الصحافة

انتخابات المحامين: معركة أحجام بين "القوات" و"اللكتائب"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

عشية انتخابات نقابة المحامين في بيروت الأحد المقبل لانتخاب نقيب وسبعة أعضاء لمجلس النقابة، أنهت الأحزاب السياسية رسم خريطة تحالفاتها، لتتركز الاجتماعات الحالية على الأصوات التي سيتم تبادلها بين هذه القوى، بانتظار يوم الاقتراع (مع توقع مشاركة أكثر من أربعة آلاف محامٍ)، حيث ستُختبر قدرة كل حزب على الحشد والتجيير، ومدى التزام القواعد بأسماء المرشحين المدعومين من القوى السياسيّة.

فيما يبدو واضحاً أن المعركة تحوّلت من شأن نقابي إلى كباشٍ سياسي عنيف بين حزبي «الكتائب» و«القوّات اللبنانيّة»، إذ يعتبر الطرفان أن الفوز بمنصب النقيب يمنح صاحبه القدرة على تسويق امتلاكه التمثيل المسيحي عشية الانتخابات النيابية المقبلة.

وتتركز المنافسة بين المرشحين الأكثر حظاً، عماد مارتينوس المدعوم من «القوات»، وإيلي بازرلي المدعوم من «الكتائب»، في سيناريو يذكّر بانتخابات النقيب قبل عامين حين فاز فادي المصري المدعوم من الصيفي بفارق ضئيل على المرشح المستقل عبدو لحود المدعوم من معراب. وهو ما يُقلق المستقلين الذين يخشون أن يؤدي تكرار السيناريو إلى مزيد من الشرذمة داخل مجلس النقابة، ويعزز المنافسة بين الحزبين للهيمنة على غالبية الأعضاء وبالتالي على وجهة القرارات.

ولأن أصوات الحزبيين وحدها لا تكفي، خصوصاً أن «الكتائب» و«القوات» يشكّلان قوتين متقاربتين عددياً داخل النقابة، كثّف مارتينوس وبازرلي في الأيام الأخيرة من وتيرة لقاءاتهما مع الزملاء، بمشاركة المرشحين لعضوية مجلس النقابة.

تراشقٌ سياسي

يُحسب لمارتينوس، لكونه مستقلاً وعلى علاقة مع مختلف القوى السياسية، أنّه قادر على حصد أصوات من مختلف التوجّهات، من دون الاعتماد حصراً على قدرة معراب على التجيير، لامتلاكه شبكة علاقات متينة ومباشرة مع المحامين.

ولذلك، يحاول خصومه استهداف نقاط قوّته، إذ تم تداول تسجيلات صوتية مسرّبة لمارتينوس يؤكد فيها إيمانه بمبادئ «القوات» وقربه من رئيسها سمير جعجع، إضافة إلى التركيز على الكلمة التي ألقاها في العشاء السنوي الذي أقامته مصلحة المهن القانونيّة في «القوات» أخيراً، للإيحاء بأنه «ليس مستقلاً مدعوماً من حزب سياسي، بل محسوب على القوات مباشرة». وبحسب مراقبين، أدّى ذلك إلى تراجع التفاعل الشيعي معه بعدما كان متوقعاً أن يحصد أصواتاً شيعية من المحسوبين على الثنائي أو البعيدين عنه.

«ميني تمرّد» في معراب والصيفي

بازرلي بدوره لم يسلم من «الرجم السياسي»، لا سيما مع ما يروّجه خصومه حول عدم اقتناع جزء من الكتائبيين بترشيحه، باعتبار أنّه كان محسوباً على «التيار الوطني الحر»، ما سيدفع كتائبيين إلى التصويت لمرشّح «القوات». ورغم أنّ عدد الكتائبيين الخارجين عن قرار قيادتهم لا يشكّل بلوكاً قادراً على قلب النتيجة، إلا أنّه يُشكّل تحدياً للصيفي، مع تكرار المشهد نفسه كما في الدورة السابقة، حين دعم عدد من الكتائبيين المحامي ألكسندر نجّار على حساب فادي المصري، ما أدّى لاحقاً إلى استقالة النقيب السابق جورج جريج من منصبه نائباً أول لرئيس الحزب. علماً أنّ جريج قرّر هذه المرة أيضاً عدم تأييد بازرلي، مفضّلاً دعم مارتينوس.

الـ«ميني تمرّد» في الصيفي ينسحب أيضاً على معراب مع إصرار «القواتي» إيلي حنّا على الترشّح لمنصب النقيب رغم عدم تبنّيه حزبياً، وهو ما دفع معراب إلى استنفارٍ حزبي لعدم تسرّب أصوات لمصلحة حنّا الخارج عن سيطرتها.

وفي هذا السياق، يُسوّق البعض لاحتمال حصول حنّا على دعم من خصوم «القوات» لإضعاف مرشّحها في الدورة الثانية الحاسمة، بينما تحرص معراب على عدم تكرار سيناريو 2023 عندما انتقل مرشّحها بفارقٍ بسيط إلى الدورة الثانية، وتسعى إلى حصول مارتينوس على فارق يتيح له كسر الخصم نفسياً والإيحاء بأنّ النتيجة محسومة سلفاً، لا سيما أنّ غالبية المحامين يشاركون في الدورة الأولى فقط.

معركة معراب الأساسية هي إيصال مارتينوس، ولو على حساب مرشّحها إلى مجلس النقابة إيلي حشّاش، أولاً لأن منصب النقيب يعدّ رافعة سياسية مسيحية بالدرجة الأولى، وثانياً بسبب مخاوف «القواتيين» مع قدرة الكتائبيين على نسج تحالفات مع القوى الأخرى باعتبارها أقل استفزازاً، خصوصاً أن الصيفي تمكنت، بحسب متابعين، من ضمان أصوات مؤيّدي «حزب الله» و«حركة أمل» في الجولة الأولى بعد اتفاقٍ على تبادل الأصوات، بحيث يمدّ «الثنائي» بازرلي بالأصوات الشيعية، مقابل بلوك كتائبي لمرشحة «حركة أمل» إلى مجلس النقابة سعاد شعيب.
ولا يقل أهمية عن ذلك تحالف «الكتائب» مع «التيّار الوطني الحر»، خصوصاً بعد ما تردد سابقاً عن حجب العونيين أصواتهم عن بازرلي لكونه كان محسوباً عليهم سابقاً قبل أن يتمرّد على قرار التيار بدعم المصري بدلاً من مرشّح ميرنا الشالوحي في الدورة الماضية.

المستقبل مع القوات والتيّار!

دعمُ العونيين لبازرلي سيقابله دعم الكتائبيين لمرشح التيار إلى مجلس النقابة وسيم بو طايع، ما يجعل معركة الأخير أسهل مما كان متوقّعاً، لا سيّما بعدما نسج التيّار تحالفاً آخر مع «تيّار المستقبل» عبر دعم مرشّحه إلى مركز نقيب المحامين في طرابلس الأسبوع الماضي، مقابل تجيير «الأصوات الزرقاء» لبو طايع.

وهذا «الشانتاج» لن يكون حكراً على مرشّح «التيار الوطني الحر» فقط. إذ سيعطي الحريريون أصواتهم لمارتينوس بعدما سحب القواتيون مرشّحهم إلى مركز نقيب طرابلس ودعموا مرشّح «المستقبل» مروان ضاهر، ما قلب النتيجة لمصلحة الأخير.

وإضافةً إلى «المستقبل»، يتوقّع أن تحصل معراب على دعم «حزب الوطنيين الأحرار» الذي يحظى بثقل مؤيّدين من فئاتٍ عمريّة محدّدة وكبار مكاتب المحامين. ومع ذلك، لا يرى متابعون داخل النقابة أنّ هذا التحالف سيؤتي ثماره في ظلّ التشرذم الحاصل بين «النمور»، لا سيّما بعدما جاهر المحامي فؤاد الأسمر، وهو من أكثر الحزبيين حيثيّة داخل النقابة، بدعمه لبازرلي.

وبالتالي، يبدو أنّ التحالف الحزبي المرجّح سيكون بين «القوات» و«المستقبل» لإيصال مرشّح بيت الوسط إلى العضوية، توفيق النويري، في ظل صعوبة معركته بسبب وجود أكثر من مرشّح مسلم قوي إلى المركز نفسه. وتتردّد معلومات عن محاولاته فتح خطوط تواصل «من تحت الطاولة» مع الصيفي لمدّه بعدد من الأصوات، إلا أنّ متابعين يعتبرون هذا الأمر مستحيلاً، لعدم قدرة «الكتائب» على دعم أكثر من مرشّحين مسلمين إلى العضوية كي لا يشكّلا خطراً على بازرلي وموريس الجميّل، فضلاً عن إمكانية أن يثير ذلك ريبة معراب من التحالف مع المستقبل الذي يواجه أيضاً احتمال تشتت الصوت السني في أكثر من جهة.

وما يؤكّد استحالة حصول هذا التوافق ما يتردّد داخل أروقة النقابة عن نيّة «الكتائب» دعم المرشّحة السنيّة عضو مجلس النقابة الحالي مايا شهاب التي تتمتّع بشبكة علاقات واسعة بين زملائها وتحظى بدعم من النقباء السابقين والمكاتب، وهي حضرت أكثر من لقاء مع بازرلي، إضافةً إلى ما يتردد عن تسويق المصري لاسمها بين الكتائبيين.

كذلك سيدعم الكتائبيون المرشح إلى مجلس النقابة نديم حمادة الذي يحظى بتأييد «الحزب التقدّمي الاشتراكي». علماً أنّ حمادة ليس حزبياً، وله علاقات جيدة مع النائبين سامي ونديم الجميّل ومع النقيب الحالي الذي يُحاول تجيير عدد كبير من الأصوات لمصلحته. وإذا كانت المختارة أقرب إلى بازرلي، إلّا أنّها لم تحسم بعد علناً موقفها من المعركة الدائرة بين «الكتائب» و«القوات»، إذ يحضر مسؤولوها اللقاءات مع بازرلي ومارتينوس على حدّ سواء.

 معركة العضويّة: كباشٌ بين المرشحين المسلمين

تتسم المنازلة على عضوية مجلس نقابة المحامين في بيروت بشراسة تفوق حتى معركة النقيب ذات الطابع السياسي. ويشير المتابعون إلى أنّ المقاعد المحسومة قد تتراوح بين 4 و6، مؤكدين أن النتيجة النهائية تعتمد على مدى التزام الأحزاب بالتجيير المتفق عليه مسبقاً، وتوزيع أصواتها على المرشحين المتحالفين معها. فالأحزاب لا تُوجّه كل أصواتها لمصلحة مرشح واحد، بل توزّعها بحسب «اتفاقات» و«شانتاجات» داخلية حول كمية الأصوات المتبادلة، كما تواجه صعوبة في حشد قواعدها من غير الحزبيين للتصويت بكثافة لمرشحين من طوائف أخرى.

ومع كون الكتلة الناخبة الأكبر من المسيحيين، فإن المرشحين المسلمين سيواجهون منافسة شديدة على مقعد أو مقعدين من أصل ثمانية، لتزداد صعوبة المعركة في حال قررت الأحزاب توزيع أصواتها بالتساوي بين حلفائها.

وعليه، ستكون معركة وسيم بو طايع وإيلي حشّاش وموريس الجميّل ووجيه مسعد، والمرشّحين المستقلين المدعومين من «القوات» جورج يزبك ومروان جبر (يحظى الأخير بدعمٍ من النقباء لكونه نجل النقيب السابق نهاد جبر)، أسهل من المرشّحين المسلمين، وهم: توفيق النويري (تيّار المستقبل) ومايا شهاب (مدعومة من النقباء السابقين) ونديم حمادة (الحزب التقدمي الاشتراكي) وسهى الأسعد، ووسام عيد، وسعاد شعيب.

وما يزيد الطين بلّة هو الشرذمة الحاصلة في صفوف الثنائي على مرشّحي العضويّة، إذ يتبنّى محامو «حركة أمل» خيار شعيب رغم التململ في قاعدتهم الشعبيّة من تبنّي مرشّحةٍ سنيّة، خصوصاً بعد غياب الأعضاء الشيعة عن المجلس منذ أكثر من 12 عاماً، في حين تصرّ «الحركة» على دعمها باعتبارها موجودة في النقابة منذ سنوات وتمتلك أرضيّة شعبيّة بغضّ النظر عن طائفتها.
كما يبدو أنّ «حزب الله»، الذي سيدعم أيضاً ترشيحها، قد جنح إلى هذا الخيار على مضضٍ لعدم الافتراق عن «أمل»، علماً أنّ المعلومات تشير إلى أنّ الحزب سيدعم أيضاً الأسعد التي تتمتّع بحيثيّة داخل النقابة، وتحظى بدعمٍ من بعض النقباء وعلى رأسهم ناضر كسبار الذي يتبنّى ترشيحها رسمياً.

ويتوقّع متابعون أن يؤدي تشتت الصوت الشيعي إلى عدم قدرة الثنائي على ضبط قاعدته الشعبيّة بالكامل لناحية التجيير والمشاركة، في ظلّ الاعتداءات الإسرائيليّة في الجنوب والبقاع. كما سينتظر مسؤولو الثنائي في النقابة مدى التزام «الكتائب» بالتجيير ليكون الردّ بالمثل في انتخابات النقيب في الدورتين الأولى والثانية.

في المقابل، فإنّ التململ في قاعدة الثنائي وتجيير الحزب أصواته لمرشّحتين بدلاً من واحدة، قد يؤثّران إيجاباً على معركة المرشّح الشيعي المستقل وسام عيد، الذي تمكّن أخيراً من تنظيم لقاءاتٍ حاشدة في معظم المناطق اللبنانيّة، إضافةً إلى تمتّعه بحيثيّةٍ لافتة بين زملائه وعلاقاتٍ وطيدة مع معظم القوى السياسيّة. كما إنّ اسمه لا يُعدّ مستفزّاً لقاعدة الثنائي، خصوصاً أنّه لم يعلن تحالفه مع أيٍّ من الأحزاب، إلى جانب حصوله على دعمٍ علني من عددٍ من النقباء السابقين، ما يعني إمكانيّة حصوله على أصوات عدد من المعترضين على آليات الترشيح التي اعتُمِدت من قبل الثنائي. وهو أيضاً ما تشير إليه استطلاعات الرأي التي ترجّح حصول مفاجآتٍ لمصلحة غير الحزبيين الذين عملوا بـ«المفرّق» من دون الاعتماد على أصوات الحزبيين الملتزمين.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا