إسرائيل تستخدم الميكانيزم لتقليص مساحة لبنان التفاوضيّة والحكومة تلتزم الصمت
بعد الإتفاق على تفعيل عمل لجنة مراقبة تطبيق إتفاق وقف إطلاق النار، تكثفت اجتماعاتها، وآخرها يوم أمس الأربعاء، في وقت يتواصل فيه التصعيد الإسرائيلي الميداني والسياسي بشكل متدرج.
بحسب مصادر سياسية متابعة لعمل اللجنة، لم يكن الاجتماع سوى محطّة إضافية في سلسلة من اللقاءات التي تُظهر بوضوح كيف تحاول إسرائيل استخدام هذه اللجنة كأداة ضغط على لبنان فقط، بدل أن تكون آلية لتثبيت الاستقرار أو لمتابعة تنفيذ وقف الأعمال العدائيّة، وتُشير المصادر إلى أنّ العدو الإسرائيلي لا يتعاطى مع اللجنة بجدّية إلا بما يرتبط بلبنان، أما حين يُطرح ما يتعلق بخروقاته فيتصرف بلا مبالاة واضحة ومزعجة.
منذ الاتفاق على وقف إطلاق النار أواخر العام الماضي، لمتتوقف إسرائيل عن تنفيذ أعمال عدوانيّة، من القصف المتقطّع، والاستطلاعات الجوّية اليوميّة، والاستهداف المتكرر لمناطق مأهولة أو تفجير المباني، كلها باتت جزءاً من مشهد يومي هدفه إبقاء الضغط قائماً لكسب تنازلات لبنانيّة، وقد تطوّر هذا النهج من مجرّد رسائل نارية محدودة إلى سياسة ثابتة تقوم على استخدام القوة كغطاء للتفاوض والفرض.
في المقابل، يحاول لبنان منذ بدء عمل لجنة الميكانيزم أنيُثبّت دورها كآلية تفاهم حقيقية تُناقش الخروقات الجوية والاعتداءات البرية المتكرّرة، لكنّ إسرائيل ترفض بشكل قاطع أي التزام، وبحسب المصادر فإن لبنان الذي طالب منذ أسابيع بتفعيل عمل اللجنة، ولاقى مطلبه قبولاً أميركياً، لم يكن ينتظر تكثيف اللقاءات وتقسيمها بين لقاءات أساسية ولقاءات على مستوى اللجان التنفيذية مرتين بالشهر، بل كان يقصد إلزام إسرائيل باحترام قرار وقف إطلاق النار ووقف الخروقات والإنسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة ولو تدريجياً.
هذا التعنت الإسرائيلي المستمر، والذي لمسه مجددا الوفد اللبناني باللجنة خلال الإجتماع الاخير، يجعل كل الملفات التي يمسكها الجيش على الطاولة بلا معنى بالنسبة لأعضاء اللجنة، فالمطلوب دائماً هو ما يقوم به الجيش وما يقوم به لبنان، علماً أن الأخير، بحسب المصادر، يفتح ملفات الخروقات الإسرائيلية اليومية بشكل موثق، ويطالب دائماً بالضغط على تل ابيب، لكن يبدو أنّه يحاول وحيداً، بظل غياب السلطة السياسية التي رفضت حتى الإستماع لطرح قائد الجيش أمام الوزراء والذي اقترح للضغط على اسرائيل واللجنة أن يتم تجميد تطبيق خطّة حصر السلاح جنوب الليطاني بحال استمر التصعيد الإسرائيلي.
ترى المصادر أن تعاطي الحكومة مع هذا الملفّ يُثير الريبة، فلا وزارة الخارجية توثق الخروقات الإسرائيلية بشكل يوميّ ورسمي للأمم المتحدة، ولا يبدو أنّ أحداً بوارد استخدام الضغط على الخارج لفرض بعض المطالب اللبنانيّة، مشيرة إلى أنّ الواقع يُظهر الحكومة عاجزة ومستسلمة وغير راغبة بأن يكون لها موقفاً تصعيدياً، علماً أن حتى عدوى التفاوض التي أطلقها رئيس الجمهورية مؤخراً لم تلقَ تجاوباً اسرائيلياً، وهو ما أكده الرئيس جوزاف عون خلال جلسة الحكومة الأسبوع الماضي.
تؤكد المصادر أن الهدف الإسرائيلي من عمل اللجنة واضح وهو تقليص مساحة لبنان التفاوضية، وتحويل اللجنة إلى أداة رقابة تُستخدم ضد الجيش اللبناني نفسه وضد بيروت، ومؤخراً هناك مساعٍ إسرائيليّة لتقليص اللجنة إلى ثلاثيّة تضم لبنان وإسرائيل وأميركا، وهو ما أغضب فرنسا.
ومع استمرار الخروقات الإسرائيليّة اليومية ورفضها توسيع مهام اللجنة كما اقترح لبنان، يبدو أن الميكانيزم تحوّل فعلياً إلى سلاح أميركي–إسرائيلي بوجه لبنان، ولكن بغلاف أممي قانوني، إنما وبحسب محاضر الاجتماعات فإن إسرائيل لا تُريد للمكانيزم أن تبحث عن استقرار، بل تُريدها جزءاً من استراتيجية متكاملة للضغط على البلد والجيش اللبناني في آنٍ واحد، عبر الجمع بين التصعيد العسكري في الجنوب وتضييق الهامش السياسي في قنوات التفاوض.
محمد علوش -النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|