الصحافة

"القوات" تحاول اغتيال بري سياسياً

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

عندما يتوجّه النائب أنطوان حبشي بهجومه نحو رئيس الجمهورية جوزاف عون، متناولًا علاقته برئيس مجلس النواب نبيه بري، فإنّ في ذلك دلالة واضحة على المسار التصعيدي الذي تنتهجه «معراب» في خطابها السياسي، والذي يتجاوز حدود السجال التقليدي ليطال رمزية الموقع الرئاسي وعلاقات التوازن بين المراجع الدستورية.، فهذا يعبر عن المدى الذي تذهب اليه «معراب» في حربها الضروس على رئيس المجلس «لشيطنته»، حتى لو كان ذلك على حساب تهشيم موقع الرئاسة الاولى، والعلاقة مع رئيس الجمهورية. وهذا ما يضع اكثر من علامة استفهام حول ارتباط هذه الحملة فقط بقانون الانتخاب واقتراع المغتربين! فهل ما يحصل مجرد مواجهة مع بري، باعتباره العائق الاخير امام احتمال تجريد «الثنائي» من «احتكار» التمثيل الشيعي في البرلمان؟ أم ثمة أبعاد اخرى لم تعد خافية على «عين التينة»؟

هذه الحملة تتجاوز «حرتقات» السياسة الداخلية اللبنانية، كما تقول مصادر كتلة «التنمية والتحرير»، ومن التقى رئيس مجلس النواب في الساعات القليلة الماضية، ايقن انه يدرك جيدا طبيعة المواجهة التي تتجاوز كل الشعارات المرفوعة من قبل خصومه، التي تديرهم «معراب» على نحو مباشر. وثمة معطيات بدأت بالتبلور لديه، حيال طبيعة الاستهداف الشخصي الذي يستهدف موقعه كاحد اعمدة «الثنائي»، وصولا الى تنفيذ عملية «اغتيال» سياسي، تشبه ما حصل سابقا مع رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري، حيث نجح هذا الفريق بتنفيذ خطة مشابهة، عبر محاصرته سياسيا وشخصيا، ما ادى الى خروجه من العمل العام، بعد الوشاية به في السعودية، وادارة موجة تحريض ضده في واشنطن، تحت عنوان فشله في المواجهة مع حزب الله.

واليوم تتكرر هذه السردية، لكن بوجه آخر، فالتحريض على بري ينطلق من كونه الدرع الحامي للحزب، والسد المنيع امام هزيمته سياسيا في الداخل، «وتمييع» تسليم سلاحه امام الخارج. ونقطة التحول الاساسية، بحسب تلك الاوساط، كانت خطاب رئيس المجلس في 31 آب، خلال احياء ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، يومها قطع الرئيس بري «الطريق» على محاولات بعض الداخل وكل الخارج لاغرائه بعروض «دسمة»، مقابل التمايز عن موقف حزب الله. فخرج بموقف لا يقبل اي تأويل، متماهيا مع موقف الحزب من مسألة السلاح، وإعادة الاعمار، ومستقبل المقاومة، والاهم من ذلك دور الشيعة في الحياة السياسية اللبنانية. عندها تحوّل بري الى هدف مباشر، باعتباره احد العقبات الكبرى امام استراتيجية اضعاف حزب الله وتحجيم دور «الثنائي»، على قاعدة تدفيع هذا المكون ثمن خياراته، فيما تعتقد «القوات» انها تحولات جذرية بعد الحرب الاخيرة وفي المنطقة، وتحاول الاستفادة منها على الساحة اللبنانية.

ولان تلك القوى تشعر بانها في «سباق مع الوقت»، تستعجل قطف ثمار «الموجة العالية» اميركيا- و»اسرائيليا»، قبل حصول تحولات جديدة في المنطقة. ولهذا يتم التركيز على خطين: - الاول حملة تحريض ممنهجة داخل المملكة العربية السعودية على الرئيس بري ، الذي لا يزال يحظى بتقدير سعودي لدوره. وثمة «لوبي» مدعوم من احدى العواصم العربية، يعمل على محاولة الحد من الاندفاعة السعودية تجاهه، عبر التشكيك «بمصداقيته»، والزعم انه «يراوغ» سياسيا لشراء الوقت لحزب الله، وهو يقول ما لا يضمره.

- الثاني: داخل واشنطن، حيث تنشط الاتصالات مع اعضاء في الكونغرس من اصل لبناني، وآخرين داعمين «لاسرائيل»، لرفع مستوى الضغط على رئيس المجلس، وتحويل التهديدات بوضعه على قائمة العقوبات الى أمر واقع. كما ثمة سعي لرفع مستوى الضغوط على الجالية اللبنانية الشيعية في افريقيا، باعتبارها الرافعة الاساسية ماليا «للثنائي» على نحو عام، وللرئيس بري بشكل خاص، وهي «لعبة» شديدة الخطورة، بدأ بعض رجال الاعمال يشعرون بها من خلال بعض المؤشرات المقلقة.

وفي هذا السياق، تحاول القوى المناهضة لبري، الايحاء بانها تتحرك بأمر عمليات خارجي، لم تثبت صحته بعد، لكن الانتقال الى تعطيل المؤسسات الدستورية، بدأ يطرح اكثر من علامة استفهام حيال تداخل المصالح الخارجية مع تحرك هؤلاء، في ظل شكوك باتت مريبة حول رغبتهم في اجراء الاستحقاق الانتخابي بموعده، لاسباب كثيرة، منها ما يتعلق بالزخم الشيعي وراء «الثنائي»، والذي لن يتغير سواء صوت المغتربين لـ 128 نائب او لم يصوتوا. واذا كان «التغييريون» يرغبون بالتأجيل لان مقاعدهم لم تعد مضمونة، ترغب «القوات» بتأجيل يسمح للمجلس الجديد بانتخاب رئيس الجمهورية الجديد.

ومواكبة لهذه الاستراتيجية، جاءت زيارة مورغان اورتاغوس الى وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد، فاهتمام المبعوثة الاميركية  المفاجىء بالتقديمات السابقة واللاحقة من قبل الدولة اللبنانية لابناء الجنوب، ليس تحولا في السياسة الاميركية تجاه بيئة حزب الله. فبعد نحو عام من الحرب المباشرة، وعامين على معركة الاسناد، بدأ الاميركيون يدركون فداحة تبني استراتيجية الحصار المالي، ومنع هؤلاء من العودة الى الحياة الطبيعية، بعدما اثبتت العديد من المحطات بان النتائج كانت عكسية.

واليوم تقوم اورتاغوس بمهمة «جس نبض» ميدانية للتعرف على الواقع الحالي في سياق البحث عن استراتيجية بديلة، تحت عنوان تقديم بدائل لتلك البيئة، اقله على الصعيد المالي، لمحاولة خلق هوامش داخل الطائفة الشيعية، يمكن البناء عليها في المستقبل. وفي هذا السياق، يأتي ايضا تحريك ملف التعويضات على المتضررين من الحرب في مجلس الوزراء، وان كان الامر حتى الآن يقتصر على وضع «خارطة طريق» حول كيفية صرف الاموال، بانتظار تأمينها، الا ان الخطوة ستفعل فعلها في حال اقتنع الاميركيون، انه حان الوقت لتمويل خطة جديدة.

امام هذه الهجمة، لن يتراجع الرئيس بري قيد انملة عن قناعاته، تقول مصادر «التنمية والتحرير»، يدرك جيدا طبيعة المعركة، ولديه ما يكفي من الخبرة والحنكة لمواجهتها، ومحاولة اغتياله سياسيا هي استراتيجية «بائسة»، وما حصل مع الرئيس الحريري لا يمكن ان يتكرر معه. واذا ظن بعض الواهمين انه قابل «للكسر»، فهم يستهلكون وقتهم وطاقتهم في المكان غير الصحيح.

لكن ما يدعو للقلق، تضيف المصادر، انهم يدفعون البلاد الى «مفترق طرق» خطير، في توقيت شديد الحساسية، بعد ان تحول بري الى رمز للمقاومة السياسية الشيعية، والعمل على اضعافه لا يستهدفه كشخص، بل يأتي في سياق تحجيم دور الطائفة، واعادة رسم توازنات داخلية جديدة. وهذا الامر لن يمر في «عين التينة»، واذا كان بري يكتفي حتى الآن باستراتيجية الدفاع، فهو لن يتوانى عن الانتقال الى «الهجوم» في الوقت المناسب.

ابراهيم ناصر الدين - الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا