"المبادرة" المصريّة: لا حرب شاملة ولا "هدوء" مجاني
لم تكن زيارة رئيس المخابرات العامة المصرية حسن رشاد إلى بيروت حدثاً بروتوكوليا عابرا، اذ جاء اللواء محملا برسائل سياسية وأمنية واضحة، تحمل بصمات القاهرة التي عادت لتتحرك في الساحة اللبنانية عند لحظة إقليمية شديدة الحساسية. غير ان توقيت الزيارة، ومضمون اللقاءات، وحتى طريقة تسريب المعلومات حولها، توحي جميعها بأن مصر قررت الدخول على خط الحرب اللبنانية - الإسرائيلية المتقطعة، بما يتجاوز الدور التقليدي للوسيط المحايد، إلى موقع "الضامن الإقليمي" القادر على التحدث مع كل الأطراف، خصوصا بعد قمة شرم الشيخ.
مصادر متابعة لمسار الاتصالات كشفت ان تحرك رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية لم يات من فراغ، اذ غداة اعلان رئيس الجمهورية عن استعداد لبنان للتفاوض غير المباشر مع اسرائيل، بعيد قمة شرم الشيخ، حصلت سلسلة اتصالات بين بيروت والقاهرة، طلبا لدعم الاخيرة ومساعدتها في هذا المسار، بعدما تبينت أهمية الدور المصريفي ايجاد التسوية التي تمت في غزة.
وعليه، وفقا للمصادر بدات القاهرة عملية جس نبض للقوى الدولية المعنية، التي تراوحت مواقفها بين داعم وغير مكترث، ما دفع بالرئيس المصري الى اتخاذ القرار بارسال رئيس مخابراته تحديدا، في رسالة حملت عنوانها، في شكلها ومضمونها، لجهة التاكيد على المهمة الامنية - السياسية، المكلف بها.
وتتابع المصادر بان المباحثات التي عقدها مع المسؤولين اللبنانيين انقسمت الى شقين:
-أمني - ميداني، يهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار، بالتنسيق مع واشنطن وباريس والدوحة، وذلك لمنع انزلاق الوضع إلى مواجهة شاملة، انهت إسرائيل اعداد العدة لها، في موازاة تاكيد التقارير الاميركية والغربية، كلام امين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، عن استعادة الحزب لقدراته، استنادا إلى قناعة مصرية بأن أي محاولة لاحتواء التصعيد العسكري دون غطاء سياسي داخلي ستبقى هشة ومؤقتة، لذلك، حمل رشاد رسالة واضحة مفادها: "تثبيت الهدوء يبدأ من الداخل، وليس فقط من الجنوب".
- سياسي ـ تفاوضي، هدفه التجاوب مع اعلان رئيس الجمهورية، من خلال السعي لحل المشاكل العالقة، من خلال تأدية دور الوسيط بين بيروت وتل ابيب، عبر اعتماد استراتيجية "الخطوة مقابل خطوة"، في ما خص الانسحاب من الاراضي اللبنانية، ملف الاسرى، وقف الانتهاكات الجوية، وصولا الى ترسيم الحدود.
وتشير المصادر الى ان القاهرة انطلقت من تجربتها في غزة ومن بنود اتفاق غزة، ليتبين خلال المباحثات ان جزءا كبيرا من الافكار المصرية غير قابلة للتطبيق في لبنان، ولا يمكن اسقاطها على حزب الله، نتيجة التركيبة الديموغرافية والسياسية في لبنان، رغم ان بعض النقاط المطروحة لاقت تجاوبا لبنانيا واضحا.
وختمت المصادر، بانه بدا واضحا للمتابعين لتفاصيل النقاشات، ان الجانب المصري مصر على عدم "تنقيز" الثنائي الشيعي وتحديدا حزب الله، وعدم اظهار المبادرة المصرية موجهة ضد الحزب، كما حاولت بعض الجهات الايحاء والتسريب، خصوصا ان حارة حريك تتعاطى بواقعية مع التحرك المصري، مدركاً أن القاهرة قادرة على القيام بدور لا تقدر عليه أي عاصمة عربية أخرى، لكونها لا تصنف نفسها في خانة المواجهة مع المقاومة، ولا في خانة الاصطفاف الأميركي الكامل.
ميشال نصر -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|