الصحافة

من ينزع سلاح الحزب وكيف؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

عدّ ملف إنهاء سلاح "حزب الله" في لبنان من أكثر القضايا الإقليمية تعقيدًا وتشابكًا، حيث تتداخل فيه المصالح الداخلية اللبنانية مع ​الأجندات الإقليمية​ والدولية. وفي ضوء المعطيات الراهنة، يتطلب تحليل هذا الملف مقاربة واقعية تتجاوز الشعارات السياسية المكرّرة وتستند إلى حقائق ميدانية وسياسية صلبة.


تمارس ضغوط مستمرة على لبنان، عسكرياً وسياسياً ومالياً، لحمله على نزع سلاح "حزب الله". ومع ذلك، يقرّ جميع "الضاغطين" بأن أي محاولة لفرض هذا الأمر بالقوة قد يؤدي إلى حرب أهلية مدمّرة، وهو سيناريو يسعى الجميع لتجنبه. إنّ الطبيعة الطائفية للنسيج اللبناني تجعل من أيّ مواجهة داخليّة قابلة للاشتعال بسرعة فائقة، مما يجعل الخيار العسكري الداخلي غير مطروح على محمل الجد من قبل القوى السياسية اللبنانية أو المجتمع الدولي.

على الصعيد الخارجي، يغيب الاستعداد الدولي للانخراط في قتال ميداني مباشر. فحتى إسرائيل، التي تعتبر "حزب الله" تهديداً وجودياً لها، تتفادى التوغل البري الشامل، وتكتفي بضربات جوية دقيقة وبعيدة المدى خشية التورط في حرب استنزاف برية. هذا التجنب للصدام المباشر يؤكد غياب الإرادة العسكرية الدولية لحل المشكلة بالقوة المباشرة الميدانية، مما يدفع نحو البحث عن حلول أخرى. ومقارنة بالتحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الارهابي، الذي استمر لسنوات طويلة- ولا يزال- ولم يؤدِ إلى إنهاء التنظيم بشكل كامل، يظهر جليًا أن القوة العسكرية وحدها ليست كافية لحل القضايا المعقدة والمتجذرة. إن تسريع الخطى لإنهاء سلاح "حزب الله" يواجه تحدياً كبيراً يتمثل في حقيقة أن الحزب جزء لا يتجزأ من النسيج السياسي والاجتماعي اللبناني، وله قاعدة شعبية عريضة تعتبر سلاحه "مقاومة" مشروعة.

وفي ما يتعلق بالمساعي الدبلوماسية، فإن عدم رد إسرائيل على الخيار الذي طرحه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في هذا الخصوص، يظهر عدم رغبة واضحة من الجانب الإسرائيلي في البحث دبلوماسياً لعرض الحلول، أو تقديم ضمانات أمنية للبنان من شأنها أن تسهل عملية نزع السلاح، وهو يزيد الواقع تعقيداً.


في ظل هذه المعطيات المعقدة، تتقلص الخيارات القابلة للتطبيق لنزع سلاح "حزب الله" وتنحصر بالمسارات التالية:

*الحل السياسي الشامل والتفاوضي: يبقى الخيار الأقل كلفة بشرياً. يتطلب هذا المسار تسوية إقليمية ودولية كبرى تشمل إيران، بعد ضم سوريا والفلسطينيين، توفّر فعلياً ضمانات أمنية للبنان وإسرائيل، ومعالجة القضايا الحدودية العالقة، مما يزيل المبرر الرئيسي لوجود السلاح غير الشرعي بيد الحزب. يمكن للحكومة اللبنانية، بدعم دولي.

*الضغوط الاقتصادية والسياسية المركزة: يمكن تكثيف الضغوط المالية والاقتصادية على حزب الله وشبكات تمويله. ورغم أن هذا المسار بطيء ولا يضمن نتائج فورية، فإنه يضعف قدرة الحزب على الاستمرار بنفس الزخم على المدى الطويل. يجب أن تترافق هذه الضغوط مع دعم سخي للمؤسسات الرسميّة اللبنانية، خاصة الجيش، لتعزيز صورتها كمؤسسة جامعة وموثوقة وقادرة على تولي الملف الأمني بمفردها.


*انتظار تغير الظروف الإقليمية: قد لا يكون هناك حل سريع وفعال في المدى المنظور. يرى بعض المحللين أن نزع سلاح الحزب مرهون بتغيرات أوسع في المنطقة، مما يعني أن القضية ستبقى اشبه بقضية ساخنة تربك سياسة لبنان لبعض الوقت.

في المحصلة، لا يوجد حل سحري أو خيار واحد يمكن أن ينهي سلاح الحزب من دون مخاطر جسيمة. إن المسار الواقعي الوحيد يتطلب مزيجاً من الدبلوماسية المعقدة، والضغوط الاقتصادية، وبناء الثقة في الدولة اللبنانية، وكل ذلك ضمن إطار إقليمي يضمن مصالح جميع الأطراف المعنية، مع إدراك أن أي حل عسكري مباشر يمثل وصفة لحرب أهلية وشيكة.

ولكن الواقعية لا يتم احترامها دائماً، لذلك، تبقى الحلول غير الواقعية في بعض الاحيان، هي الاقرب الى التنفيذ، مع كل ما تحمله من تعقيدات وقراءات سلبية، ومعالجات مرحلية لا عمق لها.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا