الصحافة

الميكانيزم الأميركي: إدارة الاحتلال والعدوان

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كان لافتاً بيان ​السفارة الأميركية​ في بيروت الصادر بعد اجتماع لجنة مراقبة وتطبيق ​اتفاق وقف إطلاق النار​ الأربعاء الماضي برئاسة مورغان أورتاغوس، إذ لم يكن النص بياناً صحفياً عادياً، بل نصّ سياسي مكتمل العناصر يفضح وظيفة تلك اللجنة وما آلت إليه من تحوّل طرأ على هدف تشكيلها، فتحولت من آلية رقابة على خروقات الإتفاق، إلى أداة محاسبة ل​لبنان​، وجيشه وشعبه، على التزاماته المبالغ بها أصلاً في القرار 1701.

في ظاهر البيان، حديث عن اجتماع في الناقورة، حضور "كبار القادة"، إشادة ب​الجيش اللبناني​، كلام عن "السلام الدائم" و"الاستقرار"، لكن في خلفية السطور، هناك مشهد مختلف كلياً يتمحور حول ​الضغط الأميركي​ الممنهج لتوسيع مهمات الجيش اللبناني بما يتجاوز نص القرار الدولي نفسه، وإعادة تعريف دوره في الجنوب على نحو يخدم استراتيجية إسرائيل لا لبنان.

منذ إنشائها بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، لم تلعب لجنة "الميكانزم" الدور المنتظر منها كمنصة تقنية لتثبيت وقف إطلاق النار ومتابعة الشكاوى من الخروقات، بل تحوّلت إلى منبر سياسي تديره واشنطن عبر جنرالاتها ومستشارتها "أورتاغوس"، لتلقين لبنان ما عليه أن يفعل وكيف ومتى، بينما يُعامل العدو الإسرائيلي كأنه الطرف "المنضبط" الذي يحترم الإتفاقات ويطبقها.

في البيان لا يذكر خرقاً واحداً لإسرائيل، لا طلعة جوية، لا قصفاً، لا اغتيالاً ولا اجتيازاً للخط الأزرق، رغم أن إسرائيل لم تطبق البند الأول والرئيسي في اتفاق وقف إطلاق النار، وهو وقف العمليات العدائية من الطرفين، في المقابل، يفيض الكلام عن "​نزع السلاح​"، وأنفاق تحت الأرض، و"منشآت تُدار من جهات خبيثة".

يطلب الأميركيون من الجيش أن يمدّ انتشاره جنوب الليطاني، بغض النظر عن رأيه وموقفه من الاحتلال الإسرائيلي، وان يتعامل مع المقاومة وكأنها جهة "خبيثة"، وأن ينزع السلاح دون أن يكون مسموحاً له التسلح، وهو ما قاله توم باراك بوضوح، وبالتالي فإن الميكانيزم بقيادة الولايات المتحدة تتصرّف كأن القرار 1701 اتفاق استسلام على مراحل، لا وقفاً لإطلاق النار.

تطبيقاً لبيان السفارة الأميركية حول الميكانيزم ورؤيتها لها، تنفذ إسرائيل عملية توغل في بليدا لإعدام موظف يعمل في البلدية، وتقصف إسرائيل المناطق اللبنانية بحرية، وتجول فوق السرايا الحكومية بطائراتها الحربية والمسيرة، والأخطر هو أنه يُراد ل​لجنة الميكانيزم​ أن توسع حضورها ليطال كل الأراضي اللبنانية من جنوبه إلى شماله وشرقه.

لا شكّ أن توسيع عمل "الميكانزم" ليشمل كل الأراضي اللبنانية يحوّل لبنان كلّه إلى منطقة مراقبة دولية خاضعة للأهواء الإسرائيلية، وعندها يصبح الجيش اللبناني خاضعاً لتقارير تُكتب في غرفٍ مغلقة، وتُرسل إلى العدو قبل أن تصل إلى قيادته التي تقرر تحويلها للجنة أو تنفيذ العدوان بناء عليها، وبالتالي تتحوّل كل حركة في البقاع أو الشمال أو الضاحية إلى "خرق محتمل" لترتيبات وقف الأعمال العدائية بحسب وجهة النظر الإسرائيلية.

يسعى الأميركيون إلى توسيع لجنة الميكانيزم لتكون ساحة تفاوض بين إسرائيل ولبنان، ولكن كيف يمكن التفاوض مع من لم يحترم الاتفاقات سابقاً، ولا يحترم ما نص عليه اتفاق تشكيل اللجنة، ومع من لا يرى بالميكانيزم سوى وسيلة للضغط على لبنان وتبرير الإعتداء عليه بشكل يوميّ؟ فهل يبحث الأميركون عن تغطية لبنانية لهذه الإعتداءات؟

محمد علوش -النشرة

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا