثيلة بالمرادف «خسائر»؟
على كل حال، لا بدّ من العودة الى السؤال: لماذا كانت الدولة تستدين؟
بكل صراحة، بسبب عدم وجود أي موازنة مدروسة بشكل صحيح. والأنكى ولنقلها بصراحة العلّة بالتوظيف السياسي... وكي نثبت هذه النظرية، لا بدّ من العودة الى إعطاء أمثلة على ذلك..
نبدأ أولاً بشركة الـ«M.E.A» طيران الشرق الأوسط، تلك الشركة الناجحة، حيث اشترت أيام «الخير» عدة طائرات ووصل أسطولها الى أكثر من 20 طائرة. فقد بدأت حالها تتدهور بسبب بدء الحرب، حيث بدأ السياسيون يتدخلون... فلجأوا الى التوظيف العشوائي، إذ وصل عدد الموظفين الى سبعة آلاف موظف.
وعندما تسلم المدير العام محمد الحوت الشركة، وكانت مفلسة... كان أوّل ما قام به، الاتفاق على الاستغناء عن 4000 موظف، ليصبح عدد الموظفين 3000 فقط، وبهذه الخطوة بالإضافة الى كثير من التخطيط، وإعادة النظر بكامل واقع الشركة، استطاع خلال فترة قصيرة الوصول الى التعافي، ثم وصل الى النجاح... وفي سنوات عدّة أصبحت الشركة تملك 30 طائرة جميعها جديدة من الشركة الأم.. وأصبحت الشركة بدل أن تخسر 100 مليون دولار تربح 100 مليون.
الأمثولة الثانية هي: إدارة «الريجي» التي تسلمها المهندس ناصيف سقلاوي. في البداية كان عدد الموظفين في الشركة 3000 موظف، وبعد دراسة جديدة وعميقة رأى أنه يمكن الاستغناء عن 2000 منهم، وحتى لا يبقى العمال المصروفون بدون عمل أوجد لهم خمس شركات هي:
- شركة Catering للأكل
- شركة لنقل الموظفين
- شركة لتصليح الآلات
- شركة للتنظيف
- شركة لنقل الدخان
وخلال سنوات قليلة أصبحت شركة «الريجي» من أهم الشركات التي تعطي الخزينة سنوياً 600 مليون دولار.. ولولا التهريب لكان الرقم وصل الى المليار.
إنطلاقاً مما ذكرنا.. لا بدّ من التوقف عندما اختارت حكومة الرئيس حسان دياب التوقف عن دفع سندات الخزينة، أو ما يسمّى بـ«اليورو بوند». فلو دفعت الدولة ملياراً ونصف المليار ثمن «اليورو بوند»، لكان بإمكان الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة أن يعيد برمجة الديون مع الاحتفاظ بسعر الصرف... أما الغاية وقتها، فكانت القضاء على «البنوك» التي كانت ملاءتها تصل الى 200 مليار دولار، وإنشاء خمسة بنوك برأسمال 5 مليارات، أي أنّ المخطط الذي -وكما علمنا- كان بأنّ إحدى الدول الأوروبية كانت تريد السيطرة على القطاع المصرفي، والذهاب الى إنشاء نظام جديد يسيطرون به على البلد، بمساعدة الطبقة الحاكمة في ذلك الوقت.
بالرغم من كل الضغوط استطاع الحاكم رياض سلامة أن يمنع السيطرة على القطاع المصرفي.
والمصيبة الثانية أنّ حكومة دياب بدل أن تذهب للتعويض على المودعين، كما تفيد المعلومات بأنّ 85% من المودعين يكلفون 20 مليار دولار، أي أنه كان يمكن أن تحل مشكلتهم بدل أن تذهب الأموال لدعم بشار الأسد الذي كان يعاني من نقص وتدنٍّ في عملته، ويعاني أيضاً من «قانون قيصر» الذي أصدرته أميركا، وأصبح النظام السوري يعاني من نقص في الدولارات وفي البنزين والغاز والمواد الغذائية الأساسية.
باختصار، قضيّة ما يسمّى «الفجوة» تكمن في أنّ الحقيقة هي مؤامرة على الوطن لإنقاذ النظام السوري البائد، ومحاولة السيطرة على القطاع المصرفي. والحمد للّه كان الفشل حليف المخططين.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|