جعجع: أكثر فريقٍ سياسيٍّ يعمل لمصلحة الشيعة في لبنان هو حزب "القوات
"الإسرائيليّون"الذين يخافون من لبنان
أمّا وقد أصبحت ايران خارج أي لعبة جيوسياسية، أو أي لعبة جيوستراتيجية في المنطقة، مع يقيننا القديم بأن لا وجود لأي لاعب آخر سوى اللاعب الأميركي، بمن يريد توم براك الحاقنا بدمشق، وحيث النظام الايديولوجي بالتأويل الدموي للنص القرآني، أم بأورشليم، وحيث النظام الايديولوجي بالتأويل الدموي للنص التوراتي ؟ بطبيعة الحال (ما دمنا قصاصات طائفية)، هناك من يود الالتحاق ببلاد الشام، باعتبارها أرض الخلافة، وهناك من يريد الالتحاق بأرض الميعاد، باعتبارها الخاصرة الشرقية للحضارة اليهومسيحية ...
عدنا الى كل المبعوثين الذين أوفدتهم الولايات المتحدة الى منطقتنا، فقط لابقائنا ندور داخل الحلقة المقفلة، منذ اطلاق «مبدأ ايزنهاور» عام 1957 (لمن يذكر النقطة الرابعة وأكياس الطحين) وحتى الآن. لم نعثر على أي منهم بالشخصية الحلزونية لتوم براك، الذي يمكن اختزال طريقته في الأداء بعبارة «ديبلوماسية الهوارة»، أي ديبلوماسية آلان مرعب وعاصي الحلاني ، لا تنسوا شاربي طوني حنا. هلهلة ديبلوماسية، اذ ما علاقة سمسار عقارات بأزمات الشرق الأوسط، التي كاد هنري كيسنجر يقول انها جعلت الله يصاب بالدوار.
هذا رجل يبني المقابر بالطريقة نفسها التي تبنى بها ناطحات السحاب. هكذا ظهر لنا، وهكذا «اشتغل» في سوريا، حيث بقي يحفر في الظل، لتؤكد المعلومات على قرب التوصل الى اتفاق أمني بين دمشق و"تل أبيب»، يشرع الأبواب أمام سلسلة من الاتفاقات (هكذا قال الرئيس أحمد الشرع)، التي لا بد أن تنتهي برؤية سارة : نتنياهو يتجول في سوق الحميدية وسط تهليل الباعة، بعدما علمنا بعشقها للعباءات الشامية. هنا نستذكر خشية محمد الماغوط من أن «نبدل هذه الرؤوس الخشبية بتلك القباقيب الخشبية». وهذا ما حصل، القباقيب العثمانية يا صاحبي ...
هذا ما يعني واشنطن الآن. وهذا ما كان قد أوضحه دنيس روس منذ سنوات. «احتواء الأشباح التي تخرج من الجدران في سوريا، والتي يمكن أن توقظ كل الأشباح في الشرق الأوسط». آرييل شارون التقط هذه الكلمات ليقول «ان مهمتنا ليست اعادة الأشباح الى الجدران وانما تعليقها على المشانق»، لنستذكر ملاحظة محمد حسنين هيكل بأن سقوط مرتفعات الجولان (والآن سقوط جبل الشيخ)، قد أدى الى سقوط الاستراتيجية السورية، كون هذه المرتفعات جسر العبور (وحيث جسر بنات يعقوب) الى تقطيع أوصال الدولة العبرية.
لبنان لم يعد بـ «العقدة المستحيلة» بعد التغيير الذي حصل في سوريا، ووقوع سوريا تحت الوصاية الأميركية، بخطوط مفتوحة على مصراعيها بين دمشق و"تل أبيب». تلك كانت «الحملة المقدسة» للخليفة العثماني. وبعدما كان يتطلع لتحويل دمشق كمركز للوالي العثماني، اضطر للاكتفاء بحلب، وغداً الموصل. المدينتان جناحا السلطنة، مع بقاء الساحل السوري حيث قضية الغاز، على الطاولة، ومع تردد معلومات تقول أن رجب طيب اردوغان يتطلع أيضاً الى مدينة طرابلس اللبنانية، ودون أن يتنبه الى لعبة «الحاخامات»، وحيث تفكيك تركيا أيضاً، لا سيما بعدما بدأ المعلقون «الاسرائيليون» ينظرون بعيون حمراء الى مسار التكنولوجيا العسكرية على الأرض التركية.
من لا يعلم أن هناك أكثر من جهة تراهن على ازالة حزب الله من الخارطة السياسية، وحتى الديموغرافية في لبنان، فيما تركزت جهود الحزب على ضبط الايقاع الداخلي، لحيلولة دون أي اضطراب أمني يمكن توظيفه باتجاه الصراع الدموي، لا سيما من العدو الاسرائيلي، اذا حلم من تعاقبوا على حكم «اسرائيل»، زعزعة الأسس التي قامت عليها «دولة لبنان الكبير»، وهي الأسس الشديدة اللالتباس، في حين أن الأوليغارشيا التي حكمت البلاد لم تأل جهداً من أجل تحويل الصيغة الخلاقة، بالتفاعل بين الطوائف وبين الثقافات، الى صيغة هشة، بالانغلاق وقابلة في أي لحظة للانكسار أو للانفجار.
هذه المرة لم تأتنا مورغان أورتاغوس (هل حقاً أنها طلبت الالتقاء بهيفاء وهبي ؟) بعصا اشعيا لكي تشق صفوفنا، ولا ببندقية الكاوبوي لتقتل كل من في الحانة، وانما كباحثة عن طريق ما للدخول الى «اللغز اللبناني» لا الى تفكيكه، بعدما كان السفير الأميركي السابق ريتشارد جونز قد قرر قضاء سنوات التقاعد في لبنان، حتى أنه وقّع عقداً للعمل مع جامعة القديس يوسف، ودون أن يدري لماذا وكيف «وقعت بعشق هذا البلد». لكن واشنطن ما لبثت أن دعته الى العودة لخلفيات أمنية.
أكثر من مرة أشرت الى قول ايهود باراك عشية الانسحاب الاسرائيلي من لبنان في أيار 2000 «لقد آن الأوان لخروج جنودنا من جهنم». الآن يحذر جاك نيريا الذي خرج يافعاً من وادي أبو جميل في بيروت من الدخول الى لبنان «لأن قوة هذا البلد في جنونه»، وبعدما كان الكاتب دافيد غروسمان الذي سقط ابنه في وادي الحجير، وكتب حول «بكاء الميركافا»، قد رأى في لبنان «بيت الساحرات». كل شيء يغوي بالدخول اليه «لكنك لا تلبث أن تبحث عن وسيلة للخروج ولو من ثقب الباب». انهم يتذكرون كثيراً ما حدث لهم في لبنان، ليقول الكاتب الشهير عاموس أوز «لقد بدا جنودنا وكأنهم خرجوا للتو من قبورهم».
لكنه جنون نتنياهو الذي يفاخر بأن استنزاف الترسانة العصبية لحزب الله قد تكون أهم من استنزاف ترسانته العسكرية»، فهل حقاً، وكما كان يقول شاوول موفاز أن الحرب مع لبنان أقل خطراً من السلام معه. لا حرب ولا سلام. نطمئنكم ...
نبيه البرجي -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|