لماذا تُصر إسرائيل على المسار التصعيدي؟!
بعد الأجواء الإيجابية، التي رافقت زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، عادت الأجواء التهويلية، إنطلاقاً من الإعتداء الإسرائيلي في بلدة بليدا، الذي إستدعى موقفاً واضحاً من قبل رئيس الجمهورية جوزاف عون، حيث طلب من الجيش التصدي لأي توغل إسرائيلي، دفاعاً عن الأراضي اللبنانية وسلامة المواطنين، في حين كانت العديد من الوسائل، لا سيما العبرية منها، تتحدث عن أن تل أبيب تتجه إلى رفع وتيرة الإعتداءات التي تقوم بها.
ما تقدم، فتح الباب أمام الكثير من الأسئلة، حول التداعيات التي من الممكن أن تترتب على أي توغل إسرائيلي جديد، لا سيما إذا ما بادر الجيش إلى التصدي له، لكن في المقابل لا يمكن تجاهل المسار الدبلوماسي المتزامن، خصوصاً في ظل المواقف التي تصدر عن بعض المسؤولين الأميركيين، أبرزهم السيناتور ليندسي غراهام، الذي يعتبر من المقربين من الرئيس دونالد ترامب، حيث رأى أن "انضمام الجيش إلى حزب الله في قتال إسرائيل يعرقل جهود مساعدة لبنان"، مشيراً إلى أن "التوغلات الإسرائيلية تهدف إلى قمع عودة ظهور الحزب".
في هذا السياق، تعود مصادر سياسية متابعة، إلى التشديد على أن التهديدات الإسرائيلية لا يمكن أن تُفصل عما هو مطروح على المستوى الدبلوماسي، حيث تبرز المساعي إلى نقل تجربة الإتفاق الذي وقع في قطاع غزة إلى جنوب لبنان، تحديداً بالنسبة إلى ما يتضمنه من نزع السلاح وإقامة منطقة عازلة (تُطرح على أساس أن تكون منطقة إقتصادية)، لكن الخطوة الأولى تفترض العمل على حسم مسألة شكل التفاوض بين الجانبين.
هنا، تشير المصادر نفسها إلى أن واشنطن، بالإضافة إلى تل أبيب، تسعى إلى فرض التفاوض المباشر مع لبنان، الذي لا يزال يرفض ذلك، في حين تبرز مقترحات تقوم على توسيع آلية التفاوض القائمة، عبر لجنة الإشراف على إتفاق وقف إطلاق النار، كي تضم شخصيات مدنية تقنية أو سياسية، ما قد يكون من بين المخارج الممكنة، على قاعدة الحفاظ على التفاوض غير المباشر، بسبب حساسية المسألة لدى الجانب اللبناني، على إعتبار أنها قد تقود إلى خلافات داخلية غير مرغوبة
في الوقت الراهن، السؤال الأبرز على الساحة المحلية يبقى إحتمال أن تبادر إسرائيل إلى شن عدوان شامل، خصوصاً أن هذه الفرضية تم التسويق لها بشكل لافت في الأسابيع الماضية، بحجة أن "حزب الله" يعمل على إعادة بناء قوته، في حين أن الدولة لا تقوم بما هو مطلوب منها بالسرعة اللازمة، مع العلم أن الحزب كان، على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، كان قد أكد أنه كمقاومة جاهز للدفاع، لكن ليس لديه قرار لشن معركة أو مبادرة بالقتال.
بالنسبة إلى المصادر السياسية، ما تقدم يقود إلى معادلة أن الكرة في الملعب الإسرائيلي، حيث تملك تل أبيب وحدها القدرة على تحديد المسار الذي قد تذهب إليه الأوضاع، في المرحلة المقبلة، خصوصاً أنها الجانب الذي يقدم على خرق إتفاق وقف إطلاق النار من جانب واحد، لكنها تشير إلى أن ما ينبغي البحث فيه هو مصلحتها في الذهاب إلى سيناريو العدوان الواسع، على إعتبار أنه يفتح الباب أمام عودة "حزب الله" إلى القتال.
بالإضافة إلى ذلك، تشير المصادر نفسها إلى أنه لا يمكن تجاهل أهمية البحث في حقيقة الموقف الأميركي، نظراً إلى أن واشنطن قد تكون راغبة في الضغط الدبلوماسي والتصعيد العسكري المحدود لا أكثر، أي أنها لا تريد العودة إلى الحرب الشاملة بين الجانبين، خصوصاً أن هذا الأمر، على عكس ما يتوقع الكثيرون، قد يقود إلى تقييد الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها في أكثر من ملف.
في المحصلة، ترجح هذه المصادر، على الأقل في الفترة القريبة، ألاّ يصل أي تصعيد إسرائيلي جديد إلى لحظة العدوان الواسع على لبنان، حيث تعتبر أن رفع وتيرة الإعتداءات، بالإضافة إلى التهديدات، لا تزال تصب في إطار زيادة الضغوط، بهدف دفع الدولة إلى المزيد من الإجراءات على مستوى ملف السلاح، إلى جانب تقديمها تنازلات على مستوى آلية التفاوض، لكنها تشير إلى أن المشكلة تكمن بأن ذلك قد يقود إلى توتير الأجواء الداخلية أكثر.
ماهر الخطيب -النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|