في ذكرى الحرب... تصعيدٌ يفاقم المخاوف
أضفت ذكرى مرور سنة على اشتعال الحرب الإسرائيلية على "حزب الله" في لبنان التي اقترنت بحصيلة دامية لغارة إسرائيلية على بنت جبيل، أجواء ملبدة بالغموض المقلق حيال الواقع الميداني الذي يظلل الجنوب وعبره سائر المناطق اللبنانية التي لا تزال عرضة بين الحين والآخر لضربات اسرائيلية، في ظل الاهتزاز الدائم الذي يشوب تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل. وإذا كان الاجتماع الذي عقدته لجنة الإشراف على هذا الاتفاق "الميكانيزم" أمس في الناقورة، في حضور ومشاركة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، أعطى الانطباع حيال تفاقم الوضع الحساس الذي لا يزال يثير المخاوف من تدهور ميداني واسع، سواء انطلاقاً من جنوب الليطاني أو من شماله، فإن السلطات اللبنانية وكذلك الجيش اللبناني يجدون أنفسهم وسط مزيد من التعقيدات الخطيرة في رحلتهما لتنفيذ قرارات مجلس الوزراء المتصلة بحصرية السلاح في يد الدولة. وهي تعقيدات تختصر بنارين: نار إسرائيلية لا تبدو في وارد استجابة مطالب لبنان حتى بوساطة أميركية لإنهاء احتلالها للنقاط الخمس، والتوقف عن الاختراقات المتواصلة لاتفاق وقف الأعمال العدائية لتمكين الجيش اللبناني من تنفيذ التزامات لبنان الكاملة لجهة استكمال تنظيف جنوب الليطاني من كل سلاح غير شرعي، ومن بعده المضي قدماً في خطة حصرية السلاح في كل لبنان. ونار "حزب الله" الذي يقدم بموقفه الرافض التصعيدي لتسليم السلاح وحملاته الشعواء على الحكومة، الذرائع المباشرة لإسرائيل للمضي قدماً في التشكيك بقدرة الجيش والسلطات اللبنانية على تنفيذ التزامات لبنان.
وسط هذه الأجواء الملبدة، قامت أورتاغوس بزيارتها الخاطفة، فيما تزامنت مع زيارة قام بها أيضاً في الأيام الثلاثة الأخيرة لبيروت، مستشار وزير الخارجية السعودي المكلف الملف اللبناني الأمير يزيد بن فرحان، الذي لم تختلف أهداف زيارته أبداً عن اهداف المكوكية الأميركية التي تضطلع بها مورغان أورتاغوس كما توم برّاك من قبل، والتي اختصرتها أوساط معنية بأنها أولوية مستدامة لتسليم السلاح بأسرع ما يمكن. وفيما اقتصرت زيارة أورتاغوس على الاجتماع الأمني في الناقورة ولقاءات عسكرية بعيدة من الأضواء، تميّزت زيارة الموفد السعودي بإجرائه مروحة واسعة جداً من اللقاءات مع نواب وشخصيات طوال الأيام الثلاثة، بدءاً برئيسي الجمهورية جوزف عون والحكومة نواف سلام واتصال برئيس المجلس نبيه بري. وأمس كشف عن لقاءات له مع الرئيس تمام سلام ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل وأعضاء تكتل الاعتدال الوطني، إلى العديد من النواب والسياسيين. وأفيد أن بن فرحان ركّز في لقاءاته على الأهداف الكبرى لدعم المملكة لبنان في مسار استعادة السيادة وحصرية السلاح والإصلاح وإعادة الإعمار. ولم يتطرق إطلاقاً إلى موقف بلاده من "الدعوة" التي وجهها "حزب الله" للتقارب مع السعودية. وأنهى بن فرحان زيارته لبيروت بعد ظهر أمس وذكر أنه يتوجه إلى نيويورك للانضمام إلى الوفد السعودي المشارك في أعمال الدورة العادية للأمم المتحدة.
ولم يتكشف اجتماع اللجنة الخماسية الأمنية في رأس الناقورة بحضور المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس عن نتائج ملموسة علنية من شانها أن تبدل الواقع المأزوم القائم، إذ تركزت المناقشات وفق ما توافر من معلومات على متابعة تنفيذ اتفاق وقف النار، ثم غادرت أورتاغوس بيروت متوجهةً إلى نيويورك، بعد لقاءات مع مسؤولين عسكريين.
وكشف مصدر لبناني أن أورتاغوس عبّرت عن اهتمام أميركي واسع بتقديم دعم مطلق للجيش اللبناني، مؤكدة التزام واشنطن بالاستقرار في لبنان. كما أبلغ الجانب اللبناني الوفد الأميركي أن الخروقات الإسرائيلية المتكررة تعيق أي مساعٍ جديّة لحصر السلاح بيد الدولة، وقد أبدى الوفد الأميركي تجاوبًا إيجابيًا مع المخاوف اللبنانية.
وفي غضون ذلك، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن "انتصارات إسرائيل على حزب الله، وفّرت إمكانية لم تكن حتى في الخيال، وهي إمكانية السلام مع جيراننا في الشمال".
على صعيد متصل، نشرت قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي معطيات وتفاصيل جديدة عن "عملية الشمال" كما أطلق عليها الجيش الإسرائيلي، بعد مرور عام على العملية، وما تلاها من تطورات. ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي مجموعة من الفيديوهات عبر حسابه على "اكس "عن العملية، وقال: "العملية أسفرت عن إلحاق ضرر ملموس بمنظومة القيادة والسيطرة وقوة الرضوان، وتدمير كامل البنى التحتية الحيوية لحزب الله في خط القرى الأول والثاني جنوب لبنان". وبعد عرض تفصيلي للخسائر التي مني بها الحزب، أضاف أدرعي: "منذ انتهاء العملية ودخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، تعمل قيادة المنطقة الشمالية ووحداتها بجهد متواصل لإحباط محاولات حزب الله لإعادة بناء قوته. في هذه الفترة تم القضاء على أكثر من 300 مسلح وضرب أكثر من 300 هدف. كما نفذت الفرقة 91 أكثر من 1000 عملية مداهمة ونشاط عملياتي في المنطقة الدفاعية الأمامية المتقدمة".
وفي منشور آخر، تحدث أدرعي عن محاولات "حزب الله" لـ"إعادة إنشاء مقرات ومخابئ على طول الحدود"، وقال إنه "منذ التوصل إلى وقف إطلاق النار يواصل الجيش الإسرائيلي جهوده لضمان ألا يتمكن حزب الله من العودة لتهديد مواطني الشمال وإعادة ترسانته"، ولكنه تابع أن "حزب الله يحاول إعادة بناء خط القرى على طول الحدود تحت ذريعة إصلاح منازل مدنية، محاولًا إعادة إنشاء مقرات ومخابئ وبنى تحتية تم تدميرها سابقًا"، وأشار إلى أن "الجيش الإسرائيلي لا ولن يسمح بذلك".
وأضاف: "الجيش الإسرائيلي سيواصل تطبيق تفاهمات وقف النار بحزم حتى لا يتمكن حزب الله من العودة إلى هذه الحدود".
هذه الاجواء اقترنت بغارة دامية شنتها مسيّرة إسرائيلية عصر امس على مدينة بنت جبيل واستهدفت سيارة ودراجة، الأمر الذي أدى إلى سقوط خمسة ضحايا من بينهم ثلاثة أطفال وأصيب شخصان اخران بجروح. وأودت الغارة بكل من محمد ماجد مروة وهو عضو في "حزب الله" وشادي صبحي شرارة واطفاله الثلاثة سيلين وهادي وسيلان، فيما الوالدة والبنت الكبرى في حالة دقيقة. وتبين أن العائلة المفجوعة يحمل افرادها الجنسية الأميركية.
وعلّق رئيس الجمهورية جوزف عون على الغارة الإسرائيليّة بالقول: "فيما نحن في نيويورك للبحث في قضايا السلام وحقوق الإنسان، ها هي إسرائيل تمعن في انتهاكاتها المستمرّة للقرارات الدولية وعلى رأسها اتفاق وقف الأعمال العدائية عبر ارتكابها مجزرة جديدة في بنت جبيل ذهب ضحيتها خمسة شهداء بينهم ثلاثة أطفال". وأضاف: "من نيويورك نناشد المجتمع الدولي الذي يتواجد قادته في أروقة الأمم المتحدة بذل كل الجهود لوقف الانتهاكات للقرارات الدولية، لا سيما الدول الراعية لإعلان 27 تشرين الثاني 2024، والضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية والتزام الإعلان المذكور. فلا سلام فوق دماء أطفالنا".
كما دان الرئيس نبيه بري المجزرة، لافتاً إلى أن "هؤلاء اللبنانيين الذين يحملون الجنسية الأميركية هم برسم من كان ملتئماً في الناقورة وبرسم التظاهرة العالمية التي تتوافد إلى نيويورك، ونسأل هل الطفولة اللبنانية هي التي تمثل خطراً وجودياً على الكيان الإسرائيلي؟".
ودان رئيس الحكومة نواف سلام في بيان، المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل في حق المدنيين الأبرياء في الغارة على بنت جبيل، والتي ذهب ضحيتها خمسة شهداء بينهم أطفال.
كيوسك:
لم يتكشف اجتماع اللجنة الخماسية الأمنية في رأس الناقورة بحضور المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس عن نتائج ملموسة علنية من شانها أن تبدل الواقع المأزوم القائم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|