الصحافة

"سرايا المقاومة"... ذراع "حزب الله" السني التي انتهى دورها

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

قبل أكثر من ثلاثة عقود، أنشأ "حزب الله" ما يعرف بـ "سرايا المقاومة اللبنانية" كإطار جامع يتجاوز الطابع الشيعي لـ "الحزب". يومها، كان الهدف المعلن هو فتح الباب أمام شبان من مختلف الطوائف، وخصوصًا من السنة، للمشاركة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، في محاولة لتظهير صورة وطنية أوسع للمقاومة. ومع مرور السنوات، توسعت "السرايا" في مناطق صيدا، بيروت، البقاع، وطرابلس، حيث شكّل "الحزب" نواة مجموعات سنية تعمل تحت إشرافه الأمني والعقائدي والمالي.

لكن التجربة لم تدم كما أراد "الحزب"، فبعد الانسحاب الإسرائيلي عام 2000، تراجع مبرر الوجود العسكري، وتحولت "السرايا" إلى أداة سياسية وأمنية بيد "الحزب". لم تعد تواجه إسرائيل بقدر ما انخرطت في الشؤون الداخلية اللبنانية، لتصبح ورقة ضغط يستخدمها "الحزب" حيث يريد التوازن أو الردع في الشارع السني، وهو ما أثار استياء القوى السنية التقليدية التي رأت فيها اختراقًا مقصودًا لبيئتها.

وقد برز اسم "سرايا المقاومة" بشكل كبير خلال أحداث صيدا عام 2013، أثناء المواجهة التي اندلعت بين الجيش اللبناني ومجموعة الشيخ أحمد الأسير. حينها، اتهمت "السرايا" بأنها لعبت دورًا ميدانيًا، وأنها كانت غطاءً لـ "حزب الله" في مواجهة التيار السني المعارض له. منذ ذلك الحين، أصبحت "السرايا" عنوانًا للتوتر بين الحزب والشارع السني، وفقدت غطاءها الشعبي الذي حاول "الحزب" تأمينه عبر بعض النواب والشخصيات السنية الحليفة له.

اليوم، وبعد الحرب الأخيرة وما رافقها من ضربات إسرائيلية موجعة، يتضح أن "سرايا المقاومة" باتت بحكم المنتهية. فـ "الحزب" الذي أسّسها لم يعد قادرًا على تمويلها أو حمايتها، كما أن البيئة التي احتضنتها تخلّت عنها. لم نعد نسمع عن نشاطات أو استعراضات عسكرية، وإن حاول "الحزب" أحيانًا تظهيرها عبر احتفال متواضع، إلا أن الحضور يبقى محدودًا وباهتًا كما يتضح في بعلبك وغيرها من خلال الاحتفالات التي تنظم وكان آخرها أمس، ويعبر عن حالة موت سريري لتنظيم وُلد في ظروف لم تعد قائمة.

الأكثر لفتًا أن "الحزب" نفسه تراجع في تقديم الدعم لعناصر "السرايا"، سواء ماليًا أو معنويًا. المساعدات التي كان يوزعها على المنتسبين باتت تخضع لاستنسابية واضحة وفق عددٍ منهم، وبعض عناصر "السرايا" يشكون من التهميش والإهمال، في وقت تُصرف فيه المساعدات على عناصر "الحزب". ومع اشتداد الحرب الأخيرة العام الماضي واتساع دائرة الاستهدافات الإسرائيلية، لجأ بعض مسؤولي "الحزب" إلى منازل عناصر من "السرايا" للاختباء، ما وضع هؤلاء في دائرة الخطر ودفع كثيرين إلى الابتعاد والانفكاك عن "الحزب" خوفًا على حياتهم.

مصادر محلية في البقاع تؤكد أن عدد المنتسبين الفعليين إلى "السرايا" تراجع إلى أدنى مستوياته، وأن بعض المجموعات تفككت بالكامل. حتى أولئك الذين كانوا يتباهون بانتمائهم، باتوا اليوم يتبرأون من أي صلة بـ"السرايا"، بعدما أدركوا أن "الحزب" تركهم لمصيرهم، وأن مرحلة الاستثمار في "السرايا" السنية انتهت.

في المحصلة، "سرايا المقاومة" لم تعد موجودة إلا في البيانات والخطابات. الواقع الميداني والسياسي يؤكد أن التجربة ماتت سريريًا، وأن "الحزب" الذي أرادها غطاءً وطنيًا بات يرى فيها عبئًا ثقيلًا. ومع تبدل الأولويات وتراجع قدرته على الإنفاق والتجنيد، يتضح أن أفول "السرايا" ليس مجرد نهاية تشكيل ثانوي، بل مؤشر على انكماش نفوذ "الحزب" وفقدانه أدواته القديمة في ضبط الساحة اللبنانية. إنها نهاية مرحلة كان عنوانها الاختراق عبر المقاومة، وبداية أخرى لا يملك فيها "الحزب" إلا القتال وحيدًا داخل بيئة مأزومة ومحاصرة.

عيسى يحيى - نداء الوطن 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا