معركة الذهب: المخزون على طاولة القمار السياسي
باختصار، الصراع القائم حول الفجوة المالية هو فعليًا مرآة للمعركة المحتدمة على مخزون الذهب.
ففي مجلس الوزراء، وخلال البحث في مشروع قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع وتحديدًا المادة 12 المتعلقة بالشهادات المالية المدعومة بأصول مصرف لبنان والتي تمثل رصيد الودائع المتوسطة والكبيرة والكبيرة جدًا، أخذ موضوع الذهب كضمانة حيزًا كبيرًا من النقاشات وكانت وتيرتها مرتفعة في بعض الأحيان.
في الاجتماعات المالية المغلقة لكبار المصرفيين والسياسيين، لا يغيب مصير الذهب عن مساعي البحث عن حلول.
وفي مجلس النواب الذي سيبحث مطلع العام المقبل مشروع الفجوة المالية، ستشكل كرة نار الذهب وقيمته مادة أساسية للنواب وتجاذبًا بين الكتل. بما معناه، أن ذهب لبنان مطروح بقوة وإن حاول كثيرون نفي ذلك والتلطي وراء شعار "ممنوع المس بالذهب".
ولكن، إذا نظرنا إلى المادة 12 تحت عنوان الشهادات المعززة من النسخة النهائية لمشروع قانون الفجوة المالية، نجد أن الحكومة حاولت تلطيف موضوع استخدام الذهب، فأوردت أن الشهادات المالية التي ستصدر ستكون معززة بإيرادات الأصول التي يملكها مصرف لبنان ومداخيلها وبعائدات تصفية هذه الأصول في حال حصولها بما لا يخالف أحكام القانون 42/86 تاريخ 24-9-1986 المتعلق بحماية احتياطي الذهب لدى مصرف لبنان.
عمليا، نفض مجلس الوزراء يده من مخزون الذهب، وأحال كرة النار اإلى مجلس النواب، بما معناه تقول الحكومة مواربة إنه إذا قرر النواب استخدام الذهب أو قسم منه أو استثماره أو رهنه، فهي لا تمانع، علمًا أن رئيس الحكومة يعلم جيدًا أن ضمانة السندات المالية من دون الذهب هو كبيع السمك في البحر، كما أن قيمة احتياطي الذهب ارتفعت منذ نهاية عام 2019 وحتى منتصف الشهر الحالي 26 مليار دولار.
الذهب وتأجيره أو تسييل جزء منه...بالأرقام
ويعتبر الأمين العام للهيئات الاقتصادية نقولا شماس أن الذهب سيتصدر المشهد،لأن المبلغ الذي يجب أن يسدد على خط الودائع هو مبلغ ضخم يوازي 83 مليار دولار وقد ينخفض بعد إزالة الشوائب إلى 55 مليارًا. وبما أن الحصة النقدية هي بحدود 18 مليار دولار فإن الفرق بين الـ 55 والـ 18 مليار دولار يجب تغطيته ودعمه عبر أصول المصرف المركزي. ويعتبر شماس أيضًا أن الحصة النقدية غير مضمونة، فكم بالحري الحصة التي هي فوق المئة ألف دولار؟
ويرى شماس أن الأصول الأخرى لمصرف لبنان غير الذهب هي محدودة جدًا كبنك إنترا وشركة الميدل إيست وبعض العقارات واليوروبوندز بقيمة 5 مليارات، وهي لا تساوي فعليًا سوى 1,25 مليار دولار بموجب الأسعار الحالية. ويعتبر شماس أن الكلام عن الذهب أصبح حاليًا من "حواضر البيت" ومن الطبيعي البحث بالمخزون الذهبي بعدما ارتفعت قيمته أكثر من ضعفين، وإذا جرى تأجير الذهب يمكن أن تكون عائداته 600 مليون دولار سنويًا كما يمكن أن يستفاد منه بموجب SWAP أو الحصول على دين على أساسه.
إذًا، هل سيكون عام 2026 عام تسييل جزء من الذهب؟ وهل سيلغي مجلس النواب قانون عام 1986 القاضي بمنع المس بالذهب؟
كل شيء وارد في زمن الانتخابات النيابية. مع الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية جوزاف عون وقع مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي واسترداد الودائع وأحاله إلى مجلس النواب.
الذهب بين خزائن المركزي وقلعة Fort Knox
على كل حال، فإن تعداد الذهب في خزائن مصرف لبنان الفولاذية من قبل شركتي التدقيق المالي kpmg و oliver wyman قد انتهى منذ كان رياض سلامة حاكمًا لا سيما وأنه في بيروت، يوجد 60 % من حجم الذهب. أما في قلعة فورت نوكس Fort Knox المحمية في الولايات المتحدة، فيوجد 40 % من حجم احتياطي الذهب اللبناني، ومن شبه المستحيل التصرف بها سريعًا.
منذ عشرات السنين، وضعت هذه السبائك الذهبية في هذه القلعة المحصنة خصوصًا بعدما رفع لبنان من وتيرة شرائه للذهب في ستينات القرن الماضي، عندما بدأت الحكومات المتعاقبة الشراء لزيادة احتياطيات المصرف المركزي لتتوقف عمليات الشراء عام 1971 حين وصل مخزون الذهب إلى 286.5 طناً أو 10116572 أونصة.
إذا, معركة الذهب تطل برأسها مع العام الجديد، فهل سيوضع المخزون على طاولة القمار من دون محاسبة رموز منظومة الفساد التي بقي الذهب عصيًا عليها طيلة الفترة السابقة؟ فلننتظر.
نخلة عضيمي -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|